jeudi 20 novembre 2014

«مشروع تعزيز ثقافة حقوق الإنسان والنهوض بها بإقليمي الرشيدية وميدلت» - دورة الرشيدية

إن مشروع تعزيز ثقافة حقوق الإنسان والنهوض بها واحد من الأوراش التي انخرطت فيها شبكة الجمعيات التنموية بواحات الجنوب الشرقي المغربي، المشهورة بسمة (Radose). والمشروع جار إنجازه بدعم من المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، وبشراكة منها، طمعا في استنبات ثقافة حقوق الإنسان لدى النساء والتلاميذ والمنتخبين، ويرجى جعلها ركيزة من ركائز التربية، وثقافة متجلية داخل المجتمع.
أقدمت شبكة الجمعيات التنموية بواحات الجنوب الشرقي، على مواصلة تنفيذ الدورة التكوينية والتحسيسية في إطار «مشروع تعزيز ثقافة حقوق الإنسان والنهوض بها بإقليمي الرشيدية وميدلت»، وذلك بتنظيم دورة تكوينية في أربع ورشات، في حصتين، بواقع ورشتين في كل حصة، للمرة الثانية، بدار الشباب المدينة بمدينة الرشيدية مساء يوم السبت 15 من شهر نونبر من العام 2014، وصباح يوم 16 منه، بدار الشباب المدينة. ولقد سبق أن جرى تنظيم دورة تكوينية في أربع ورشات في حصتين، بواقع ورشتين في كل حصة، للمرة الأولى، بمركز كراندو بإقليم ميدلت، يوم السبت 25 من شهر أكتوبر من العام ، والأحد 26 منه 2014. كلتا الورشتين مقيدة ببرنامج موحد يقضي المرور بخطوات محددة، وملامسة مجموعة من العناصر.
انتظم اليوم الأول في ورشتين اثنثين: حصة «التعريف بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والعهود»، ورشة «الآليات الدولية لحقوق الإنسان».
ففي الورشة الأولى المخصص لها «التعريف بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والعهود»، جرى تقديم كلمة افتتاحية، يعقبها تقديم المشاركين معبرين عن انتظاراتهم، ثم حصل تقديم كل محور ومناقشته وفق التسلسل التالي:
-        السياق العام للموضوع ومناقشته
-        المفاهيم الأساسية لحقوق الإنسان ومناقشة ورقتها
-        المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والعهود  ومناقشتها
-        الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
-        العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
-        العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
-        الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان
وفي الورشة الثانية المعنية بموضوع «الآليات الدولية لحقوق الإنسان»، تقرر أن تعرض وتناقش العناصر التالية:
-        مفهوم آلية حماية حقوق الإنسان
-        التعريف بالآلية الدولية لحقوق الإنسان
-        أي دور لآلية حماية حقوق الإنسان؟
-        قواعد مؤسسة لاشتغال الآلية ومبادئها
-        إشارة إلى الآلية الجهوية لحقوق الإنسان
واستغرق برنامج اليوم الثاني ورشتين اثنثين: ورشة «الممارسة الاتفاقية للمغرب في مجال حقوق الإنسان»، وورشة «الآليات الوطنية لحماية حقوق الإنسان».
في الورشة الأولى التي سمتها « الممارسة الاتفاقية للمغرب في مجال حقوق الإنسان» جرى تثبيت معارف اليوم الأول، ثم تقديم العناصر المدرجة أسفله ومناقشتها:
-        السياق العام للموضوع
-        تحديد معنى الممارسة الاتفاقية
-        مسلسل انخراط المغرب في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان
-        التصديق والملاءمة والتفعيل
وفي الورشة الثانية التي موضوعها «الآليات الوطنية لحماية حقوق الإنسان» حصل تثبيت معارف الورشة السابقة وتقديم العناصر المدرجة أسفله ومناقشتها:
- سياق إنشاء الآليات الوطنية لحقوق الإنسان
- الضمانات الدستورية
- الآليات الحكومية
- الآليات غير الحكومية
- التقييم.
من دعامات الدورة التكوينية ملف مجهز بمجموعة من الوثائق تقارب الدورة: البرنامج في صفحتين، كل صفحة تحوي  برنامج يوم واحد أي: برنامج ورشتين اثنثين، ووثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بما هو المورد الأساسي لحقوق الإنسان، وشمل الملف أربعة بطائق: الأولى حاوية التعريف بالمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، والتعريف بشبكة الجمعيات التنموية بواحات الجنوب الشرقي، ومطوية حول «مشروع تعزيز ثقافة حقوق الإنسان والنهوض بها» حوت «بعض الاتفاقيات الدولية التي صدقها المغرب»، و«بعض آليات حماية حقوق الإنسان بالمغرب»، و«مقتطفات من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، ومقتطفات من «اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة»، و«التعريف بمشروع تعزيز ثقافة حقوق الإنسان والنهوض بها». وورد في البطاقة الثانية القانون الدولي وحماية حقوق الإنسان، وتناولت البطاقة الثالثة نبذة عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأما البطاقة الرابعة فمثبتة في الصفحة الثانية من الملف، وأما الصفحة الأولى منه، فتناولت عنوان المشروع المذكور، والشعار:«جميعا من أجل إشاعة ثقافة حقوق الإنسان».
جرى إنجاز برنامج الورشات الأربع، التي انقطع لتأطيرهما الأستاذ عبد الله حديوي ولحسن ايت الفقيه، على وجهه، وإن حصل بعض الزيغ الذي يفرضه النقاش.
أثناء الافتتاح ود الأستاذ عبد الله حديوي أن يقدم المشروع «مشروع تعزيز ثقافة حقوق الإنسان والنهوض بها بإقليمي الرشيدية وميدلت»، والذي يروم إشاعة ثقافة حقوق الإنسان، و«ما أحوجنا إلى تنمية حقوق الإنسان، لأننا نعيش أوضاع الميز بين الرجل والمرأة، والميز بين الأجيال، والميز بين الطبقات الاجتماعية، والميز في مجال المعتقد، وفي المجال الإثني....ما أحوجنا إلى التشبع بحقوق الإنسان لأن ذلك من شأنه أن يساهم في التنمية الديموقراطية، وفي التنمية المواطنة. إن إشاعة ثقافة حقوق الإنسان مسؤولية، مسؤولية الجميع، وليست مسؤولية حزب، أو نقابة،... وشبكة الجمعيات التنموية بواحات الجنوب الشرقي المغربي، بما هي فاعل يساهم في التنمية المحلية، أطرت مجموعة من اللقاءات والورشات في هذا الاتجاه، أملا في بناء ثقافة الديموقراطية. وإن هذا المشروع الممول من لدن المندوبية الوزارية لحقوق الإنسانية ليساهم في هذا المجهود الكبير. إن هذا النشاط الذي نجريه لهو نشاط ثاني، وقد سبق أن حصل النشاط الأول بمركز كراندو، بإقليم ميدلت غير بعيد عن تزمامارت يوم 25 من شهر أكتوبر من العام 2014 و26 منه». ثم أشار الأستاذ عبد الله حديوي، فانطلق تقديم المشاركين أسمائهم، وصفاتهم، وانتظاراتهم عند الاقتضاء.
وبما أن جريان الورشات الأربع حصر على وجهه، فإنه وجب طمعا في الاختزال والتركيز تصنيف المضامين ثلاثة أصناف: الصنف المفاهيم والذي يستغرق التعاريف، والصنف ذو صلة بالجانب الدولي، والصنف ذو صلة بالجانب الوطني، مع الوقوف عن ما يجب التركيز عنه من المواقف.
أولا: حقوق الإنسان: المفهوم والمبادئ والخصائص
يعني الحق أن يختص الشخص بقيمة ما مادية أو معنوية وفق القانون حمايته، ووفق المصلحة. وأما حقوق الإنسان فهي الحقوق الطبيعية اللصيقة بالإنسان، واللازمة لضمان الكرامة. فالكرامة قيمة ثابتة لكل الأفراد، إلى جانب العدالة والإنصاف، والمساواة وعدم التمييز. والحق صنفان: الحق الفردي، والحق الجماعي. الحق الفردي لكل إنسان كفرد، كالحق في الحياة، والحق في السلامة الشخصية وعبره عدم التعذيب. وأما الحق الجماعي فيعود للشعوب والأقليات الثقافية والعرقية، من ذلك الحق في استعمال اللغة الأصلية والحق في الديانة.
وأما خصائص حقوق الإنسان ومميزاتها فتكمن في كونها –حقوق الإنسان- ملزمة للدول، وغير قابلة للانتزاع ولا التجزئة، ومكفولة دوليا، ومحمية قانونيا، وهي عالمية.
وحقوق الإنسان فئات: الحقوق المدنية، والحقوق السياسية، والحقوق الاقتصادية، والحقوق الاجتماعية، والحقوق البيئية، والحقوق الثقافية.
ثانيا: الآليات الدولية لحقوق الإنسان
طور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولأول مرة في تاريخ البشرية، مفهوم حقوق الإنسان. وينهل الإعلان من ميثاق الأمم المتحدة. وورد في إحدى البطائق المجهزة ملف المشاركة، أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 10 من شهر دجنبر من العام 1948. و«بعد الحرب العالمية الثانية،وإنشاء نظام الأمم المتحدة، تعهد المجتمع الدولي بعدم السماح على الإطلاق بوقوع فظائع من هذا القبيل مرة أخرى. وقد قرر زعماء العالم إكمال ميثاق الأمم المتحدة بخريطة طريق تضمن حقوق كل فرد في أي مكان أو زمان». ويسرد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان طيفا من الحقوق، وبالتالي، فهو منهل جل المواثيق الدولية والعهود التي صدرت بعده. في البدء تفرع عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان العهدان: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وباختصار فالإعلان العلمي لحقوق الإنسان مروحة حاست أشعتها عدة مجالات: المرأة، والطفل، والمعاقين، والمهاجرين، ومحاربة كل أشكال التمييز، ودرء التعذيب...ومادامت بعض الاتفاقيات تنهل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،حبّ أن يطلق عليها «اتفاقيات رئيسية»، من ذلك، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية «ICCPR»، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية «ICESCR»، واتفاقية حقوق الطفل «CRC»، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة «CEDAW»، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية الإنسانية أوالمهينة «CAT»، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري «ICERD».
وكل عهد أو اتفاقية تستغرق آداة قانونية دولية. ذلك أن الاتفاقية بما هي ملزمة تفرض بالضرورة بعض الالتزامات على البلد الذي صدقها. ومن تلك الالتزامات، التنصيص الدستوري، وملاءمة التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية، وسن قوانين جديدة. ولأن بعض الاتفاقيات لا يفتأ مجالها يتسع بإنشاء بروتوكول اختياري ملحق بها. أي إن الضرورة تقضي تقوية الجانب الحماية في نطاق معين منها، أو يحوس الجانب الحمائي فيها مساطر معينة وإجراءات. وتصدق الدول البروتوكول على شاكلة تصديقها الاتفاقيات الملزمة.
ولما كان لكل عهد أو اتفاقية آداة قانونية دولية، وجب الوقوف عند الهيئات التعاهدية (Organes de traité). تتكون الهيئة التعاهدية من مجموعة من الأعضاء/ الخبراء. ويشترط في كل عضو النزاهة «impartialité»، والأخلاق الرفيعة «haute moralité»، والخبرة في مجال حقوق الإنسان. . ويختلف عدد الخبراء من لجنة إلى أخرى، كما تختلف الاتفاقيات حسب عدد الدورات السنوية التي تعقدها لجان. وأما مكان اجتماعها فمدينة جينيف بسويسرا، أو مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، ومدينة جينيف بالنسبة لبعض الاتفاقيات:
- لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري «ICERD»، تستغرق 18 خبيرا، وتعقد دورتين في السنة، وكل دورة تغطي ثلاثة أسابيع.
- لجنة حقوق الإنسان (CDH )، تشمل 18 خبيرا، وتعقد ثلاث دورات في السنة كل دورة تغطي ثلاثة أسابيع.
- لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (CESCR )، تتكون من 18 خبيرا، وتعقد دورتين، كل دورة تغطي ثلاثة أسابيع.
- لجنة سيداو، وتحوي 23 خبيرا، وتعقد ثلاث دورات في السنة، كل دورة تغطي ثلاثة أسابيع.
- لجنة مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية واللإنسانية أو المهينة «CAT»، تتكون من عشر خبراء، تنظم دورتين اثنتين في السنة وكل دورة تغطي ثلاثة أسابيع.
- لجنة حقوق الطفل مكون من 18 عضوا، تجتمع ثلاث مرات في السنة، وكل دورة من دوراتها تدوم ثلاثة أسابيع.
ودون سرد وضع جميع اللجان نسجل أن عدد الخبراء في الهيئات التعاهدية يتراوح بين 23 خبيرا و10 خبرا، أو الغلاف الزماني لكل دورة ثلاثة أسابيع، وأن عدد الدورات يتراوح بين دورتين أو ثلاث في السنة.
وكما تختلف يومية اشتغال اللجان، تختلف دورية استلام التقارير حسب الاتفاقيات:
- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري «ICERD» تفرض تقديم التقرير الأولي « Rapport initial» في ظرف سنة، وأما التقرير الدوري فيقدم كل سنتين، وقد يقدم مشتركا «Combinant»، كل أربع سنوات.
- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يحتم تقديم التقرير الأولي في ظرف سنتين، والتقرير الدوري يقدم كل خمس سنوات.
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يحتم تقديم التقرير الأولي في ظرف سنة واحدة، والتقرير الدوري كل أربع سنوات، في الغالب.
- اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية واللإنسانية أو المهينة «CAT»، واتفاقية سيداو (CEDAW) تشترطان تقديم التقرير الأولي في ظرف سنة واحدة والتقرير الدوري كل أربع سنوات.
- اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولان الملحق بهما تقضي تقديم التقرير الأولي في ظرف سنتين، والتقرير الدوري في ظرف خمس سنوات.
ذلك ما عرض، على سبيل المثال، لبيان الاختلاف في دورية تقديم التقارير حسب الاتفاقيات. وكيف يجري إعداد التقرير وافتحاصه؟ يجري ريث إعداد التقرير إلى مواد الاتفاقية ذات الصلة، ويرجى الإجابة على أسئلة الهيئة التعاهدية المقدمة سلفا، ويرجى أن يحويَ التقرير المعلومات العامة عن البلد الذي يعنيه التقرير ونظامه السياسي، والقضائي، وكل المعلومات ذات الصلة، من ذلك المعلومات الدقيقة حول السياق العام لإعمال حقوق الإنسان في البلد المعني.
        حصل الاجتماع القبلي لأعضاء اللجنة من أجل وضع لائحة النقط الواجب معالجتها «Liste des points à traiter»، وذات الصلة على وجه الخصوص باتفاقية القضاء على جميع أشكال الميز ضد المرأة (CEDAW) ، واتفاقية حقوق الطفل (CRC) ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ICESCR)، وتحمل الدولة الطرف على الرد كتابة، في الغالب، على لائحة النقط الواجب معالجتها. ويمكن للجنة أن تعتمد على التقارير الموازية التي تصدرها بعض الجمعيات. ويفتحص التقرير في جلسة عمومية مفتوحة مصحوبا بالحوار التكويني (Dialogue constructif)، وتودع الملاحظات النهائية، ويجري تتبع التوصيات في الأخير. ولمزيد من الفهم عرضت على المشاركين بعض التقارير.
ثالثا: المغرب وحقوق الإنسان
 أريد طمعا في تنظيم الأفكار وتصنيفها أن يقدم في هذا المحور عرضان: «مسار الانفتاح الديموقراطي والحقوقي بالمغربي»، و«التنصيص الحقوقي في الدستور المغربي».
عرف المغرب مسارا طويلا في الانفتاح الديموقراطي انطلق من التسعينات من القرن.  وقبل ملامسة هذا المسار جدر الحديث عن مفهوم الانتقال الديموقراطي.  عرفت أمريكا اللاتينية، وشرق أوروبا، في الثمانينات، والتسعينات من القرن الماضي، ارتفاع أصوات مطالبة بالعدالة في هاتين المنطقتين، إثر انهيار أنظمة ديكتاتورية، انجرت عنها انتهاكات حقوق الإنسان. وقد دأب، دعاة حقوق الإنسان وغيرهم آنذاك للتصدي لتلك الانتهاكات المنهجية التي اقترفتها الأنظمة السابقة، ولكن دون أن يعصف ذلك بالتحولات السياسية التي تشهدها البلاد. ولما شاع وصف هذه التحولات بـ«الانتقال إلى الديمقراطية»، فقد بدأ الناس يطلقون على هذا المجال الجديد المتعدد التخصصات مصطلح «العدالة الانتقالية».
وورد في العرض مفهوم المنعطف التاريخي الذي يصاحب الانتقال من وضع إلى آخر، بعوامل داخلية، أو خارجية، أو هما معا. وطالما تكون المؤثرات الخارجية حاسمة في التغيير.
عرف المغرب بعض التغيرات، ابتداء من التسعينات من القرن الماضي تمثل في التقدم الملموس الذي عرفته ممارسة حقوق الإنسان بالمغرب، والمتمثلة خاصة في تدشين عدد من أوراش الإصلاح المؤسساتي والقانوني، من ذلك إحداث المحكمة الإدارية يوم 08 من شهر مايو من العام 1990، وإحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وحصل تغيير الكثير من مقتضيات المسطرة الجنائية، وجرى إصلاح مدونة الأسرة والقانون الجبائي وقانون الجنسية، وحصل التفكير في تجريم التحرش الجنسي. وفي تلك الأثناء شاعت ثقافة احترام جسد المرأة، وتوج ذلك كله بتجربة المغرب في مجال العدالة الانتقالية من خلال إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، سنة 2003، والتي عملت على وضع حد لماضي الانتهاكات الجسيمة في مجال حقوق الإنسان، وساهمت في تعزيز مسلسل حماية حقوق الإنسان والنهوض بها. وفي سنة 2008 أعلن عن مسلسل خطة العمل الوطنية في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان.
وأما العرض الثاني حول «التنصيص الحقوقي في الدستور المغربي» فتناول ثلاثة محاور:
- المرجعية الحقوقية في تصدير الدستور المغربي
- تصدير الدستور  والاتفاقيات الدولية
- تطور وضع التصديق على الاتفاقيات والبروتوكولات  في المغرب سنتي 2011 و2012.
سردت أربعة نصوص حواها تصدير الدستور المغرب وجرت مناقشتها وتحليلها مع المشاركين لاستخلاص مباديء حقوق الإنسان منها. متن النص الأول الذي يدور حول التزام المغرب بالمواثيق الدولية:«وإدراكا منها لضرورة تقوية الدور الذي تضطلع به على الصعيد الدولي فإن المملكة المغربية، العضو العامل النشيط في المنظمات الدولية، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات، وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، كما تؤكد عزمها على مواصلة العمل للمحافظة على السلام والمن في العالم». وأما النص الثاني: «حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما، مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق، وعدم قابليتها للتجزئ»، فيتناول التصنيف، صنفي حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني الذي يعتمد في حال الحروب، ويشمل النهوض بحقوق الإنسان، وحمايتها وتطويرها، كما يستغرق بعض المبادئ كالشمولية والكونية (العالمية) التي وقع عليها خلاف بين المتخلين. وأما النص الثالث فيدور حول « حذر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس، أو اللون، أو المعتقد، أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي، أو الجهوي أو اللغة، أو الإعاقة، أو أي وضع شخصي مهما كان». هنا جرى الوقوف عند أسس الميز المذكور مع ذكر الأمثلة. والنص الأخير، فيقضي «جعل الاتفاقيات الدولية كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع تتطلبه تلك المصادقة». فالدستور المغربي ينص على سمو المواثيق الدولية وفق نطاق أحكام الدستور والهوية الوطنية. وورد في النص ملاءمة التشريعات مع ما يتطلبه التصديق. وباختصار حمل الدستور المغربي أربعة أبعاد، سمو المواثيق الدولية، والتنصيص على حقوق الإنسان، أو بمعنى آخر، جعل الدستور سجل لحقوق الإنسان، ودسترة آليات الحكامة، وتجريم الانتهاك. ولكي يعطى للتصدير معنى وجب التذكير بعبارة الدستور: «يشكل هذا التصدير جزءا لا يتجزأ من هذا الدستور، وبالتالي فهو ملزم.
وبعد ذلك جرى الوقوف عند  المحور الثاني من المداخلة والذي انصب على الاتفاقيات الدولية لتضمنها بشكل غير مباشر في الدستور. تصنف الاتفاقيات من حيث القوة القانونية إلى ملزمة وغير ملزمة. فأثناء تصديق الملزم من الاتفاقيات وجب القيام بملاءمة القوانين الوطنية، والتنصيص الدستوري، وسن القوانين المناسبة. ويمكن تصنيف الاتفاقيات من حيث الموضوع إلى اتفاقيات فئوية، واتفاقيات موضوعاتية، والاتفاقيات ذات الارتباط بالقانون الدولي الإنساني. ما هي طبيعة الصكوك الملزمة؟ إنها الميثاق، أو العهد، أو اتفاقية (معاهدة)، أو البروتوكول. وأما غير الملزم فهو العهد، والإعلان، والتوصية، والمبادئ. وجرى عرض جدول مبين للاتفاقيات، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية مناهضة كل أشكال التمييز العنصري، واتفاقية حقوق الطفل، وسيداو، واتفاقية مناهضة التعذيب، والاتفاقية الدولية حول حماية حقوق المهاجرين وأفراد أسرهم، واتفاقية الأشخاص المعاقين. ولم يُغفل الوقوف عند المصدق من الاتفاقيات، أو رفع التحفظ عن البنود في وقت متأخر، من ذلك أن مجلس الحكومة صادق [صدّق] ، يوم الخميس 26 مايو 2011، على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 6 أكتوبر 1999.
وأما المحور الثالث من المداخلة فتناول تطور وضع التصديق على الاتفاقيات والبروتوكولات  في المغرب سنتي 2011 و2012 ، تجلى ذلك في نشر نصوص الاتفاقيات،(قدمت أمثلة مفيدة)، ورفع التحفظات على البروتوكولات، ورفع التحفظات على بعض البنود، وحضـور المنتديات العالمية ذات الصلة. ومثال على ذلك أن  المغرب شارك في المنتدى العالمي حول البرتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب بجينيف يوم 10 من شهر نونبر 2011

و11 منه والذي شعاره الوقاية من التعذيب احترام الكرامة .
وجرى عرض المقالات الصحافية التي تناولت حدث رفع التحفظ المذكور. ولم يغفل الوقوف عند البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب  والذي ينص على «إنشاء نظام قوامه زيارات منتظمة تضطلع بها هيئاتٌ دولية، ووطنية مستقلة، للأماكن  التي يحرم فيها الأشخاص من حريتهم، وذلك بغية منع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية،  أو اللاإنسانية، أو المهينة «، علما أن المادة 22 من الدستور تنص من بين ما تنص عليه أن «ممارسة التعذيب  بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمةٌ يعاقب عليها القانون» .

 وحصل الوقوف عند آليات الحكامة المغربية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الوسيط، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومجلس الجالية المغربية المقيمة في الخارج، والمجلس لاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، والهيئة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، ومجلس المنافسة، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، والمجلس الأعلى للتربي والتكوين والبحث العلمي، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة.

mardi 9 avril 2013

ورزازات: أي موقع للمجتمع المدني في تفعيل الجهوية الموسعة وإرساء الحكامة المحلية؟



في إطار مشروع «تقوية قدرات الفاعلات والفاعلين المحليين وتأهيلها من أجل دعم الحكامة المحلية وتنميتها»، وتماشيا مع الأهداف المسطرة في قانونها الأساسي والمتعلق بالشق التكويني، نظمت جمعية الواحة الخضراء للتنمية والتضامن، بتعاون مع النسيج الجمعوي للتنمية والديمقراطية بزاكورة وجمعية أمكون دادس للتنمية بتنغير، وغرفة التجارة والصناعة والخدمات بورزازات، وبدعم من الصندوق الوطني للديمقراطية المدعو اختصارا (NED  يومين دراسيين من 30 من شهر مارس (أدار) 2013 و31 منه، بمدينة ورزازات حول موضوع «أي موقع للمجتمع المدني في تفعيل الجهوية الموسعة وإرساء آليات الحكامة المحلية»، ولقد توصلنا بمادة وبيانات مفصلة يسرت السبيل إلى إعداد المقال الذي رغب أهل الواحة في نشره موقع الحوار المتمدن الأغر، شاكرين الموقع في البدء والختام.

وقد حضر اليومين الدراسيين وشارك في ندواته عدد كبير من الفاعلين يمثل شريحة واسعة من فعاليات المجتمع المدني والهيئات المنتخبة، والباحثين، والمهتمين بتدبير الشأن المحلي، أغلبهم ينتمي إلى جهة الجنوب الشرقي. كان عدد المشاركين في اليوم الأول 129 شخصا رجالا ونساء، وفي اليوم الثاني ارتفع العدد إلى 150. ينتمي هؤلاء إلى 26 جماعة محلية قروية أو حضرية تنتمي إداريا أحد الأقاليم التالية: فجيج، والرشيدية، وتنغير، وورزازات، وزاكورة، فضلا عن ممثلي بعض الجمعيات قدموا من الرباط ، والدار البيضاء، واليوسفية، وأكادير، وعملت جمعية الواحة الخضراء كدأبها على تصنيف الحضور في اليوم الأول في ثلاثة مبايين أحدهما يمثل الحضور من حيث النوع،  إذ حضر من النساء 45 امرأة بنسبة 35 في المئة، وحضر من الرجال 84 بنسبة 65 في المئة. والرسم الثاني يصنف الحضور، بما هم أشخاص معنويون، يُرى فيه حضور 104 جمعية بنسبة 81 في المئة، و14 مهتما وباحثا بنسبة 11 في المئة، و ثلاثة (3) إعلاميين بنسبة 2 في المئة. وأما الرسم الثالث فبيّن التمثيلية المجالية، لأن الموضوع يتعلق بالجهوية، فيوحي أن كلتي المنطقتين الدار البيضاء وأكادير ممثل حضورها بنسبة 1 في المئة، والرباط واليوسفية وفجيج ممثلة بنسبة 2 في المئة، وحصة الرشيدية في التمثيل 7 في المئة، وارتفعت حصة زاكورة، وتنغير كلتيهما إلى 10 في المئة، وحازت ورزازات بنسبة 66 في المئة.

قرأنا في البرنامج أن اليومين الدراسيين منتظمان في خمس فقرات متكاملة وذات شأوٍ واحد:

-        الافتتاح كان لعرض ثلاث كلمات: الأولى للجمعية المستضيفة الواحة الخضراء للتنمية والتضامن بورزازات، والثانية للنسيج الجمعوي للتنمية والديموقراطية بزاكورة، والأخيرة لجمعية دادس أمكون بإقليم تينغير.

-        الجلسة العامة الأولى خصصت لبيان مجال الممارسة وتأطيره بمداخلة التقية حورية إسلامي حول الدستور الجديد وموقع حقوق الإنسان ومؤسسات الحكامة فيه، والمجتمع المدني ورهانات الديموقراطية التشاركية للأستاذ عبد الرحيم شهيد، والحكامة الترابية وضمنها مقاربة المذكرة 21 المحلية، والتي هي تجربة قبل الأوان للأستاذ لكبير أوحجو.

-        الجلسة العامة الثانية مخصصة لعرض التجارب النموذجية، جرى فيها عرض تجربة جماعة بوعنان بإقليم فجيج، وتجربة جماعة تمزموط بإقليم زاكورة، وتجربة بلدية ورزازات.

-        فقرة الأوراش وفيها انتظم المشاركون في ورشتين اثنتين إحداهما كانت للتأمل في السؤال: أي موقع للمجتمع المدني في مسلسل إعداد مشاريع المخططات الجماعية للتنمية وتنفيذها وتتبعها؟ والورشة الثاني خصص لها معالجة «آليات التواصل والتعبئة بين الجماعات الترابية ومحيطها الخارجي»

-        الجلسة العامة الختامية عرضت فيها خلاصات الأوراش والكلمات الختامية.

-عود على بدء:

 افتتح اليومان الدراسيين على الساعة الثالثة بعد زوال يوم السبت 30 من شهر مارس 2013، كما هو مبين في البرنامج، بكلمات افتتاحية لكل من جمعية الواحة الخضراء للتنمية والتضامن بورزازات، والنسيج الجمعوي للتنمية والديمقراطية بزاكورة، وجمعية دادس امكون للتنمية بإقليم تينغير، حيث شكر في متنها المتدخلون الثلاث الحضور، والجهات الداعمة والمتعاونة، وكل من ساهم في إعداد هذه التظاهر وعمل على تحقيق نجاحها. ومما أبرزوه المتدخلون السياق العام الذي ينعقد فيه اللقاء والمتمثل أساسا في ما يلي :

-        أولا: الحوار الوطني حول المجتمع المدني الذي تشرف عليه الوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، وما صاحبه من وصاية على المجتمع المدني وما يعرفه من إقصاء وتهميش لجمعيات تنمية الديمقراطية، مما جعل مجموعة من الجمعيات تنسحب من هذا الحوار، و تدشن حوارا موازيا.

-        ثانيا: مواصلة النقاش العمومي حول الجهوية الموسعة الذي أعطت انطلاقته الأنسجة الجمعوية والجمعيات، الحقوقية، والجمعيات النسائية وكل الجمعيات التي تروم تنمية الديمقراطية من أجل بلورة تصور مشترك حول موقع المجتمع المدني في تفعيل القانون التنظيمي للجهوية الموسعة .

-        ثالثا: الاستعداد للانتخابات الجماعية وما سيصاحبها من تحيين المخططات الجماعية للتنمية وإعدادها. وبالتالي وجب على المجتمع المدني الوقوف عند بعض تجارب التدبير الجماعي من أجل رصد نقط الضعف، ونقط القوة، والفرص المتاحة والإكراهات .

  رابعا: ضرورة البحث عن كيفية مساهمة الفعاليات المدنية في وضع إطار تنظيري لمأسسة المجتمع المدني ورفع الوصاية عليه في المقام الأول، والتعبئة الشاملة من أجل إعلان موقف موحد حول تفعيل ما جاء في دستور يوليوز2011، في المقام الثاني، وخاصة الشق الوارد في الجهوية ودور المجتمع المدني من خلال حوار موازي للحوار الذي تجريه الحكومة، بما هو يبين نضج هذا المجتمع ومثانته وقوته وفعاليته في المقام وهي خلاصات مهمة وجب تسطيرها لا الوقوف عند استقصائه.

-        خامسا: ذكر الإخوان  بأن مساهمة النسيج الجمعوي لهذه الأقاليم كان دائما قوة اقتراحية وفكرية لخلق دينامية وتحسين ظروف ساكنة المنطقة وسيظل كذلك، واستشهد بعضهم  بأن  70% من الآراء أخذتها اللجنة الملكية الاستشارية حول الجهوية الموسعة ووظفتها أحسن توظيف .

انتقل الحاضرون للجلسة العامة الاولى التي قام بتسييرها الأستاذ أحمد توفيق الزينبي وتكلفت الأخت خديجة الصديقي بكتابة تقريرها:

        تناولت الكلمة في هذه الجلسة الأستاذة حورية اسلامي بمداخلة تحت عنوان «الدستور الجديد: موقع حقوق الإنسان ومؤسسات الحكامة»،أبدت خلالها ملاحظتين هامتين: أولاهما أن الجمعيات رقم مهم في جميع المبادرات. فلا يمكن إلغاء دورها، وثانيهما حضور العنصر النسوي بشكل مكثف تحقيقا للمناصفة.

      وبعد ذلك تطرقت إلى مسألتين: الأولى تتمثل في كون المغرب يتوفر على دستور يمكن اعتباره ميثاقا بين مكونات المجتمع المغربي السياسي والمدني والنقابي والحقوقي. وهو الذ وصفته أنه متقدم لأنه دستر [أسس] مجموعة من الحقوق، والديمقراطية التشاركية، ونص في أكثر من 60 فصلا على مختلف الحقوق، وأشار في ديباجته إلى التنصيص على هذه الحقوق كما هو متعارف عليه دوليا. وأشارت الأستاذة إلى أن دسترة بعض الحقوق قد يراها البعض غير مهمة كالحق في الماء والحصول على المعلومة والحق في الحياة، رغم ما يشوبه من عوارض نتيجة الإبقاء على عقوبة الإعدام، رغم بعض النقائص المتمثلة في إمكانية إدراج المجلس الوطني لحقوق الانسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الأعلى للحسابات والمجلس الأعلى للأمن إلى المواد المتعلقة بالحكامة وحقوق الإنسان.

وأضافت مجموعة من الآليات الدستورية لتفعيل الدستور، حيث إن بعض هذه  الحقوق، وثلة المجالس يتوافر على قوانين تنظيمية تؤطرها والبعض الآخر لا يتوافر عليها، وإن كانت أجندة المخطط التشريعي تشير إلى إمكانية صياغة هذه القوانين برسم السنتين 2013 و2014. لذلك ركزت في المداخلة على ضرورة التدقيق أكثر، لبلوغ شأو مجدٍ، تعيين أعضاء  تلك المجالس بمساطر واضحة وقواعد ديمقراطية. وتساءلت عن علاقة هذه المؤسسات بالحكومة، وكيف يمكن التعامل مع توصياتها وعلاقتها بالسلطتين القضائية والتشريعية من خلال حضورها للمساءلة؟

بعد ذلك تناول الكلمة الأستاذ عبد الرحيم شهيد حول موضوع «المجتمع المدني ورهانات الديمقراطية التشاركية»، ليؤكد في مستهل مداخلته على الغموض الذي يشوب مصطلح الديمقراطية التشاركية، واستمرار الحكومة في تأويل هذا المفهوم من لدن صانعي القرار السياسي، حيث يعتبرون مشاركة المعارضة في الديمقراطية التمثيلية تفعيلا للديمقراطية التشاركية. وأشار أن هناك  ستة رهانات أساساية  وجب بيانها وأخذها بعين الجد من أجل أن يلعب المجتمع المدني الأدوار، و المهام التي أصبح يضطلع بها من خلال الدستور الجديد، و قد أوردها مجملة  في ما يلي :

أولا: رهانات الحركة الجمعوية باعتبارها شريكا أساسيا في إنتاج الترسانة القانونية وصياغتها في إطار تفعيل الدستور وذكر أمثلة شاهدة على ذلك، قانون الجهوية الموسعة والأمازيغية.

ثانيا: رهانات الحركة الجمعوية باعتبارها شريكا في بناء مؤسسات الحكامة والوساطة وحقوق الإنسان.

ثالثا: رهانات الحركة الجمعوية وبناء المؤسسات الجهوية المنتخبة والإقليمية والمحلية.

رابعا: رهانات الحركة الجمعوية في تعزيز الديمقراطية التشاركية عبر إدماج الحركات الاحتجاجية الاجتماعية.

خامسا: رهانات الحركة الجمعوية وبناؤها الذاتي الديمقراطي من خلال تجديد النخب والعمل المشترك وغيرها.

سادسا: رهانات الحركة الجمعوية في تدبير العلاقة مع الجهاز الحكومي من خلال منهجية الحوار وتركيبة اللجان والحسابات السياسية.

وفي آخر المداخلة أشار إلى ضرورة إنهاء مرحلة  الانكفاء على الذات وإطلاق مبادرات معينة، من أجل تفعيل دور المجتمع المدني في تحقيق الديمقراطية المشتركة.

المداخلة الثالثة كانت للدكتور الكبير اوحجو حول موضوع «الحكامة الترابية تجربة مذكرة 21». تطرف فيها إلى ضرورة التذكير بالسياقات والمرجعيات الخاصة بالحكامة الترابية، وبوضع تخطيط ترابي على مستوى الجماعات، وأشار أن ذلك لم يأت داخليا بل جرى في إطار دوري. وللأسف أُقدم على نسخه. ثم انتقل إلى تحديد مفهوم الحكامة الترابية، خصائصها وغاياتها، وأن المذكرة 21 المحلية منبثقة من قمة الأرض للتنمية المستدامة ( ريو 1 ، جوهانسبورغ وريو2) سنة 1992 والتي شعارا لها « نفكر كونيا و نعمل محليا» و تهدف إلى تحقيق غايتين :

-        تبني  مقاربة جديدة للتنمية ترتكز على الجماعات  الترابية المحلية كفاعل أساسي في تدبير الشأن المحلي،

-        تشجيع المبادرات المحلية التي يكون هدفها، على صعيد التراب، هو تنمية الطاقات المحلية من أجل تحقيق تخطيط وتدبير عقلانيين وكفيلين بتحسين ظروف عيش السكان.

 وأشار إلى أن هذه الوثيقة تؤكد على تبني مقاربة تنموية ترابية تأخذ بعين العناية الجانب الاجتماعي والاقتصادي ووسائل العمل والتذكير بالموارد. وانطلق بعد ذلك إلى تحديد مفهوم الحكامة التراب وخصائصها أبعادها وأهدافها وغاياتها. وانتقل بعد ذلك إلى الفصول الدستورية التي تخص التنمية الترابية حيث أُشير إلى دور التنظيمات في إرساء الديمقراطية التشاركية وضرورة فتح نقاش فعال ومتميز مع كل الفاعلين والمواطنين والتنظيمات المحلية من أجل وضع برنامج تنموي طموح. واسترسل في مرتكزات هذا البرنامج: وهي الفعالية الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية، والمجالية، والاستغلال العقلاني للموارد الطبيعية. وكل ذلك في إطار تحقيق غايات أسمى، وهي تحسين ظروف عيش الساكنة، ثم تطرق إلى منهجية العمل المتمثلة في التشخيص التشاركي، والتشاور من أجل إعداد ميثاق يأخذ بعين الاهتمام الإشكالات ذات الأولوية من أجل مخطط العمل القابل للتنفيذ والتقويم والمتابعة والتتبع. وذلك يتطلب توافر قاعدة معلومات عن كل مرحلة من مراحل إنجاز المشروع والتطرق إلى منظومة التكوين، ودعم القدرات الفاعلة، ورفع التحديات التي أسماها الحصيلة المفتقدة. وأكد أنها تجربة قبل الأوان لغلبة الإكراهات المؤسساتية، وغياب تتبع المشاريع. وخلص إلى ضرورة إعادة قراءة المذكرة  في إطار المستجدات الحالية (الدستور، والميثاق الجماعي)، ووضع دليل المخططات الجماعية للتنمية على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي والإقليمي، في إطار تصور متكامل مفاده «نتعلم أن نفكر، ونعمل بصيغة الجمع».

وفي نقاش الجلسة العامة الأولى توفقت جل المداخلات في إغناء ما جاء به مؤطري الجلسة العامة الأولى، وجلها تمحور حول الاهتمام ببناء العقول بدل الجدران، وإعداد نخبة لبلورة موقف موحد ضد ما يحاك ضد الديمقراطية، وضرورة ملاءمة الدستور المغربي لما جاء في المواثيق الدولية وأجرأة الثقافة الحقوقية والديمقراطية التشاركية التي جاءت نتيجة نضالات الديمقراطيين وترسيخهما، وعدم السماح للمحافظين بالإجهاز على هذا المكتسب (الإضراب مثلا). وعن نية الدولة في تحقيق الجهوية الموسعة في إطار اللامركزية واللاتمركز وخطورة مزاوجة السياسي والمدني وتموقع الديمقراطية التشاركية، من هذا التزاوج، وربما ناتج عن الخوف أيضا من وصاية الذات، وعن إمكانية المجتمع المدني في استيعاب ما تطرحه المرحلة (احتجاجات الساكنة – ذكاء حكومي – تشكيك في قدرة المجتمع المدني).

أكد مؤطرو الجلسة  العامة في تفاعلهم مع المتدخلين على ضرورة تبني أطروحة مفادها «نفكر كونيا ونعمل محليا» وكذلك تأهيل الفاعلين من أجل بناء مقاربة بناء الإنسان والتنمية المستدامة، وتشكيل المجتمع المدني على أسس صلبة، واتخاذ مواقف ايجابية في إطار تفاعل داخلي من أجل تحقيق الديمقراطية التشاركية، وأن الأصل هو المشاركة وألا يكرر خطأ مقاطعة الدستور، بل تمت الإشارة من خلال بيان الرباط إلى ملابسة الانسحاب من لجنة الحوار الوطني، والأخذ بالأعراف والقوانين المحلية بصياغة منظومة قوانين لفظ النزاعات وبهذا انتهى لقاء اليوم الأول من الملتقى الجهوي بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بورزازات، يوم 30 من شهر مارس 2013.

          وفي اليوم الثاني خصص الجزء الأول منه لتقديم تجارب التدبير الجماعي بجهة الجنوب الشرقي. وفيه تناول الكلمة في البدء  السيد عبد الله حديوي بصفته رئيسا لجماعة بوعنان إقليم فجيج حيث أشار إلى الموقع الجغرافي للجماعة، وخصائصها وعدد سكانها، ومقوماتها السسيو-اقتصادية، ونقط قوتها وكذا نقط ضعفها والفرص المتاحة لتنميتها وتأهيلها. وانتقل بعد ذلك إلى المنهجية المعتمدة في إعداد المخطط الجماعي للتنمية وما صاحبه من معيقات وإكراهات والمتمثلة في الهجرة ومعيقات طبيعية مرتبطة بالجفاف، وتحديات خاصة بالمجلس نفسه كأمية أعضائه، وعدم استقرارهم بتراب الجماعة.

وقد أوضح أن المجلس الجماعي نجح في إحداث حركة مدنية قادرة على المرافعة بوعي سياسي إذ أن الديمقراطية التشاركية قادرة على ملء فراغات الديمقراطية التمثيلية. وفي هذا الإطار استحضرت مقاربة النوع، وعُدّ إعداد المخطط الجماعي بمثابة تمرين لأعضاء المجلس في إنجاح مطالب السكان وتحقيقها.

          أما المداخلة الثانية فهي للدكتور عبد السلام ماجد بصفته رئيسا لجماعة تامزموط بزاكورة حيث استهل بوصف الجماعة وموقعها وعدد سكانها، ليبين أن ما مكنه من تحقيق آليات التدبير التشاركي، يعود إلى ثلاث أمور وهي مهنته وخبرته في المجتمع المدني، وتلقيه التكوين في دورات مؤطرة من وزارة الداخلية. كما أشار إلى مشاركة المجتمع المدني في مسلسل إعداد  المخطط السريع للجماعة، والذي كان له وقع كبير لدى السكان، حيث أعد 13 مشروعا صُدقت كلها في 20 يوما0 وقد ساعد انخراط المصالح الخارجية في هذا المسلسل في إنجاح جميع مراحله (التشخيص ، والتخطيط والتنفيذ).

          المداخلة الثالثة للسيد رئيس بلدية ورزازات مولاي عبد الرحمن الإدريسي الذي وضح للحاضرين ظروف تسلم مهام المجلس الجديد وملابساته والمتمثلة في عجز مالي ضخم، وإكراهات إدارية ومالية، وربما قد دفع البعض إلى التشكيك في قدرة المجلس على العمل على تحقيق تنمية مستدامة للبلدية، مما دفع المجلس إلى اعتماد مقاربة تشاركية، فاتدعى فيها جميع المتخلين في إطار إعداد تشخيص للمخطط الجماعي، وتخطيطه وتنفيده. وكان الاتفاق عليه بعد عمل 13 ورشة. وقد عمل المجلس على البحث عن طرق تمويل المشاريع المقدمة حيث وصلت إلى 186 مشروعا سواء تلك التي نفذت في إطار مشاريع البلدية أو مشاريع في إطار شراكة أو مشاريع المصالح الخارجية. وركز السيد الرئيس على أهمية المرافعة وأهمية البحث عن مصادر تمويل مشاريع تنموية تدخل في إعداد شبكة طرقية بعدد من الشوارع الرئيسية، والأحياء وإنجاز مشاريع مرتبطة بالماء والكهرباء والتطهير وطرح النفايات والجانب الثقافي والجانب الصحي والتعليمي. كما أشار السيد الرئيس إلى دراسات كثيرة لعدد من المشاريع المستقبلية.

انصب نقاش الجلسة العامة الثانية على تعميم التجارب الناجحة، وأشير فيه أن للمجتمع المدني بصمته الواضحة في إفراز تنمية مستدامة وضرورة إرساء آليات وميكانيزمات من أجل إشراكه في تنفيذ  هذه المخططات تتبع ومواكبتها وتقييمها. وقد حاول رؤساء الجماعات من خلال التفاعل مع المتدخلين توضيح الأسئلة المطروحة والملاحظات والاقتراحات من لدن الحاضرين، إذ ركزوا على أن اللقاء يستهدف تقاسم تجارب التدبير الجماعي و منهجية التعامل مع المجتمع المدني، ودوره في المخططات التنموية، وأكدوا أن المجتمع المدني يجب أن يكون قوة ترافعية واقتراحيه وبالتالي وجب علينا العمل على تأهيله وتقوية قدراته من أجل أن يساهم بشكل فعال في التنمية المحلية، وأشاروا في الأخير إلى ضرورة التنسيق بين الجمعيات وخلق أنسجة وفيدراليات كآليات تساهم في المرافعة من أجل تلبية الحاجيات الأساسية للساكنة .

أما الجزء الثاني من هذا اليوم فقد خصص لورشتين: الورشة الأولى حول: «أي موقع للمجتمع المدني في مسلسل إعداد وتنفيذ وتتبع مشاريع المخططات الجماعية للتنمية؟» أطرها الأستاذ قاسم عبد اللطيف، والورشة الثانية حول: «آليات التواصل والتعبئة بين الجماعات الترابية ومحيطها الخارجي» من تأطير الأستاذ م. أحمد العمراني .

الورشة الأولى : أي موقع للمجتمع المدني في مسلسل إعداد مشاريع المخططات الجماعية للتنمية وتنفيذها وتتبعها ؟

جرى التركيز فيها على محورين أساسيين وهما آليات الحكامة، وموقع المجتمع المدني، وحدود المشاركة. وبعد بيان مجال الاشتغال انقسم المشاركون إلى مجموعتين: الأولى تهتم بدراسة نقط الضعف، والثانية تهتم بنقط قوة المجتمع المدني.

وقد أسفرت نتائج الورشة على ما يلي:

أولا سجل ما ضعف في رأي المشاركين فبرز التواصل، أي: ضعف المقاربة التواصلية، وضعف التشارك لغياب التعبئة، وغياب الثقة، والسلطة الإقليمية داخل المكاتب، واللاوعي بالمسؤولية، والإقصاء من لدن المؤسسات الرسمية. وسجل كمقتراحات غياب التكوينات وضعفها وعدم استمراريتها، والاقتصار على فئات معينة في التكوين، وضعف ملاءمة مضامين التكوينات لحاجيات المجتمع المدني، وعدم مراعاة الجانب الجغرافي. واقترح في مجال الترافع سجل ضعف استراتيجية الترافع، وغياب وثيقة الترافع، والتتبع، المواكبة والتقسيم، واقتصار المؤسسات على عمليات المواكبة، واختلالات على مستوى التسيير. وسجل في هذا الصدد غياب الكفاءات وضعفها والعزوف عن المشاركة في حال تواجدها.

ثانيا ما تقوى حسب الورشة الأولى  يكمن أنه في المرحلة السابقة هناك توافر المجتمع المدني على الموارد البشرية ومشاركتها الفعلية في إعداد المخططات الجماعية للتنمية وهناك فاعلون محليون. وسُجل استحضار جميع المقاربات. وقبل ذلك هناك المرافعة وحركية المجتمع المدني بما هو [هي] قوة اقتراحية وضاغطة في نفس الوقت. ومما سجل كنقط قوة الثقة التي يحظى  بها المجتمع المدني من قبل الساكنة المحلية (عملية القرب)، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وإحداث فرق تنشيط محلية، وإمكانية الوصول إلى الموارد المالية، وإحداث لجنة المساواة وتكافؤ الفرص كقوة اقتراحية، ووجود خلايا محلية لتتبع المشاريع وتنفيذها، والوعي المتنامي للمجتمع المدني بأدواره، وعُدّ المجتمع المدني كمرجعية في إدماج جميع المقاربات (التشاركية، النوع، الاجتماعي...)، وفي الأخير عُدّ المجتمع المدني وسيط بين المجتمع والمنتخبين.

ومما يخص الفرص المتاحة: فقد جرى اعتماد المرجعية الكونية في مجال حقوق الإنسان. وجرت دسترة المجتمع المدني، والديمقراطية التشاركية، وآليات الحكامة، والعرائض الشعبية وتقديم العرائض ومقترح التشريع. ووردت دسترة اللغات، وربط المسؤولية بالمحاسبة، والمساواة والمناصفة الجهوية الموسعة المتقدمة، والمشاركة في وضع السياسات الحكومية من خلال آليات الحكامة. وبعد ذلك عرج الحديث إلى دراسة التحديات التي تواجه المجتمع المدني، وقد جرى التطرق إلى أنه يجب على المجتمع المدني، تملك المعرفة، والمشاركة في التخطيط المجالي، والضغط على صانعي القرار عن طريق المرافعة، وامتلاك المعلومة الوصول إلى الموارد، والقدرة على محاسبة أصحاب المسؤوليات، والتشبيك. ووردت كذلك بصدد الولوج إلى المعلومة علاقة المجتمع المدني مع المؤسسة، والتي يجب أن تطغى عليها المساهمة في تمكين أصحاب القرار والمسؤوليات عبر المعرفة، والمشاركة، وتمكين المعلومة والوصول إلى الموارد، والقدرة على المحاسبة. فالنتيجة المتوصل إليها المساهمة في خلق مجتمع ديمقراطي حداثي.

        وفي ختام الورشة، وبعد دراسة لكل من نقط القوة والضعف التي تعيق عمل المجتمع المدني، وسرد التحديات والإكراهات التي تعيق مسلسل التنمية المستدامة التي يطمح المجتمع المدني في تحقيقها، والعمل على خلق مجتمع ديمقراطي حداثي يستجيب لتطلعات الساكنة، بعد ذلك، قام المشاركون بتقديم الشكر الجزيل لمنشط الورشة وجمعية الواحة الخضراء للتنمية والتضامن بورزازات، على إتاحتهم الفرصة لمناقشة موضوع ذي أهمية قصوى.


الورشة الثانية :  آليات التواصل والتعبئة بين الجماعات الترابية ومحيطها الخارجي، اعتمد من خلالها المسهل على جرد مكونات العالم الخارجي، وتحديد نقط القوة، ونقط الضعف، وكذا الفرص المتاحة، والتحديات. وقد خلصت إلى جرد مكونات العالم الخارجي: المصالح الخارجية والبرامج القطاعية، والمجتمع المدني،  والأحزاب السياسية، والجماعات السلالية، والمقاولات (القطاع الخاص)، والجماعات المتاخمة، والسلطات المحلية، والمواطنات والمواطنين، والمجالس الإقليمية، والجهوي، والغرف البرلمانية. وفي الجرد ورود المجال الجغرافي، والغرف، والخدمات الاجتماعية، والإعلام، والشخصيات المرجعية، والمؤسسات الدينية، والمنظمات وبرامج التعاون الديني، والسياح، والجامعات ومعاهد البحث.

وأما نقط القوة فبعضها مرتبط بمجال الشراكة والتعاون من ذلك توافر الإرادة، وحكامة جيدة (وجود آليات التواصل)، وتوافر موارد بشرية ووجود مرجعية قانونية وتراكم التجارب، والخبرات. ويرتبط البعض الآخر بمجال الاستشارة كمعرفة المجال، والقدرة على الاقتراح، والاشراك والتملك، وموارد ذات خبرة، وتسهيل التدخلات. وهناك نقط قوة مرتبطة بتقديم الخدمات كالتعبير المتواصل على الحاجيات، والوقع الايجابي للخدمات المقدمة، والقرب، وتعبئة الموارد، وبناء ثقة نسبية، واستغلال Tic. ومن نقط القوة ما يرتبط بالتكامل والالتقائية. فمن ذلك تقاسم التجارب، والالتزام، وترشيد الموارد، وترسنة قانونية ملائمة، ووجود مجتمع مدني مواكب، وتتبع مشترك للبنية الترابية.

        وأما نقط الضعف المرتبطة بآليات التواصل والتعبئة بين الجماعات الترابية ومحيطها الخارجي فهي:الوصاية والرقابة الذاتية، والاستغلال، وتعقد المساطر، والارتجالية والتدبير العمراني، وصعوبة الولوج وتداول المعلومة وكلها لصيقة الشراكة والتعاون بما هي نوع العلاقة ومجالها في المحيط الخارجي. وأما تداخل الاختصاصات وتجاوزها، والإقصاء والانفرادية، ولوبيات الضغط، ومشكل الكفاءة اللازمة لتقديم الاستشارة، فهي نقط ضعف مرتبطة بنوع العلاقة المتصلة بالاستشارة. ولنوع العلاقة المتصلة بتقديم الخدمات ضعفها الكامن في جهل المواطنين بالحقوق والواجبات، وفي الخدمات التي  لا ترقى إلى طموحات المواطنين، ورصد ميزانيات تناسب مستوى الخدمة المقدمة، وتفشي مظاهر الفساد. وأما نقط ضعف التكامل والالتقائية فتكمن في تضارب المصالح، وتفاوت المستويات (الرادة، الكفاءة والخبرة)، والاتكالية، والانتدابات حول اتخاذ القرار، والعقبات الإدارية من حيث تضارب البرامج وتداخله. وقد صنف كل ذلك في جدول ذي ثلاثة أعمدة، أولها أنواع العلاقة بما هي علاقة شراكة وتعاون، أو علاقة الاستشارة، أو تقديم الخدمات، أو التكامل والالتقائية، والثاني  نقط الضعف، والثالث نقط القوة.

        وإلى جانب نقط القوة والضعف أوردت الورشة الثانية جدولا آخر يحوي الإكراهات والتحديات من جانب، والفرص المتاحة من جانب آخر. فالإكراهات والتحديات تكمن في الأمية وجل مظاهر الهشاشة  الاجتماعية، واتساع المجال الجغرافي ووعورته، والبعد عن المراكز ( العزلة)، واختلاف اللغات والخطابات، وهشاشة المجال البيئي والطبيعي، وسواد عقليات إدارية مقاومة للتعبير، وطغيان الاستعجالية في تحقيق الحاجيات، وتعدد الخصوصيات، والمتدخلين، وبنيات تحتية ضعيفة تعيق استعمال Tic، وجهل المواطنين بالحقوق والواجبات.

وأما الفرص المتاحة فهي، تنوع المجال الجغرافي، ووجود مؤسسات وسيطة، واستراتيجية جديدة لدى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وتوافر آليات جديدة للحكامة، وبرامج تنموية محلية، وفرز نخب وقيادات قادرة على التنشيط المجالي. ومن الفرص المتاحة أيضا توافر معدات وآليات اتصال متطورة، ومواقع التواصل الاجتماعية، وتطور الأنظمة الاجتماعية، والتحولات الإقليمية، ومناخ سياسي جديد ( هامش الحرية وحقوق الإنسان)، ووجود قوانين تتيح إمكانية  التواصل والتعبئة. وفي الأخير خلصت الورشة بتوصيات كالتالي:

-        تقوية استثمار التكنولوجيات الحديثة في كافة أشكال التواصل مع المحيط.

-        تنظيم أنشطة تواصلية دورية ضمانا لانفتاح المجالس الجماعية على المحيط.

-        تفعيل القوانين وتسطير الضروري منها لضمان التواصل والشفافية.

-        توفير فضاءات جهوية ومحلية لتقوية قدرات الفاعلين.

-        وضع إطار منهجي لتحقيق الالتقائية في المجال.

وبذلك انتهت فعاليات اللقاء الجهوي المنظم من لدن جمعية الواحة الخضراء للتنمية والتضامن بورزازات بتعاون مع النسيج الجمعوي للتنمية والديمقراطية بزاكورة، وجمعية دادس أمكون للتنمية بتنغير، وكذا غرفة التجارة والصناعة والخدمات بورزازات، وبدعم من الصندوق الوطني للديمقراطية وذلك في إطار مشروع تقوية قدرات الفاعلات والفاعلين المحليين من أجل دعم وتنمية الحكامة المحلية وتأهيلها، حيث يكون هذا اللقاء آخر نشاط ضمن هذا المشروع. ومن توصيات اليومين الدراسيين:

-        تأهيل المجتمع المدني بالتكوين والتأطير.

-        إحداث حركية مدنية من أجل بلورة تصور تنموي هادف وفعال وطموح.

-        خلق شبكة للنسيج الجمعوي بالجهة.

-        تبادل التجارب الرائدة.

-        تنسيق بين مختلف الجماعات ومختلف الفعاليات من أجل المرافعة جهويا ومحليا.

-        إعادة قراءة المذكرة 21 جهويا وإقليميا ومحليا.