vendredi 29 avril 2016

المدرسة الإيكولوجية وحقوق الإنسان بالجنوب الشرقي المغربي



 

لم تعد المؤسسة التعليمية قادرة، أمام مثبطات المحيط، على تأدية واجبها وتبليغ الرسالة. ولقد ثبت أن للحياة المدرسية وقعها على تخلف الآداء وتقدمه. والحياة المدرسية شأن يتراءى متوقفا على إرادة الذين كتب عليهم أن يعيشوا تلك الحياة. فلا مجال للإلقاء باللائمة على الدولة والحكومة إن تخلف الآداء في المؤسسة التعليمية. ولقد شاءت الصدف اكتشاف مؤسسة تعليمية ما حدث أن ركنت لأجهزة الدولة أو اعتمدت عليها فهي صنيعة شخصين: أحدهما النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بالرشيدية سابقا السيد موحى درقاوي الذي حسبه الكل مجازفا في إحداث أنوية لمؤسسات تعليمية ثانوية إعدادية بهوامش الوسط القروي، فثبت الزمان أنه على درجة عالية من الذكاء والنظر، والآخر مدير الثانوية الإعدادية معركة البطحاء بجماعة فزنا بإقليم الرشيدية عبد الخالق عماري الذي عزم لينشئ فضاء إيكولوجيا يتداخل فيه التربوي والحقوقي والبيئي في وسط يتصف بالهشاشة. لسنا هنا لنؤرخ لشخصين بل لتتبع مسلسل إنشاء مدرسة إيكولوجيا بقلب الواحة الهشة حيث الندرة الفائقة في كل شيء.
تقع الثانوية الإعدادية معركة البطحاء بالتجمع القروي فزنا بإقليم الرشيدية. كانت البداية نواة تابعة الإعدادية النخيل الكائنة بالتجمع القروي حنابو بمقر الجماعة القروية بفزنا في الموسم الدراسي 2001-2002 وابتداء من سنة 2007 انتقلت المؤسسة إلى المقر الجديد قرب الجماعة القروية المذكورة حاملة اسم إعدادية العشورية ومنذ سنة 2009 نشأت المؤسسة تحمل اسم ثانوية البطحاء الإعدادية. ويعود اسم «معركة البطحاء» إلى تلك المعركة التي وقعت يوم 9 من شهر غشت من العام1918 بين المقاومين وجيش الاحتلال الفرنسي، حاز فيها المقاومون الانتصار بالريصاني. ولما كانت الذاكرة تحافظ على مثل هذه الوقائع فقد طفا التذكر ريث احتفال المؤسسة باليوم الوطني للمقاومة الذي صادف يوم 18 من شهر يونيو من العام 2009 فكان تخليد معركة البطحاء بإطلاقها اسما على الثانوية الإعدادية المذكورة. والبطحاء كذلك اسم يعين المنبسط الذي تموضعت فيه الثانوية الإعدادية المذكورة .يعود الفضل في إحداث الأنوية المدرسية للثانويات الإعدادية إلى السيد موحى درقاوي النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بإقليم الرشيدية من سنة 2000 إلى سنة 2005، والسنة في العرف المدرسي تبدأ مع بداية شهر شتنبر وتنتهي في متم شهر يوليوز، وتجدر الإشارة إلى أن إقدام النائب المذكور على هذه المجازفة،(وجب أن ننعثها بالمجازفة في البدء قبل أن تتراءى انقلابا جدريا في تمدرس الفتاة بالوسط القروي)، كان لغاية «تشجيع التمدرس بالجماعة الترابية فزنا، ومحاربة الهدرالمدرسي خاصة في صفوف الفتيات» حسب ما ورد في مطوية وثائقية متوافرة في إدارة المؤسسة. ولقد تحقق المراد الذي من أجله بنيت المؤسسة في عقد من الزمان، ويتجلى ذلك المراد في «ارتفاع نسبة مواظبة التلاميذ والأطر العاملة بالمؤسسة»، وفي «تراجع استهلاك الماء الصالح للشرب حيث يبلغ متوسط الاستهلاك الشهري 300 درهم»، وفي «دعم المهتمين بالبيئة لجهود المؤسسة حيث أصبحت قبلة لزوار الجماعة الترابية فزنا التي أضحت تستفيد من دعم potفي إطار برنامج واحات متأقلمة»فمن تلك الزيارات «زيارة العداءة العالمية نزهة بدوان للمؤسسة في إطار الاحتفال باليوم العالمي للبيئة يوم 7 ماي 2014 ومن تلك الزيارات «زيارة الكاتب العام لوزارة التعمير وإعداد التراب الوطني يوم 8 من شهر أكتوبر من العام2015»، و«زيارة مؤسسات تعليمية للمؤسسة قصد الاستفادة من التجربة وتوسيع التجربة»و«زيارة السيدة الوزيرة حكيمة الحيطي في إطار الاحتفال باليوم العالمي للأرض يوم 22/4/2015»وحققت المؤسسة شأوها بالمشاركة في المؤتمر العالمي للبيئة بمراكش سنة 2012، واحتضانها احتفال النيابة باليوم العالمي للأرض يوم 17 من شهر أبريل من العام 2010، و«المشاركة في المنتدى الجهوي للتنوع البيولوجي بمكناس»يوم 10 من شهر دجنبر من العام 2010 و11 منه»، والمشاركة «في المنتدى الجهوي الأول تحت شعار «صحتي سليمة وبيئة بدون تدخين»يوم 11 من شهر مايو من العام 2010، و«تحسن فضاءات المؤسسة مما وفر بيئة ملائمة للعمل والدراسة». وتحقق الشأو أيضا بتراجع «نسبة الهدر المدرسي في صفوف الفتيات تحسن النتائج الدراسية» وفي «مشروع «المؤسسات التعليمية شريك أساسي في تنمية الواحة وحمايتها: الثانوية الإعدادية البطحاء نموذجا». فما هي خصائص هذا المشروع؟
ورد في الوثيقة المطوية، ويبدو أن الأستاذ عبد الخالق عماري مدير المؤسسة نشر مضمونها، في موقع الرشيدية 24 الإليكتروني، أن ذلك المشروع «ثمرة المشروع السابق خاصة على مستوى الإشعاع الذي أصبح للمؤسسة على مستوى الاهتمام بالبيئة حيث رفعت شعار«جميعا من أجل مؤسسات إيكولوجية متفاعلة مع محيطها البيئي»، وانجر ذلك المشروع «بشراكة مع برنامج واحات تافيلالت pot ملتزم «بتمويل المشروع بما قيمة 32 مليون ستنيم». وبذلك التمويل تتمكن المؤسسة من دعم تجهيزاتها بمحطة الضخ بالطاقة الشمسية «تجهيز المزرعة بتجهيزات بمعدات التقطير الموضعي»، و«تجهيز المؤسسة بالعتاد المكتبي والمعلوماتي»، و«تهيئة فضاء المؤسسة». ويقابل التجهيز الذي وفره برنامج واحات تافيلالت أن «التزمت المؤسسة بالانخراط في جهود التربية على حماية البيئة بالواحة والتأقلم مع التغيرات المناخية». ومن خصائص التجربة «تنظيم ندوات بيئية ولقاءات وأنشطة بيئية متنوعة تحت إشراف نادي التربية على حماية البيئة والصحة المدرسية»، و«انضباط التلاميذ وانخراطهم الإيجابي في كل الأنشطة التربوية والسهر على صيانة مرافق المؤسسة ونظافتها». ومن خصائصها «تنامي المواقف الإيجابية اتجاه البيئة داخل المؤسسة وخارجها». اعتمدت المؤسسة، وهي عازمة تجاوز عدة مثبطات منها ما له صلة بالمحيط البيئي وما له صلة بالبنية السوسيوثقافية بعض المقاربات التربوية. فمن ذلك «المقاربة التشاركية والحكامة الجيدة في التدبير الإداري والتربوي والمالي من خلال تفعيل مجالس المؤسسة والجمعيات المدرسية». ومنها «الانفتاح على المحيط بكل مكوناته والتفاعل إيجابيا مع كل المبادرات المشجعة على التمدرس في إطار الشراكات»واعتمدت المؤسسة كذلك «المقاربة النوعية والمناصفة بين الذكور والإناث في مختلف الهياكل التنظيمية التي تمثل التلاميذ: (برلمان المؤسسة، شرطة حماية البيئة، والفضاء التربوي، والأندية التربوية...)»ولم تغفل المؤسسة اعتماد «إستراتيجية مشروع المؤسسة كآلية ومنهجية للتدبير التربوي والإداري والمادي منذ سنة 2009». ولئن كانت المدرسة الإيكولوجية، من حيث طابعها العام، تنجح حيث يسود الاخضرار ومحيط بيئي يتوافر من الماء والرطوبة والتربة ما يضمن بعض الإمكانيات فإن إحداث مدرسة إيكولوجيا بالتجمع العمراني فزنا حيث الرمل والحجر وندرة الماء يطرح تحديا أمام الثانوية الإعدادية معركة البطحاء فكيف حصل تجاوز المصاعب؟
ودعي السيد عبد الخالق عماري مدير الثانوية الإعدادية البطحاء لإلقاء مداخلة صباح يوم الخميس 28 من شهر أبريل من العام 2016، تحت عنوان «المؤسسة التعليمية شريك أساسي في تنمية الواحة وحمايتها: ثانوية معركة البطحاء الإعدادية نموذجا»، وضمن أعمال الندوة العلمية بعنوان: التربية البيئية ودورها في تحقيق التنمية المستدامة، وهي الندوة التي نظمتها «مجلة كراسات تربوية»بشراكة مع جمعية مهرجان الخطارات الجرف وبتنسيق مع مركز دراسة المجالات الواحية والصحراوية بالجرف وتنميتها أشار السيد المدير أن الثانوية الإعدادية معركة البطحاء بنيت في منبسط تكتسحه الزوابع الرملية بشكل يتعذر معه الاشتغال بكل أريحية وبسط السيد المدير انه لرفع التحدي وضعت المؤسسة غاية صيغت على شكل رؤية مفادها بالحرف: «من أجل مؤسسة تعليمية إيكولوجية منفتحة ومتفاعلة مع المحيط البيئي تحقق جودة التعلمات والنتائج الدراسية» مؤسسة تدرج «التربية البيئية في صلب اهتمامها، وتجعلها في خدمة التمدرس» وذلك راجع إلى إنجاز مجموعة من المشاريع، أهمها مشروع شجرة  لكل تلميذ. فكيف أنجز المشروع؟ جرى المشروع «بشراكة مع مندوبية المياه والغابات خلال الموسمين الدراسيين 2007/2008 و2008/2009». وكان الهدف «إنشاء حزام أخضر وفضاءات خضراء بالمؤسسة لتوفير ظروف بيئية ملائمة للتمدرس، والتربية على حماية البيئة والصحة» المدرسية للانخراط في جهود حماية البيئة بالواحة والتأقلم مع التغيرات المناخية والمساهمة في بلورة الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة». هنالك جرت «صياغة ميثاق البيئة وقواعد التربية على حماية البيئة وإنشاء شرطة حماية البيئة والقضاء التربوي». ولم يغفل الأستاذ عبد الخالق عماري عرض الصور عن وضع المؤسسة من قبل حيث تشكل بطحاء من الرمل والحجر ووضعها من بعد لما أصبحت بستانا منظما على شكل رستاقات يحوي بعضها المغروسات والبعض الآخر المزروعات في صنفين الصنف العصري والتقليدي. وتنتظم تلك الرستاقات بين البنايات الوظيفية للمؤسسة: حجرات الدرس ومكاتب الإدارة. ولضيق الوقت المخصص لمداخلته دعا المشاركين في ندوة «التربية البيئية ودورها في تحقيق التنمية المستدامة» أن يزوروا الثانوية الإعدادية المذكورة عقب انتهاء أشغال الندوة ما دام فضاء الندوة، الجماعة المحلية بفزنا، مجاور للثانوية الإعدادية، فحصلت الاستجابة وتبين في الميدان وتراءى فيه ما أشار إليه السيد المدير من أن فضاء المؤسسة كان مكشوفا إلى حدود الموسم الدراسي 2007-2008، وثبت أن «العمل في المؤسسة في هذه الظروف غير المريحة على مستوى المرافق المفتوحة على كل التأثيرات المناخية، لن يشجع على التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي بالجماعة القروية فزنا» لذلك كانت الحاجة إلى «إنشاء فضاءات خضراء بالمؤسسة، ومواجهة تحدي الطبيعة الجرداء بالموضع الذي بنيت فيه». ذلك أن المؤسسة نشأت من لا شيء واعتمدت على الإمكانيات المحلية إرادة الأطر التربوية وانخراط التلاميذ في المشروع.
وفضلا عن التربية البيئة التي تكاد أن تصبح عنوانا للمؤسسة وسمة لها تراءت بفضاء التربية على حقوق الإنسان من خلال العناصر التالية:
-         تكافؤ الفرص بين الجنسين في الآداء وفي الواجبات تجاه المؤسسة فضاءاتها
-          الحق في بيئة سليمة
-         إنشاء مدرسة تطبيقة كفضاء للتكوين وترسيخ الحق في الأمن الغذائي وضمنه الحق في الحياة.
-         المدرسة فضاء للتربية على المواطنة وحقوق الإنسان.
-         الحق في الماء والتوزيع العادل للماء بإنشاء التقطير الموضعي الي يكاد يغشى الفضاء الزراعي العصري برحاب المؤسسة.
-         إعمال الحق في إحياء الذاكرة المحلية بإطلاق اسم معركة البطحاء على المؤسسة التعليمية
-         إشاعة ثقافة حقوق الإنسان بإحداث فضاء التربية على المواطنة وحقوق الإنسان، ونشر الصور والملصقات.
-         التدريب على أجرأة المحاكمة العادلة بإحداث القضاء التربوي صيانة للنظام داخل فضاء المؤسسة وحماية للسلامة البيئة.
-         ضمان الحق في الولوج إلى التعليم داخل المدرسة الإيكولوجية بتخفيض نسبة الهدر المدرسي.
-         ضمان الحق في الهوية الثقافية بممارسة الزراعة المحلية والاعتناء بالنخيل. والمغروسات الصحراوية كالطلح والأثل.
-         تحقيق الالتقائية مع الشركاء ومختلف الفاعلين.
لحسن ايت الفقيه

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire