dimanche 21 juin 2015

الآذان والأمن بالقرية الزراعية بالأطلس الكبير الشرقي –جماعة امزيزل نموذجا





ما كانت المآذن معروفة في القرى الزراعية المحصنة بالجنوب الشرقي المغربي قبل عصر التحولات القروية. فليس هناك ما يعلو على أبراج الحراسة، أو بعبارة أخرى، ليس هناك وظيفة أقوى من وظيفة الدفاع الذاتي. ورغم ذلك، وظفت سطوح المساجد في رفع الآذان، وطالما توظف الأبراج، البرج المجاور لمدخل القصر (الدوار) في رفع الآذان، كما هو الحال بمسجد قصر أگفاي، ومسجد قصر ولال قديما. ويوظف المؤذن قديما- في الإشعار بقرب الخطر. تقول الرواية الشفاهية أنه لما قدم العدو على مهاجمة قصر زبان الخالي (نقصد بالقصر الدوار)، أشعر المؤذن سكان القصر (إزبانن)، ولا تزال عائلة أيت أوزبان موزعة بين القصور بحوض زيز، أشعر المؤذن السكان بالنداء الصوفي التالي:

الملك [بفتح الميم] نادى على الديك

الديك نادى علي

وأنا ناديت عليكم

وهذا ما علي

والبيت الشعري على شاكلة نظم سيدي عبد الرحمان المجذوب. وللأسف لم يفهم السكان طبيعة النداء، رغم انتشار اعتقاد يفيد أن الملائكة تنثر الغبار على الديوك فتقوم بنفضها صائحة في الصباح الباكر، فينهض الناس للسحور، عند الصياح الأول، أو لإقامة صلاة الصبح عند الصياح الثالث. وفي حال واقعة زبان الخالي، لم يصيح الديك، فالمؤذن هو من ادعى أن الديك ناداه (نادى عليه) تنبيها لسكان القصر، وتضليلا للعدو.

وكان المؤذن إعلانه عن صلاة الصبح، إعلانا لقطاع الطرق بالانسحاب من محيط القرية الزراعية المحصنة، في عقود السيبا، وإعلانه عن صلاة العصر مؤشر للاقتراب من المجالات المعمرة للسرقة.

وفي عصر التحولات القروية، بنيت المساجد خارج محيط القصر خالية من المآذن في بداية الأمر، لأن ليست هناك وظيفة تعلو على وظيفة الأمن، ولما بدأ الإسلام الأصولي يغزو الأوساط ظهرت المآذن، ولم يعد الآذان يقتصر على قوة حلق المؤذن، بل زودت المآذن بالميساعات الكهربائية ومكبرات الصوت. وما كانت الوظيفة الدينية لتزيح الوظائف الأخرى، بعيدا عن المآذن، فقد وظفت المآذن للإخبار عن المواعد الزراعية، الأعمال الجماعية، وعن كل شأن ذي صلة بسكان القرية. وأصبح للمؤذن وظيفة أخرى دنيوية (البراح)، الوظيفة التي كانت من قبل مسندة لشيخ المزرعة. وطالما تؤظف المآذن لحضور الجنائز.

وباختصار، ما كانت المساجد لتنفصل عن وظيفتها السوسيولوجية كدأبها

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire