قُررت، في فقرات مهرجان بوعنان للثقافة الأصيلة، ندوة
حول الوصف في القصيدة الشعرية الشعرية بحوض گير، يوم 05 من شهر فبراير من العام 2016 بالمركب
السوسيوتربوي ببوعنان غرب إقليم فيجيج. ولقد خصصت الندوة لنمطين من الشعر: شعر ذوي
منيع بما هم عرب بني هلال بحوض گير الأسفل، والقصيدة الأمازيغية. يرى الناقد الألماني ليسينج في كتابه
لاوكون أن الشاعر يغلب الفنان لأنه يحيي المشاهد كما هي، أي: يمنح لها الحياة من
جديد. ذلك أن محنة كاهن طروادة لاوكون، الذي لم يخبر سكان طروادة بالخدعة التي
وراء الحصان الخشبي، والذي عذبه الألهة أشد العذاب، أظهره هوميروس في الإلياذة كما
لو كان يعاني من العذاب على الدوام، وأما الرسام فقد يظهر صورة ساكنة، يرسم إحدى
الوضعيات الخالية من الحياة. ذلك هو الفرق بين الرسام والشاعر، فعلى الرغم أن
كلاهما فنان، فإن الشاعر هو الذي يضفي الحياة على المشاهد التي يصفها.
وإذا وضعنا الشعر الأمازيغي في هذا السياق نلفى أن القصيدة الأمازيغية
زاخرة بالحياة. وطمعا في التنوع نأخذ عدة نماذج لتقريب مفهوم الوصف إلى الأذهان.
وكثيرا ما يغلو الشاعر الأمازيغي في الوصف، فيزيغ عادة عن جادة الصواب. وحسبنا أنه
لما احتل المستعمر الفرنسي جبال الأطلس، ووظف لتلك الغاية غير الحسنة القنابل والطائرات
أن أنشد أحدهم بما مفاده:
Taggudi tassa3t
Nna imxalaf sidi rabbi d nnabi
Allig d gan abrid i baxxu
A dv isTiw amm lbazz g tizza
كثر الأمد الذي يختلف فيه الله مع
النبي
ولقد اختلفا الآن
سمحا لهذا الغول أن يفزعنا
مثل النسر في الفجاج
ووردت الأمازيغية وصفها مضمنة في
الشعر الأمازيغي. ولما كان المجال يوسع بالحروب فقد تضمن الشعر ما يفيد ذلك.
ومعلوم أن القبائل التي تستوطن جبال الأطلس لا تفتأ تبحث عن أماكن في الواحات
لضمان أمنها الغذائي بدعم من التمور. ولقد لعب التمر دورا هاما. ومعنى ذلك أنه في الجنوب
الشرقي المغربي، عامة، يستغرق المجال بالضرورة أعشاش النخيل، لما للتمر من دور في
الحروب ومقاومة المجاعة. ولأن قبيلة أيت يحيى، العضو في اتحادية ايت ياف المان، لم
تشارك في معركة تيلوين المندلعة في ربيع سنة 1883 فقد حرمت من نصيبها من التمر في واحة
إگلميمن بحوض غريس.
يقول الشاعر:
Allig ur harigx
Ann nag tadist inw
Ghur udar inw
Addej ann netc idarr
Sallamghawnt
a tiyni
تفسيره:
لما لم أتحرك (لأضع بطني فوق رجلي )
دعني آكل البلوط
متنازلا عن التمر.
يتبين من البيت الشعري أن الحرب تكون
من أجل السيطرة على موارد الماء و المراعي والمحاطب والحصول على مغارس النخيل والزيتون
لدعم مدخرات القبيلة.
ووردت المجالية في الأشعار المنسوبة
إلى بوعمران، وهو شخصية أمازيغية خيالية
نسبت له مجموعة من الحكم والأمثال. والشخصية محور الشفاهية الأمازيغية بجبال
الأطلس الكبير الشرقي.
يقول الشاعر:
Yusf ur tgigh
Ur turwigh
Ann ssinf
Ayedda yegh d tiny
تفسيره:
أنا لم أسم يوسف
ولم ألد يوسف
إنها تناديني لتقول لـي: « عليك
بالفرار والهروب »
والمقطع الشعري المذكور قيل على لسان
بوعمران داهية أمازيغي، يقال أن جماعة من الأعداء أتوا ليقتلوه و لم يجدوا في
الخيمة سوى ابنته التي تشبهه في الذكاء و الدهاء. سألوها : « أين أبوك ؟ » أجابت : « إنه صاعد الجبل لرعي الغنم » أمروها
بأن تناديه. فصاحت : « يا يوسف ! يا يوسف ! ». ولأن الأب لم يسم يوسف و لم يلد
ولدا اسمه يوسف، ولا علاقة له بمن يسمى يوسف. أدرك أن الابنة تأمره بالفرار. و بالفعل
نجا من الموت.
وطالما تعرض الشعراء للمساءلة والاعتقال في أسوأ الأحوال لانتقادهم لانتهاكات
سلطات الحماية الفرنسية وتعذيبهم للسكان المحليين ونفيهم وإعدامهم. و لم ترفع
المحنة عن الشعراء طيلة سنوات الجمر والرصاص. وطالما يصفون هذه الأخطار بالألغاز
والأشعار .
يقول الشاعر:
A muha u hammu
Tellit ala bunt amm uqamri
Tella runda n
rriyan
Ghes ad ur
takkat
معناه:
يا موحى وحمو
إنك قاب قوسين أو أدنى من الانهزام (في لعبة القمار)
يوجد، عند أحدنا زوج من بطاقة الراي: أي الملك (أي رقم
12) فلا تلعب، واحجم عن الإلقاء بورقتك، من فضلك (تجنبا للخسارة)
وكل يعرف لعبة القمار الورقية التي تشتمل على أربعين
ورقة مصنفة إلى عشر مجموعات كل مجموعة تضع أربع بطائق (المجموعة 1 تسمى لاز،
والمجموعة 2 تسمى دوس ... الخ) وهذه المجموعات تخلو من المجموعة 8 و 9 وتحوي
المجموعة 11 كابال و 12 الراي. ونضيف أن الشاعر الأمازيغي فضل، تجنبا للمتابعة
القضائية، تنظيم القصائد الصماء (أضرضور) أي القصائد التي لا تلقى في الأسواق أو
في الحفلات والأعراس. نذكر في هذا الصدد، في سياق القصيدة، أن قائد ملحقة أموگر بشرق دائرة إملشيل الإدارية
أرسل رجلين من القوات المساعدة يعرفون الأمازيغية جيدا للاستخبار على شعراء قبيلة
أيت يحيى بزي مدني، لكن مرادهما لم يتحقق حيث أدركهما احد الشعراء بمحيط رقصة
(أحيدوس) فأنشد على التو البيت المذكور أعلاه. ونورد، هنا، قصة امرأة حررت خليلها
من المشاركة في أحد المعارك حيث صعدت جبلا يعلو ممر المجندين لخوض المعركة تحت
قيادة القائد المدعو أوبنعيسى واختبأت في أدغال شجرة البلوط الأخضر (أخليدج بالأمازيغية).
ولما اقتربت منها قافلة أو بنعيسى أنشدت:
A munnc a laqayd u ben Aissa
Rared asmun inw imezziyn
Ur ighiyy iwabrid Att nekkatn
تفسيره:
أرجوك أيها القائد
أوبنعيسى
أن تسمح لخليلي بالعودة إلي
لأنه قاصر لن يطيق السير لمسافات طويلة.
و حسب ما نقلته الرواية فإن القائد أوبنعيسى أوقف
القافلة وسأل أفرادها: "من منكم تربطه علاقة غرامة بتلك الفتاة؟" فلم
يجب أحد على سؤال القائد. فالفتى المعنى فضل الصمت المطبق لكي لا يسجنه القائد أو
يعذبه. ولكي يلبي القائد رغبة الفتاة المغرمة بأحد الجنود طفق يتفقدهم واحدا واحدا
فعثر على أحد الشبان في يديه آثار الحناء فأمره بالالتحاق بخليلته. وتنبغي الإشارة إلى أنه في العرف الأمازيغي لا
يحق لفتى متزوج لم يقض أسبوعا بجوار زوجته أن يشارك في المعركة أو في أي عمل خطير.
لذلك يمكن القول إن القائد أوبنعيسى كان ينتمي إلى إحدى قبائل الأطلس المتوسط أخطأ
عن غفل أو عن تغافل لذلك أيستيقظ من غفلتك ببيت شعري من تماوايت "التي تنشد
عادة في القمم الجبلية الأطلسية.
تلك هي بعض الأمثلة من الوصف في القصيدة الأمازيغية
والموضوع طويل للغاية.
لحسن ايت الفقيه
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire