حصل في إطار الذكرى 67 للإعلان العالمي لحقوق
الإنسان أن اعتزم المجلس الوطني لحقوق الإنسان إشراك الجامعات المغربية وفعاليات
المجتمع المدني بالمركز والجهات في تنظيم أعمال بالمناسبة. ومنذ يوم 22 من شهر
شتنبر من العام 2015 استقر الرأي على إثراء مراء بين اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان
بالرشيدية وعمادة الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، فكانت النتيجة تنظيم ندوة حقوقية
ثقافية سمتها «الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بجهة درعة تافيلالت».
ومنذ أوانها والاتصال جار للاستعداد وتوفير
الظرف المناسب. ولما اقتربت الساعة حصل التنسيق مع فريقي البحث في الترجمة
والثقافة والأنتربولوجيا، وفريق البحث في التأويلات ونقد الأنساق الثقافية بالكلية
متعددة التخصصات بالرشيدية واللجنة الجهوية المذكورة واتضحت مرامي الندوة بإشراك
طلبة الكلية المذكورة في الاستفادة منها وبتحقيق غاية التحسيس بالحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية والتسطير على رسم سمته «دور هذه الأنشطة في غرس ثقافة حقوق
الإنسان وتفعيلها داخل الأندية المنشأة لوظيفة حقوق الإنسان»، والإفضاء في الندوة
مبادئ حقوق الإنسان وقيمتها ودورها. وأريد في اللقاء الاطلاع على تجربة اللجنة
الإقليمية للإعاقة بإقليم زاكورة.
ولما وضع البرنامج رسمه اتضح أن الندوة في
حصتين: الجلسة الافتتاحية في كلمتين إحداهما للسيد عميد الكلية متعددة التخصصات
بالرشيدية والثانية للسيدة رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية ورزازات،
والجلسة الثانية أريد لها أن تستغرق سبع مداخلات فوق اعتذار أستاذين وانتظمت في
خمس مداخلات:
-
الذاكرة والحق في الهوية الثقافية، لحسن أيت
الفقيه
-
الحقوق
اللغوية والرهانات الجهوية بجهة درعة تافيلالت، عبد المجيد طلحة
-
أي دور للسياسة الثقافية في ترسيخ معالم
جهوية متقدمة، عبد الله بريمي
-
الحق في ولوج العدالة بجهة درعة تافيلالت بين
الكائن والممكن، للأستاذ خالد بنمومن
-
تجربة اللجنة الاقليمية للإعاقة بزاكورة، عبد
الله لهرومي
ولوحظ سوء اختيار موعد اللقاء الذي صادف
انتهاء دروس الطور الأول من السنة الجامعية 2016/2015 ومغادرتهم الكلية ابتغاء
الاستعداد لامتحانات الطور الأول. وقد كان الحضور قليل للغاية، هكذا فسر الوضع.
ويبدو أن التعبئة ضعيفة إذ لا يكفي تثبيت اللافتة بباب الكلية المتعددة التخصصات
للقول بأن الإخبار حصل على نطاق واسع، فلابد من توجيه الدعوات إلى المعنيين
وإخطارهم بأهمية الموضوع ومناسبته ذات الصلة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان،
وإحداث جهة درعة تافيلالت. ولئن غشي الندوة بعض المؤاخذات لزيغ بعض المداخلات عن
المراد، فهي بداية حسنة وجب تشجيعها.
افتتح اللقاء الأستاذ سعيد كريمي ليشير إلى
أن «هذه الندوة التي تنعقد برحاب الكلية، والتي اخترنا لها موضوع الحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بجهة درعة تافيلالت، والتي ينظمها فريقا البحث
في الترجمة والثقافة الأنتروبولوجية وفريق التأويلات ونقد الأنساق الثقافية تندرج
في انفتاح الكلية على مؤسسات دستورية مؤسسات الحكامة وعلى رأسها المجلس الوطني
لحقوق الإنسان للتفاعل فيما بين الفضاء الأكاديمي والفضاء الحقوقي ونسج العلاقات
المستقبلية إن شاء الله سنشتغل من خلالها على طرق مجموعة من المواضيع وعلى اتفاقية
شراكة تمكن طلبة الكلية من الاستفادة من اشتغالات المجلس الوطني لحقوق الإنسان
ونجعل من الكلية فضاء للنقاش والحوار وإثراء الأفكار والتوجهات التي تتداول داخل
هذا الفضاء الأكاديمي».
أعطيت الكلمة للسيد عميد الكلية المتعددة
التخصصات الحو ماجيدي ليقف عند أهمية الموضوع، وليضيف أن «المملكة المغربية تبنت دستورا
جديدا سنة 2011 يكرس حقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها دوليا في الإعلان العالمي
لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية والتي تلزم الدولة المصدقة لها على ملاءمة
التشريعات الوطنية ومقتضياتها.
ولقد كرس الدستور المغربي الحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية. وذلك ما تسعى إلى تحقيقه المؤسسات العمومية والجماعات
الترابية من خلال تعبئة كل الوسائل المتاحة، ومن هذه المؤسسات الكلية المتعددة
التخصصات التي تسعى جاهدة لتكون قاطرة لترسيخ ثقافة حقوق الإنسان بالجهة وذلك من
خلال توفير تعليم جامعي ذي جودة عالية ميسر للجميع متشبث بالهوية وبالثوابت
الوطنية الراسخة كما تعمل الكلية من خلال طاقمها التربوي والإداري على تنويع العرض
البيداغوجي من خلال طاقمها التربوي والإداري على تنويع العرض البيداغوجي من خلال
فتح تكوينات جديدة تمكن الطلبة في هذه الجهة والطالبات خصوصا على متابعة الدراسة
بالقرب من مقر سكناهن مما قلل من نسبة الهدر الجامعي في صفوفهن. وتسعى الكلية جاهدة إلى توفير الجو
الملائم للأنشطة الثقافية سواء بالنسبة للطلبة أو الأندية وفرق البحث والمختبرات
وذلك من خلال الدعم المادي والمعنوي لها وتوفير جو ملائم من الحرية والتفاعل في جو
من الحوار والنقاش البناء، وأضاف أن الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية تتوافر
على طاقات واعدة «يمكنها تقديم آليات اقتراح مشاريع من أجل النهوض بالحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين داخل الجهة وذلك من خلال التعاون
والشراكة مع مختلف الفاعلين في هذا المجال»، ودعا الطلبة إلى الاهتمام بجهة درعة
تافيلالت والحفاظ على تراثها الثقافي وإنه من الواجب »تأهيل الكلية لتصير نموذجا
أفضل لممارسة الحريات الأكاديمية وتحصيل المعرفة والتكوين»، والكل» يتوق إلى
الحكامة الصادقة المحترمة لقيم المواطنة».
وفي كلمة السيدة رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق
الإنسان بالرشيدية ورزازات يوم الاثنين 23 من شهر يناير من العام 2012 انصب
الاهتمام بتسوية مطلب التسجيل في التعليم العالي لفائدة الطلبة المنحدرين «من
مناطق جبر الضرر الجماعي بتنغير، وقلعة مكونة والريش وكرامة بالكلية، وعقب ذلك نشأت
اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية ورزازات تستقبل الطلبة الباحثين في مجال
الذاكرة وجبر الأضرار الجماعية والحقوق
الثقافية ... بصفة فردية أو جماعية»، وأضافت يتوافر المجلس الوطني لحقوق
الإنسان على 13 لجنة جهوية لحقوق الإنسان « بكل من فاس مكناس، الداخلة أوسرد،
العيون السمارة، الحسيمة الناظور، طنجة، طانطان كلميم، أكادير، وجدة فجيج، بني ملال خريبكة،
الرشيدية ورزازات، الدار البيضاء سطات،
مراكش، والرباط القنيطرة».
وعن مهام اللجان أشارت إلى أنها تختص بما
يلي:
-
مراقبة ورصد حالة حقوق الإنسان على المستويين
الوطني والجهوي.
-
رصد الانتهاكات، مع إمكانية إجراء التحقيقات
والتحريات اللازمة.
-
إعداد تقارير تتضمن خلاصات ونتائج الرصد
والتحقيقات ورفعها إلى الجهات المختصة مشفوعة بتوصيات لمعالجة الانتهاكات التي تم
رصدها.
-
إمكانية التدخل بكيفية استباقية وعاجلة كلما
تعلق الأمر بحالة من حالات التوتر التي قد تفضي إلى انتهاك حق من حقوق الإنسان
بصفة فردية أو جماعية.على صعيد الجهة».
لقد أرخت السيدة رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان
بالرشيدية ورزازات للعلاقة التي جمعت بين اللجنة الجهوية والكلية المتعددة التخصصات من خلال مجموعة من الأنشطة
التي نظمت سابقا والتي تتوج بشراكة بما قال الأستاذ سعيد كريمي تعقيبا على كلمتها.
انطلقت الجلسة الثانية بمداخلة الدكتور السيد
عبد المجيد طلحة حول «الحقوق اللغوية والرهانات الجهوية بدرعة تافيلالت» كما ورد
في البرنامج لكن السيد مسير الجلسة أشار إلى أن سمتها «التعدد اللغوي والهوية الثقافية»، والسيد
عبد المجيد طلحة، وإن كان أسس لحقوق الإنسان بمقاربة أخرى فقد استطاع بيان قصده
وتبليغة للحضور. وأورد في مداخلته بعد الديباجة التي عبر عن سعادته «بالمشاركة في
المطارحة حول حقوق الإنسان في ظل الجهة الجديدة مع السادة الأفاضل والأحباء»،
وأفصح أننا «نرتقي بحبنا، فيما بيننا÷ عن شروق الزمان الزمان والمكان....»، في
«ذات جماعية منصهرة، بكل ألوان طيفها، وتنوع آيات الله في خلقها، لذلك اشكروا لي
اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية ورزازات على الدعوة واشكروا لي زملائي في
فريقي البحث بالكلية على هذا التكليف الأخوي من أجل النظر معهم، في الحقوق اللغوية
بالضبط، والرهانات الجهوية بدرعة تافيلالت». نقول أورد أن الموضوع الذي يبسطه
سيعتمد أربع تأسيسات: «التأسيس الأول، سمته
تأسيسا كونيا، والثاني تأسيسا قيميا والثالث تأسيسا عمرانيا، والرابع، مربط الفرس
وهو تأسيس التنزيل.
وإنه في التأسيس الكوني لمفهوم الحق يعلو في التأسيس
الكوني الإلهي عن كل التشريعات، بما هو مفردات متعالية عن الزمان والمكان
والأهواء. وترتقي حكمة القيم الكونية التي أبدعها الإنسان، وهو يبحث عن صور
التساكن، والتجاور والتعاون، والتلاقي والتواصل والتفاعل، في هاته الحكمة إلى أن
يضاهي هذه الحقوق الكونية التي أرادها الله لعباده. وفي التأسيس القيمي، لا بد من
أن نذكر أن الاختلاف اللغوي هو شرط نعمة، واختلاف ألسنتكم وألوانكم، وأن الاختلاف
اللغوي هو الذي سينظم أنظمة التمثل، وأنظمة التواصل بين الأفراد والجماعات، لكي
ينظر كل منا من خلال لغته، إلى هذا الكون الفسيح، فيبدع منها قراءة متجددة متفاعلة
متلاقية على الخير. وإن قيمة التأسيس القيمي تظهر في آيات التعارف، (يا أيها الناس
إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله
أثقاكم)، ولا بد أن أسطر على هذه القيم. وأما في التأسيس العمراني فلا قيم لحضارة
إلا بالتعايش، ولا قيم لحضارة إلا بالتواصل، ولا قيم لحضارة إلا بأن تستثمر أقصى
ما يملك إنسانها من مقومات الوجود، وأعلى درجة مقومات الوجود هو اللغة، فالإنسان
حيوان ناطق. وفي التأسيس العمراني وجب استحضار قيم التكامل والتعاون، وسنطارح هذه
القيم من خلال ما نقترحه في أمر الجهة، التي لا بد أن تستجيب، بما هي مؤسسة للأمة،
لكل الحاجات المصرح بها، والتي تسكن إنسان هذه المنطقة، وذلك في التفصيل. وفي
التأسيس التنزيلي مفردتان، المفردة الأولى (إجرائي) سميتها بآلية التموضع التشخيصي
من خلال الأبعاد الترابية والمجالية [سأفصل]، والآلية الثانية [المفردة الثانية]
هي آليات جهوية بمفردات وطنية، فالجهة عضو في جسم كبير، يسمى الوطن المغربي الذي
ينتظم تعاقديا نصيا من خلال الدستور، وتطبيقيا من خلال القوانين المنزلة لمقتضيات
هذا الدستور. لذلك سننتظر من جهة درعة تافيلالت ضمن هذه الحقوق اللغوية أن تستدعي
ما أسميه بالمكابدة اليومية لإنسان هذه المنطقة، وهو ينتج الحياة في علاقته
بالمحيط، فينتج هذه الحياة من خلال اللغة التي يمتلكها، يقرأ بها ويستمع إليها،
ويتواصل بها يبلغها، يأخذ بها ويعطي، فإذا حصل الحق في اللغة وهو الحق في الوجود.
لذلك إذا شئنا التفصيل لبعض الشيء، إن كان في الحقوق اللغوية مكونان كبيران في
المنطقة: المكون العربي كبعد معياري في تجميع أشتات من أشكال التواصل بين القبائل
التي انتسبت تاريخا إلى القبائل العربية والبعد [المكون] الأمازيغي، من خلال
القبائل التي زينت عمران هذه المنطقة عبر تاريخها سواء من خلال البناء الأول،
وسواء من خلال مكابدة العمران وبناء الحياة، وتنشيط المجال في أبعاده الاقتصادية
والجغرافية، فإن هذين المكونين مضمونان دستوريا بحق استعادة الاعتبار، وبحق إعادة
التمكين، وبحق إعادة التواشج، كما كان في التاريخ السابق بين اللغتين العربية
والأمازيغية، وللسانيين في هذا حديث طويل، وللأسف، لم يتمكنوا، لحد الآن، لأنفسهم
من استنصات أولي الشأن والأمر لتدبير هذا الاختلاف اللغوي الذي هو اختلاف جميل
يعكس اختلاف منطق الآيات والملكوت، قبل كل شيء. لذلك، فإذا عدنا إلى هذه الحقوق
اللغوية، فإن ثقافة المظلمة بين مكونين شكلا شرط وجود هذه الجهة، وهما العرب
والأمازيغ، لا يستقيم إن ذكر المظلمة لحساب طرف دون آخر. ولكن إذا حصل التكامل،
يجب أن تسعى رهانات الجهوية إلى ترجمته فيما سأذكره. وإني سأذكر هذا من خلال ما
سميته، عقب هذه التأسيسات، بالتحققات الموضوعية في النظر إلى التخطيط.
إن في جهة درعة تافيلالت ثلاث مجالات كبرى قد يطارح
الإخوان هذه المجالات، من خلال التشخيص ومن خلال ما سيقترحونه، وسأقصر قولي على
أمر اللغة، لأن فيها الإنسان العربي بكل قبائله، وأمازيغي بكل قبائله، ولابد أن
نتأكد أن هاتين اللغتين جامعتان لقبائل تختلف على مستوى العرق وعلى مستوى
الانتداب، وعلى مستوى الهجرات عبر التاريخ. وفوق ذلك فجهة درعة تافيلالت هي
الجغرافية التي تردم في بعض الأوقات حرض الإنسان ألا يغير مكانه، فإن المنطقة بين
تافيلالت ومدغرة وكل جبال الأطلس عبارة عن رحلات متبادلة إما بحثا عن الأمن بحكم
التدافع بين القبائل أو بحثا عن الكلأ والرعي استجداء لدوام البقاء واستجداء دوام
سبل الحياة. وهذه الجهة كذلك مجال، ولما نقول المجال، فهو ذلك العنصر الذي تتفاعل
فيه الموارد البشرية مع المكونات الطبيعية، لكي تنتج حالة عمرانية، يسكن إليها
الإنسان، ويجد فيها حاجاته بشكل مباشر. لكن الثابت في هذه العناصر الثلاث ثوابت لا تتغير: ثابت
الدين وثابت اللغة، وثابت الثقافة، والثقافة هنا بما هي عناوين بانية يعبر فيها
الإنسان عن وجوده الحقيقي الذي لا يقبل أن يصادر فيه مهما كانت حاجات الغير ذلك
المتسلط، مسلطا داخليا كان أم مسلطا خارجيا إلى تنميط الإنسان على مساقات أو على
صور ثقافية أو على أداءات في الحياة، يجبر عليها إجبارا. لذلك في هذه التحققات
الموضعية، بعد التشخيص، لا بد أن تكون التشريعات بما هي الدساتير والقوانين، وبما
ننتظر من الخطط التي ستبدعها الجهة، انطلاقا من كل مصالحها، سواء كانت مصالح
منتدبة، أو مصالح موازية من هذه الدولة، أن تترجم كل هذه إلى أشياء، لذلك نستشرف
آليات التدبير الآتية:
-
الأمر الأول أن نعيد تدبير الاختلاف اللغوي
واللهجي وفق مبدأ الحق في الوجود، بل والحق في الإنتاج، ليس الحق في الوجود، نحن
لا نريد لغة محنطة، سواء كانت عربية أو أمازيغية، وغن اللغة في منشأ أمرها عبر
القرآن عنها أنها لسان وشرط اللسان تعاقد وشرط التعاقد اصطلاح وشرط اصطلاح بناء
النماذج والتعاقد حولها من أجل تحقيق هذا التواصل. ولا بد أن يستثمر هذا التعدد ما
هو قدرات تسكن الإنسان لتنشيط هذا المجال» استشهد بما يقوم به الأستاذان عبد الله
بريمي، وسعيد كريمي «من استعادة التراث الشفاهي، إنما يبغي، ليس استصدارا للتراث
وإنما تحريكا وإعادة قراءة لما أنتج به الإنسان من العمران في وقت من الأوقات
انطلاقا من الموروث وانطلاقا مما تعاقد معه داخل مجتمعه للتمكن من القيم الكبرى،
والقيم الكونية التي نظمت حياته منذ أن كان آدام ومنذ أن كانت الخليقة
-
الأمر الثاني في الاستشرافات تنشيط دور
المؤسسات الأهلية. فالجهة بدون مؤسسات أهلية وبدون مجتمع مدني نشيط مبدع مقترح
خلاق دارس مشخص ستكون جهة عرجاء، وستكون خطوتها بتراء، بحيث أنها لن توفيَ أمر
التجاوب حقه في......لماذا بالضبط لأن مؤسسات المجتمع المدني هذه هي التي تحسن
الإنصات لهذا الإنسان الواحي وهذا الإنسان الدرعي، وهذا الإنسان الفيلالي نسبة إلى
تافيلالت الكبيرة، وهي التي تستمع إلى هذا الصوت ثم تنقله إلى المسؤولين.
-
الأمر الثالث يكمن في الخطط التنموية، وإني،
في الخطط التنموية، أدافع دائما أن اللغة لا تنتج إلا إذا كانت محمية اقتصاديا عند
أهلها. لماذا بالضبط؟ لأنها اللغة تبدأ عند العالم بالتنظيم والقواعد، لكن عند
الرجل العادي حركته في اليوم، في السوق وداخل المجتمع، وفي الشارع هي التي بها
يأخذ ويعطي، وبها يتواصل وبها يبلغ عن الحاجات، ويطلب الحاجيات. لذلك لا بد أن
تحسن الجهة في خططها التنموية، استدعاء هذا المجال بمفرداته وعلاقته باللغة من
ذلك، لما نتحدث عن الحق في الولوج إلى الخدمات، سيكون أمر الحق اللغوي ثابت بأصل
وجود الإنسان، سواء في دواليب الدولة. وإني، شخصيا، لا أعتبر الضحية لغة دون أخرى:
لغتان وطنيتان ضحيتان للوبي يتقن القرصنة، ضدا على حاجات هذه الأمة، وعلى حاجات
هذا الشعب وتاريخ هذا الشعب. لذلك لو أحصينا نحن كم نخاطب بلغتنا سواء كانت عربية
أو أمازيغية في الدواليب الرسمية؟ كم نخاطب نحن أساتذة اللغة العربية بلغتنا،
انطلاقا من الوسائل الرسمية يعرف الإخوان هذا الأمر؟ لذلك فالولوج في الخدمة يبدأ
في تقدير هذا الذي سيطلب الخدمة، يطلب هو نفسه منحة ويطلبها حقا ثابتا من حقوق
وجوده.بل إن هذه البنيات الخدمية لا مشروعية لها إلا بوجود من يطلب هذه الخدمة،
إنسان المجال، وإنسان المنطقة سواء كان عربيا أو كان أمازيغيا، يطلب الخدمة، وبذلك
لا بد أن ترتقي المؤسسات لأن تستجيب لهذا الحق.
-
الأمر الرابع يتجلى في مقومات الموارد، فلما
يتعلق الأمر بالحق اللغوي لا بد أن نتأهل جميعا ومن ضمننا المسؤولين القائمين على
أمر الجهة وعلى أمر الشأن المحلي، لكي نخاطب هذا الإنسان بما يرتاح له، ليعيش فيه
الدفء ويعيش فيه التجاوب، ويعيش فيه الارتقاء النفسي واللغوي خلال اللغة التي
يتقنها.
-
الأمر الخامس يتجلى في الشروط التي يجب أن
نفترضها في هذا البعد الجهوي من الجانب اللغوي: فالشرط الأول يسميه بغض الباحثين
بالترابية اللغوية التي تنتج خططها من خلال الموضوع الهدف والإنسان الهدف، والشرط
الثاني التكامل الجهوي مع المحلي، وبالمناسبة عشت مدة غير قليلة بمنطقة زاگورة،
وأعرف أن امتداد الكثير من القبائل عنوانه اللغة، هناك قبائل عربية وقبائل
أمازيغية» استرسل كثيرا في المثال «الشرط الثالث أن يسود هناك اندماج محلي، وإني
أنظر شخصيا إلى مسألة الحق الذاتي بالحوار الداخلي وليس بالإملائي الاستدعائي.
فالحق هو شرط علاقتي بالآخر، قيمة واجبي أن أمنح له حقه، وقيمة إخلالي بالواجب أن
أغمضه حقه، فإذا كان هذا القياس الكوني وهذا القياس المدني والقياس القيمي هو
الضامن ألا نسقط في مطالبتنا أن ننتج حوارا لقيطا وإنما حوارا محليا
-
الأمر السادس أن يكون الاندماج المحلي الأفقي
وبالبعد الوطني الجامع، ونركز هنا على مصطلحين كبيرتن: لا بد لهذه الخطط أن تكون
خططا جامعية تجمع المتعدد، تاليفية تؤلف بين المختلف، هذا المختلف وهذا المتعدد
على شرط الذات الجماعية الذي تسعى إليها.
-
الأمر السابع أن تراعى في التدبيرات الترابية
سواء في الموارد الاقتصادية والمالية والتكوينية أو التربوية شرط هذا المجال،
بمعنى أن الطفل الذي نريده أن يتمثل العالم بشكل سليم لا بد أن يتمثله بلغته
الأولى، حتى يتمكن من أن يستفيد مما اكتسبه في مجتمعه، ومع أبويه ومع أسرته ثم نردفه
بلغة مكملة لا ليتمثل بها ولكن ليتواصل بها، ويتعاطى مع كائن آخر يلفاه في وقت من
الأوقات فرنسيا أو إنجليزيا فيتواصل مع وينتج معه الحضارة.
لذلك فأبعاد الفعل الجهوي، كما أراه، البعد
المجالي يربط بين الحق اللغوي والحق في الوجود وفق المجال، والبعد التنموي أن تكون
السياسات اللغوية مندمجة في سياق الممكنات الطبيعية والممكنات الاقتصادية،
والممكنات اللغوية والموارد البشرية التي ستنتج هذه التنمية، ثم البعد القيمي الذي
ركزت عليه. إننا لا ننتج حضارة الفرد وإنما ننتج حضارة الإنسان، والإنسان بطبعه
طالب لغيره في التعايش والتساكن بكل ألوانه، ثم البعد الوحدوي ويقضي أن تكون جهتنا
مكملة لوطن عزيز تتعايش فيه، كما ورد في الدستور، كل العناصر بلغاتها ولهجاتها
وأعراقها، وقوتنا في تدبير هذا الاختلاف واستثمار هذا التعدد، ثم بعد سياسي أركز
عليه، ويكمن أن تكون خططنا في التدبير اللغوي منتجة لفرص التعايش والتعارف لا
مشطية ولا متشطية ولا مستدعية لغير. نعتقد اعتقادا راسخا أنه لا يعيش ما نكابده في
أمر الحياة ولن يرتقيَ في معرفته أن يفهم حاجاتنا لذلك تكون جهتنا بهذا المعنى
مستجيبة بكل هذه الحقوق اللغوية، وتكون مؤسسات المجتمع المدني بما هي مؤسسات
الرقابة، ومؤسسة اقتراح ومؤسسة المحاسبة في بعض الأوقات، مراقبة لكل الخطط التي
تقترحها الجهة سواء في شقها الانتدابي أو في شقها الرسمي».
تناولت الكلمة في الثاني (لحسن ايت الفقيه)
في مداخلة تحت عنوان «الدفن الاعتباري بين وقع الهوية ومطلب الإنصاف». والمقصود
بالدفن الاعتباري: «إعادة الاعتبار لضحية حصل إخفاؤه قصريا هو وقبرة، وحصل اكتشاف
قبره من لدن لجنة العدالة الانتقالية، بتوجيه مرشد، أو الاطلاع وثيقة مفيدة
للغاية، فكان، عملا بمبادئ العدالة الانتقالية إنصافه في الممات بعد جبر ضرر ذوي
الحقوق فيه في إطار جبر الضرر الفردي. وحسبنا أن ثقافة الدفن دخلت ميدان حقوق الإنسان
مع انطلاق عمل هيئة الإنصاف والمصالحة في المغرب ما بين 10 من شهر أبريل من العام
2004 إلى يوم 30 من شهر نونبر من العام 2015. وقد تطور شأن مدافن الاعتقال السياسي
وارتقى مطلب إنصافها لما برزت مدافن إلى جانب المعتقلات السرية أو بمحيطها، كما هو
تازمامارت وقلعة مگونة وأگدز وتاگونيت، مدافن تحولت إلى أماكن الذاكرة، إن بدعم من
المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسلطات الإقليمية والضحايا وذوي الحقوق أنفسهم.
وبمعنى آخر، كان ذوو الحقوق، في البدء، يسألون عن رفات أهلهم لدفنها بين الأهل
والأحباب، وأضحوا الآن يطلبون جعل مدافن الاختفاء القسري أماكن للذاكرة، وإن ذلك
ليميز عمل الذاكرة بالجنوب الشرقي المغربي. والمفيد في هذا الشأن أن مطالب السكان
المحيطة بالمعتقلات السرية سابقا أضحت تضاهي مطالب الضحايا ذويهم وانجر عن ذلك
اهتمام المجتمع المدني بالدفن لأول مرة، في تاريخ المغرب الراهن. وهناك مشاريع
بحوث في الميدان قد تدعم التجربة المغربية.
ولا نغفل الذكر أن بساط الدفن بالجنوب الشرقي
المغربي حظي بأهمية السكان، فهناك جماعات تضفي على الدفن طابع التحصين والمراقبة
بواسطة الأبراج، وتنشئ طقوسا احتفالية خاصة بالمدافن من ذلك طقس الطواف على
المدافن تقديرا لها واعتبارا.
ويشكو الدفن الاعتباري من هول الغرابة
والعشائرية. ولئن كان ضحايا معتقل أگدز قد دفنوا في مقبرة أگدز، على الشاكلة
المحلية مما سهل، في الوقت الراهن تسوير المقبرة وتحصينها، في أفق إعلانها مكانا
للذاكرة، فإنهم دفنوا كغرباء في شريط معزول، لما لم يتمتعوا بالمساوة مع جثث سكان أگدز
الأصليين. وبات وصم الغرابة يبكي سكان تازمامارت في كل مناسبة، إذ باتوا يطالبون
بفتح بساط الدفن في المعتقل السابق أمامهم لرفع هول الغرابة على الضحايا، وتكريمهم
باحتضانهم في الممات، وقد عبروا عن ذلك في الندوة المنظمة بقرية تازمامارت يوم 05
من شهر دجنبر من العام 2015. ورغم ذلك فالضحايا ذويهم يبتغون إبقاء مكان الذاكرة
مستقلا، لأن فتحه أمام جثث سكان تازمامارت في العقبى يخفي الذاكرة ويطمسها، ويضرب
شعار جبر الأضرار الجماعية والفردية: «لكي لا يتكرر ما حدث.
وباختصار، طرح السؤال حول الدفن بمحيط معتقل
تزمامارت، وظهرت آراء تدعو إلى ضرورة مراجعة الدفن هناك، وصيانة المقبرة، لِما لها
من علاقة بالذاكرة وتكريم الموتى.
وتطورت ثقافة الدفن بعد تمتيع الضحية الهالك
العربي أيت زايد بقبـــــر رمزي في مقبرة الغرباء بتينغير يوم الاثنين 26 من شهر
نونبر من العام 2012. ولقد أثبت الشهادات أنه قتل في جبل تاگونت في جبال الأطلس
الكبير الشرقي فشهر مارس من العام 1973، وجرى أن أقدم أحد المتطوعين ليواري سوأته
بقليل من الرمل ليحرم من القبر كعامة موتى المغاربة. وبتوجيه من السيد الأمين
العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان محمد الصبار، وعقب جمع المعطيات والروايات تبين
تمتيع الهالك بقبر رمزي في موضع حدده السكان بالتقريب بمدفنة إغريبن بمدينة تنغير.
ولا غرو، فتمتيع الهالك العربي أيت زايد بقبر رمزيكان وفق ثقافة الدفن المحلية،
وإحياء لها».
مداخلة الأستاذ الدكتور عبد الله بريمي «أي
دور للسياسة الثقافية في بناء الجهوية الموسعة بجهة درعة تافيلالت»، وإن كان كلفني
أن أركز عن البعد الجهوي فيها دون حشو أو زيادة، فهي جديرة بأن ينظر إليها ككل.
فعلى المستوى الدولي انطلق «من المؤتمر العام للأمم المتحدة المنعقد بمكسيكو سنة
1982»، الذي عرف السياسة الثقافية بأنها «مجموع السمات الروحية والمادية والفكرية
والعاطفية التي تميز مجتمعا معينا أو فئة اجتماعية بعينها، وهي تشمل الآداب
والفنون وطرائق الحياة، كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان، ونظم القيم والمعتقدات
» ، وإنه لتصور مدعم لما ورد «في النصوص
المتعلقة بحماية الثقافة التقليدية الشعبية [الثقافة غير العالمة] لسنة 1989»،
وخاصة إعلان اليونسكو لسنة 2002، وأضاف الأستاذ عبد الله بريمي أنه «تتبدى أهمية
ذلك التعريف، في تأكيده على المظاهر الروحية والمادية والفكرية والعاطفية للثقافة»
يضاف إليها ويدعمها ببعد جهوي ذي الصلة «بالحقوق الثقافية القائمة على الحق في
الاختلاف واحترام التنوع»، وتبعا لذلك «أضحت الثقافة تتداخل مع حقوق الإنسان
العامة وتترابط معها من حيث هي حقوق غير قابلة للاختزال والتجزيء».
«إن منظومة حقوق الإنسان الثقافية قائمة
ومرتكزة على عدد من القواعد الأساسية، منها الحقوق الجماعية والحقوق الفردية».
تفصيل ذلك فيما يتصل بالحقوق الجماعية من الحقوق «المساواة في الحقوق بين الأمم،
والحق في التمتع بالثقافة الخاصة، وممارسة طقوسها، واعتبارجميع الثقافات جزءا من
التراث الإنسان المشترك للبشرية، بما فيها من تنوع واختلاف». وقدر الأستاذ عبد الله بريمي الثقافة
في صلتها بحقوق الإنسان وميزها ليخلص إلى وجوب «الحفاظ عليها ورعايتها بكل
الوسائل، وضمان كل شعب في تطوير ثقافته، وتعزيز روح التسامح والصداقة بين الشعوب
والجماعات».
وعن الخصوصية الثقافية الحديث عنها حسبه
الأستاذ عبد الله بريمي صعبا، لا لشيء سوى أنه حصلت«التحولات الكبرى في العالم
وهبت رياح العولمة المبشرة بمجتمع المعرفة والثورة التكنولوجية وكسحت كل العالم»،
مما انجر عنه «انفتاح البلدان على ما هو
كوني، والتواصل السريع بين شعوب العالم ودوله بفعل الأنترنيت والأقمار الاصناعية
أضحى قائما». وأما هذا الوضع، ورغم ما حصل، بادرت بعض الدول المتقدمة مثلا،«فرفعت
شعار الخصوصية الثقافية» درءا «للهيمنة والتنميط، في المجال الثقافي الذي يسعى
النظام الدولي إلى فرضه على الشعوب المستضعفة». ولم يغفل الأستاذ المتدخل الوقوف
عند السمات المضمنة في وثيقة الحقوق الثقافية للإنسان والمؤكد عليها، من ذلك «الحق
في اختيار الهوية الثقافية، ومعرفة ثقافة الإنسان وتراثه، وثقافات الآخرين
وفنونهم، وحرية الانتساب إلى أي جماعة، أو مؤسسة ثقافية أو فكرية دون أي اعتبار
للحدود الجغرافية، والمشاركة في النشاطات العالمية..، وحرية الإنتاج المعرفي
والتعبير المكتوب والمرئي والمسموع دون أي قيود، والحق في الحماية المعنوية
والمادية ذات الصلة بنشاط الإنسان الثقافي، وضمان حرية تشكيل المؤسسات ودراسة
الثقافات وتدريسها والحصول على المعلومات ونشرها، وتصويبها والمشاركة في السياسات
الثقافية». ولم تغفل وثيقة الحقوق الثقافية المشار إليها «ما يترتب عن الدول
والحكومات من مسؤوليات إزاء الحقوق الثقافية، كإدراج مضمونها في صلب تشريعاتها
وممارساتها، والعمل على تنفيذها، مع توفير الأجواء والإجراءات المناسبة لكل فرد من
أجل الدفاع عن حقوقه وممتلكاته الثقافية، بما في ذلك اللجوء إلى القضاء والمنظمات
الدولية المعنية».
وعلى المستوى الوطني «ورد في تصدير دستور سنة 2011»، ما يفيد أن «المملكة
المغربية العضو النشيذ في المنظمات الدولية، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من
مبادئ وحقوق وواجبات، وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا». كما أعلن الدستور
المغربي في الإطار نفسه على «التزام الدولة بحماية منطومتي حقوق الإنسان والقانون
الدولي الإنساني والنهوض بهما والإسهام في تطويرهما، مع مراعاة الطابع الكوني لتلك
الحقوق وعدم قابليتها للتجزئ». وفوق ذلك أقر بصريح العبارة بجعل «الاتفاقيات
الدولية كما صدقها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين الدولة المغربية،
وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على
ملاءمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة»، ولم يغفل الأستاذ عبد الله
بريمي أن يسرد تلك الاتفاقيات، لينتقل إلى ما ورد في الفصل السادس من الدستور
المغربي من تنصيص على الحق في المشاركة على الحياة الثقافية. كم أن الدستور «وسع من المجالات والمناسبات التي حصل فيها
التنصيص على الثقافة كبعد من أبعاد التنمية»، كما نص « على الحقوق الثقافية من
خلال الاعتراف بالأمازيغية والحسانية والروافد الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية،
وعلى حماية الحقوق الفئوية، لا سيما حقوق النساء والأمهات والأطفال والأشخاص
المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة»
إن التأكيد القوي على الثقافة «في الدستور
المغربي الجديد حضور يعكس القيمة التي أعطيت للثقافة في الوثيقة الدستورية، وهو ما
يمكن عد مؤشرا على بداية سياسة ثقافية تمتد على مستويات وأبعاد مختلفة هوياتية،
لغوية، تعددية، حقوقية وتنموية»
وعلى المستوى الجهويرأى الأستاذ عبد الله بريمي أن «
منطلق الجهوية يتأسس في الأصل على الخاصيات
الثقافية واللغوية »، إذ لسيت «الجهوية ذات بعد إداري، ترابي واقتصادي فحسب، بل،
إنها ذات بعد بشري، إنساني وثقافي »، وذلك «ما يجعلنا نتعاطى مع الجهوية
كسيرورة دينامية تراعي العنصر البشري ولا
تقتصر فقط على الدعائم الإدارية والترابية، رغم أهميتها، وأن نجعل منها المحور
الأساس، لأنه في ظل التحولات الوطنية والإقليمية والدولية، آن الأوان للتعامل مع
البعد الثقافي باعتباره عنصرا حاسما في التخطيط لبنية الجهوية الموسعة، وفي مشروع
النماء المجتمعي بصفة عامة، ومونا مركزيا في مسلسل التغيير المنتظر الذي يجب
الرهان فيه على تحقيق التكامل بين التنمية الاجتماعية والإصلاح السياسي والنهوض
الثقافي». وأضاف أن « من خصائص السياسات
الثقافية المتبعة حاضرا، الرهان على القدرات البشرية باعتبارها دعامة لتحقيق
مشاريع التنمية البشرية المستدامة، من خلال تبني وتمثل مجموعة من المبادئ والقيم
التي يزخر بها القاموس الثقافي الجديد ويحددها في: الحكامة – التخليق– التشارك –
سياسة القرب – تكافؤ الفرص – المصالحة – مقاربة النوع الاجتماعي والمواطنة».
وخلص إلى مقترحات مهمة وجب «اعتبارها دعامة إستراتيجية
لتفعيل السياسة الثقافية بالجهة نورد ما يلي:
-
الأخذ بالمقومات التاريخية والثقافية
المتعددة الروافد داخل الجهة.
-
الامتثال لمنظومة حقوق الإنسان في شموليتها،
بمعنى أن تدبير المجال ينبغي أن يجري وفق منظومة حقوق الإنسان، وعدم الخلط بين
واقع التنوع الثقافي مع الصراع الإيديولوجي.
-
إن للموارد الثقافية دور أساسي في بناء مشروع
تنموي مندمج، وهي أداة للتواصل بين المركز والجهات، وبالتالي، فإن مشاريع التنمية
قد يكون مآلها الفشل إذا لم توظف الثقافة واللغات المتداولة في الجهة.
-
التفكير في إستراتيجية جهوية لسياسة ثقافية
تعتمد على المقاربة التشاركية المندمجة، وكذا وضع الفضاء والبنيات الثقافية لإرساء
الشأن الثقافي الجهوي، وبلورة برامج للحفاظ على الموروث الثقافي في بعده المادي
واللامادي.
-
رد الاعتبار للشخصية الثقافية ودعم المبدعين
والفاعلين والجمعيات وكافة العاملين في حقل الثقافة.
-
إحداث متحف جهوي لصيانة التراث الثقافي.
-
اعتماد برنامج بنيات القرب التحتية، لإحداث
مراكز ثقافية تتكون من مسارح وقاعات للعرض
السينمائي وأروقة للفنون التشكيلية وفضاءات للإبداع.
-
إحداث فروع للمجلس الوطني للغات والثقافة
المغربية على المستوى الجهوي.
-
ضرورة انفتاح المسؤولين بالجهة على الجامعة
وعلى المؤسسة التعليمية والاستفادة من خبرات وتجارب الباحثين بما يخدم التنمية».
وفي الختام خال الأستاذ عبد الله بريمي أن
ربح «زمام التنمية البشرية والإقلاع الحضاري» مشروذ بوجوب «الانحياز للقيم
الثقافية على المستوى الجهوي التي لا تتعارض مع القيم الإنسانية الكونية أو تتنكر
لملامح الخصوصية المحلية بتعبير آخر، إن الرؤية الثقافية للجهوية لا تعني انغلاق
الجهة على ذاتها، لأن الثورة التكنولوجية، تمنح للجهات إمكانية التواصل فيما
بينها، والاقتراب من بعضها البعض إعمالا لمبدأ التشارك ولتعاون والتضامن من أجل
خلق قطب جهوي تنافسي يكون مؤهلا لحلق الشراكة الندية، وتقوية الكفاءة الذاتية مع
جهات داخل أو خارج الوطن».
أسندت مداخلة «الحق في الولج إلى
العدالة»للأستاذ خالد بنمومن، أستاذ زائر بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية
ليفصح في البدء «أن الحق في الولوج إلى العدالة أضحى اليوم من أهم الحقوق
الأساسية»ضمن حقوق الإنسان إن لم يكن هو الشرط الأولي «لضمان التمتع الفعلي بكل
الحقوق ». ولا غرو فالمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
«تؤمن قاعدة معيارية صلبة من أجل التكفل بمختلف الرهانات المتعلقة بالولوج إلى
العدالة»وفق تفسير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 32، ورد ذلك
في مرجع سمته «الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، المجلد الأول، تجميع للتعليقات
العامة والتوصيات العامة التي اعتمدتها هيئات معاهدات حقوق الإنسان يوم 27 من شهر
ماي 2008، ص 252 ومايليها». وأما الدستور المغربي لسنة 2011 فقد أكد في الفصل 118
منه على أن التقاضي حق «مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها
القانون».
وورد في الفصل 117 قبله أن القاضي «يتولى
حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي». ولغاية «تسير حق
التقاضي»تضمن الفصل 121 من الدستور أن «التقاضي يكون مجانيا في الحالات المنصوص
عليها قانونا لمن لا يتوفر على موارد كافية للتقاضي». كل ما سلفت إليه الإشارة عده
الأستاذ خالد بنمومن من جهة واحدة ليخلص من جهة أخرى إلى أن «ضمان ولوج العدالة
يعد حاليا من مقومات دولة الحق والقانون بالنظر لكونه شرطا جوهريا لجعل القاعدة
القانونية نافذة نفاذا فعليا، كما أن أهميته تبرز أيضا من خلال كونه يرتبط بتعزيز
الثقة بالنظام القضائي، وضمان الشفافية، لذلك فقد أصبح هذا الحق مندرجا ضمن معايير
فعالية الأنظمة القانونية والقضائية المعاصرة». وأما الحق في الولوج إلى العدالة
فقد أبداه الأستاذ خالد بنمومن «يقوم على أساسين اثنين: أولهما الحق في ولوج
المعلومة القانونية وثانيهما الحق في ولوج القضاء». وفي المغرب حكمت مفهوم الولوج
غلى العدالة وإلى عهد قريب «معايير الولوج المادي القائم على استعمال الدعامات
التقليدية لتحقيق ولوج المعلومة القانونية والقضائية، وعلى البعد الجغرافي للوصول
إلى ولوج القضاء».
وتطرق الأستاذ خالد بنمومن إلى «المفهوم
الحديث لولوج العدالة ليؤسس عليه سؤالا «إلى أي حد أصبحنا في المغرب وبجهة درعة
تافيلالت خصوصا نقارب هذا الحق بأبعاده المتعارف عليها دوليا؟ فالمفهوم الحديث
«يعني توفير الشروط المادية والقانونية والتنظيمية التي تتيح لمرتفقي العدالة
الوصول للمعلومة القانونية والقضائية والوصول لآليات العدالة التي تهم الأبعاد
المختلفة »من ذلك المؤسس »«الجغرافي والإجرائي والافتراضي»، والأبعاد«المرتبطة
بكلفة التقاضي، واستقبال المتقاضين، ومدى وجود وسائل بديلة لحل المنازعات». ذلك ما
ورد في مقدمة المداخلة علما أن الأستاذ خالد بنمومن أفصح أنه لايدعي الإحاطة
بجوانب الموضوع أو «الإمساك بكافة خيوطه»، لا لشيء سوى أن الموضوع «يحمل أبعادا
قانونية وحقوقية واقتصادية واجتماعية ودينية وأخلاقية وسياسية، ويكتسي أبعادا
وطنية ودولية»، ولاشك أنه «يطرح الكثير من المقاربات والمداخل ويفرض الكثير من
التساؤلات والتصورات». وفضل أن يعالج الموضوع انطلاقا من أساس «بحث الحق في لولوج
إلى المعلومة القانونية والقضائية»في المرتبة الأولى »و «الحق في الولج إلى
القضاء»في المرتبة الثانية.
ذلك هو التصنيف المنهجي الذي اعتمده الأستاذ
خالد بنمومن لبسط مداخلته. وإن كان التصنيف بسيطا فقد بدا أن الحصة المخصصة
للمداخلة ولكل مداخلة، 20 دقيقة، في ندوة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
غير كافية لتأدية الأمانة على وجهها وتحقيق المراد.
الحق في الولج إلى المعلومة القانونية والقضائية
مندرج «ضمن الحق في المعلومة، وهو حق دستوري منصوص عليه في الفصل 127»بما هو يكفل
«للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارات
العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام»، بيان ذلك أنه
من المستحيل «تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى القانون»إن كان مرامي التقييد
«حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني ... وأمن الدولة الداخلي والخارجي والحياة
الخاصة للأفراد»فضلا عن المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور
وحماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة، وكدأبه، لتمكنه من
المادة التي يقدمها لم يغفل الأستاذ خالد بنمومن التوسع في الاستشهاد بالأمثلة
لتأسيس الحق في الولوج إلى المعلومة على أساس لائق له «في مبدأ الأمن
القانوني»الذي يستلزم أن يضمن للمواطنين علمهم بالقانون، علما «أن الوسيلة
التقليدية لإيصال المعلومة القانونية لعلم المواطن»نشر «القوانين في الجريدة
الرسمية»، وإن كانت بعض الصعوبات تعترض هذه الوسيلة التقليدية من ذلك أنها لا توزع
في جميع «ربوع المملكة، فضلا عن نسبة الأمية في المجتمع، وصعوبة معرفة مدلول بعض
المصطلحات القانونية »، وهنا «ضرورة التوعية وتبسيط فهم القانون بمختلف الوسائل
المتاحة وبتدخل من لدن الجميع». ونظرا لصعوبة نشر المعلومة القانونية بالوسيلة
التقليدية الجريدة الرسمية إلى «الشروع في تفعيل مجموعة من الأنظمة المعلوماتية
والإليكترونية كآليات لتيسير ولوج المواطن إلى المعلومة القانونية والقضائية
تحقيقا للشفافية والعصرنة والحكامة»وذلك ضمن مخطط
استغرق بعض التدابير من ذلك إنشاء
مواقع إلكترونية، تجهيز جميع المحاكم بمكاتب الإرشاد والاستقبال، وإحداث مكاتب
استقبال بواجهة المحكمة front office وإحداث خدمة تتبع
الملفات والقضايا عن بعد بواسطة الأنترنيت وإحداث تطبيق خاص بالخدمات القضائية
لوزارة العدل، لكن هذه الجهود المبذولة لم تخل من بعض السلبيات من ذلك الصعوبات
التي تكتنف اللوحات الالكترونية المثبتة بمداخل المحاكم، وبطء بيان المعلومات
الخاصة بالشخص في الشاشات المنصوبة في
بوابة المحاكم لكثرة القضايا المدرجة
ولعرضها في شاشة واحدة، فوق أن القضايا جميعها لا تدرج مثل «قضايا غرفة
المشورة بالنسبة لمحاكم الاستئناف، وكذا قضايا التحقيق»فضلا عن الصعوبات الأخرى
كالصعوبات اللغوية «التي تعترض المتقاضي في الحصول على المعلومة القانونية
والقضائية».
لذلك اقترح الأستاذ خالد بنمومن بعض الحلول
كخلق «مكاتب متخصصة في إرشاد المرتفقين تعتمد اللغة القانونية والقضائية في
البرامج المدرسية».
وختم الأستاذ خالد بنمومن الجزء الأول من
مداخلته بالإفصاح أن «حق المتقاضي في الحصول على المعلومة القانونية
والقضائية»ناقص ما لم يحصل توفير حق آخر الحق «في الولوج إلى القضاء والاستفادة من
خدماته بكل يسر وسهولة وإحساسه بالثقة تجاه هذا المرفق». لذلك شكل الحق في الولوج
إلى القضاء الجزء الثاني من المداخلة.
يندرج تسهيل الولوج إلى القضاء «ضمن مفهوم
الأمن القضائي»الذي يقضي «اتخاذ جميع التدابير التي تشجع المواطن عن طرق أبواب
القضاء للمطالبة بحق من حقوقه أو حماية حرياته». وبعد توسعه في تعريف الأمن القضاء
انتقل إلى بسط مقومات تحصل بتحقيقها سهولة ولوج القضاء وهي تقريب القضاء من
المتقاضين، والمساعدة القضائية، وضرورة توفير حماية خاصة للفئات الاجتماعية في
وضعية صعبة.
يقضي تقريب القضاء من المتقاضين تيسير
الصعوبات التي تطرحها الخريطة القضائية في بعض الجهات لغياب أقسام القضاء الإداري
والقضاء التجاري على صعيد المحاكم الابتدائية والاستئنافية وفق ما دعا إليه ميثاق
إصلاح منظومة العدالة. ورغم ذلك يسجل بإيجاب تزايد ملحوظ لعدد المحاكم في المغرب.
و«يختص قضاء القرب ... بالنظر في نوع معين من النزاعات والقضايا التي تتسم
بالبساطة ولا تحتاج إلى تلك الإجراءات والمساطر المتبعة أمام المحاكم الابتدائية»،
ويرمي قضاء القرب إلى «تكريس فلسفة تقريب القضاء من المتقاضين». وينظر قضاء القرب
«في الدعاوي الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها خمسة ألاف درهم، دون أن يختص
في النزاعات المتعلقة بمدونة الأسرة والعقار والقضايا الاجتماعية والإفراغ». ولئن
حصر المشرع «اختصاصات قضاء القرب في المادة المدنية في مبلغ 5000 درهم»، كما سلفت
إليه الإشارة «وهو ما لا ينسجم مع التوجهات الكبرى التي يهدف إليها إصلاح منظومة
العدالة»، ولئن كان «قصر الصلح فقط في المادة المدنية دون المادة الزجرية»، فإن
«المسطرة أمام قضاء القرب شفوية ومجانية ومعفاة من الرسوم القضائية»كما أن جلسات
أقسامه علنية وأن «قاضي القرب مجبر قبل البث في الدعوى بإجراء محاولة الصلح بين
الأطراف».
وتعتبر المجانية «أحد المبادئ الأساسية
للتنظيم القضائي»مضمنة في الفصل 121 من الدستور التي تقضي «أن التقاضي يكون مجانيا
في الحالات المنصوص عليها قانونا لمن لا يتوفر على موارد كافية للتقاضي». وتندرج
المجانية ضمن المساعدة القضائية، بما هي «نظام قانوني يحدده المرسوم الملكي بمثابة
قانون صادر بتاريخ الفاتح من شهر نونبر من العام 1996»ليمكن المتقاضي من اليسر
«بإعفائه مؤقتا من الرسوم القضائية لتسهيل الوصول إلى الحق المتنازع عليه».
والمساعدة القضائية حق ممنوح من لدن النيابة
العامة لفائدة «الأشخاص الطبيعيين المعسرين أو المعنويين غير القادرين على دفع
الرسوم القضائية اللازمة للدعوى، أو لعدم كفاية مواردهم للدفاع عن مصالحهم»، ووسع
الأستاذ خالد بنمومن في مسطرة منح المساعدة القضائية لطالبيها ونظام تلك المساعدة
والقوانين المؤسسة لها دون إغفال اختلالاتها التي يقضي تجاوزها «مراجعة القانون
المنظم للمساعدة القضائية ليتلاءم والدستور الجديد والمواثيق الدولية لحقوق
الإنسان، وتبسيط الإجراءات المتعلقة بالمساعدة القضائية، ونشر الوعي بالمساعدة
القضائية».
ومن مقومات سهولة ولوج القضاء «ضرورة توفير
حماية خاصة للفئات المعوزة»تحقيقا لتوجه «الحكومة للقضاء على كل أشكال التمييز ضد
المرأة». ولقد عمل «المغرب على القيام بخطوة جريئة وحديثة، من خلال إحداث خلايا
محلية داخل المحاكم للتكفل بقضايا النساء والأطفال ضحايا العنف لغرض أنسنة العمل
القضائي والسمو به». وحصل «في مجال تقديم المساعدة الاجتماعية في مواجهة قضايا
العنف ضد النساء»أن أعطي «للتدخل القضائي أبعاد اجتماعية لتعزيز الولوج إلى
المؤسسة القضائية، انطلاقا من استقبال النساء والأطفال في مختلف الوضعيات، وتقديم
الدعم النفسي لهم، والاستماع للمرأة والطفل وتعريفهما بالحقوق التي يخولها لهم
القانون، إضافة إلى التوجه والإرشاد والمصاحبة وتتبع وضعية المرأة والطفل». وتقضي
«مهام المساعدة الاجتماعية استقبال النساء والأطفال ضحايا العنف والأطفال في وضعية
صعبة والأطفال في وضعية مخالفة القانون
والأطفال في وضعية إهمال»وذلك للتقديم لهم ما يكفي من الدعم النفسي. وتقضي مهام
تلك المساعدة أيضا «الاستماع للنساء
والأطفال وتعريفهم بالحقوق التي يخولها لهم القانون والقيام بمهام التوجيه
والإرشاد وتزويدهم بالمطويات التي توضح مسار التكفل بالنسبة لكل فئة منهم». وضمن
تلك المهام «توجيه الأطفال والنساء الضحايا إلى وحدات التكفل بالنساء والأطفال
ضحايا العنف بالمصالح الطبية لتقديم العلاج والحصول على الشهادة الطبية ومصاحبتهم
عند الاقتضاء».
وخلاصة القول «إذا كان المغرب قد دشن بعض
الإصلاحات الهادفة للرفع من جودة الخدمات التي تقدمها المؤسسة القضائية ... فإن
مجال التكفل القضائي للنساء المعنفات بحاجة إلى مزيد من الدعم والتعزيز».
في «عرض حول تجربة جمعية الأشخاص المعاقين زاگورة اللجنة
الإقليمية للإعاقة» قال الأستاذ عبد الله لهرومي إن اللجنة الإقليمية للإعاقة بإقليم زاگورة أحدثت بقرار
عاملي رقم 05 فبراير 2010،والهدف من ذلك «إعداد وتفعيل مخطط استراتيجي إقليمي يهدف
إلى إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة في المشاريع السوسيو اجتماعية بالإقليم «. وتتكون اللجنة
بالإضافة للسيد العامل كرئيس أو من ينوب
عنه من السادة:
-
رئيس المجلس الإقليمي
-
المندوب الإقليمي للتعاون الوطني.
-
المندوب الإقليمي للصحة العمومية.
-
المندوب الإقليمي للتربية الوطنية .
-
المندوب الإقليمي للتشغيل بورزازات.
-
رئيس المصلحة الإقليمية لوكالة التنمية
الاجتماعية.
-
رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق.
-
رئيس قسم العمل الاجتماعي.
-
رئيس جمعية الأشخاص المعاقين بزاكورة.
-
رئيس المكتب الجهوي لمنظمة الإعاقة الدولية
بأكادير.
و«تجتمع اللجنة مرتين في السنة وكلما دعت
الضرورة لذلك»، ولا تفتأ تعد المخطط الإقليمي للإعاقة. وقد حصل في سنة 2014 «إعداد
المخطط الإقليمي للإعاقة بفضل التعاون
المثمر بين جمعية الأشخاص المعاقين بزاكورة ومنظمة الإعاقة الدولية ومكونات اللجنة
الإقليمية للإعاقة». وعرض الأستاذ عبد الله لهرومي التصميم المنهجي لمراحل إعداد
مخطط عمل إقليمى للإعاقة، الذي مر بأربع مراحل، لكل مرحلة أنشطتها ومخرجاتها:
-
إعداد المسلسل في شموليته، وذلك بتنشيط
«اجتماعات مجموعة العمل تحيين المسلسل المنهجي تحديد الحاجيات وإعداد الجداول
الزمنية»، للخروج بمنهجية مصادق عليها وتقارير ذات الصلة.
- تحيين المعطيات، أي:
«تجميع المعطيات والمؤشرات المرتبطة بالإقليم –إعداد خلاصة للمشروع والأنشطة
المنجزة- الاضطلاع على نتائج الدراسات المنجزة- توثيق وتحليل»، مخرجتها تقارير
أولية ومحاضر.
-
تنشيط ورشات تشخيصية، بالقيام بتنشيط تشاركى
«لورشات التشخيص، إن بتحديد الحاجيات،
وتحديد الحلول الممكنة، ووضع تساؤلات إستراتيجية ، مخرجتها تقارير أولية
ومحاضر.
-
تنشيط ورشات التخطيط تنشيطا تشاركىا بالبحث عن التوافقات، وتحديد
الأهداف الإستراتيجية، والتخطيط العملي، وعمليات الإرجاع، مخرجتها مخطط عمل في
نسخة نهائية.
-
تقديم المخطط للمصادقة عليه من لدن اللجنة
الإقليمية للإعاقة والنتائج أثناء اختتام أنشطة المشروع .
وأما الخلاصات الرئيسية المنبثقة عن أنشطة
التشخيص فكانت سبعة بيانها كالتالي وفق ترتيب الحروف الأبجدية:
أ-
«إن الأهمية التي تكتسيها
الولوجيات بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة في مجالات التمدرس والصحة
والتكوين والشغل والترفيه والرياضة والتي حصل التأكيد عليها من لدن المعنيين
ومقدمي الخدمات والأنشطة قائمة لكن يوازيها النقص في الوسائل التقنية والمالية على مستوى المؤسسات العمومية
والجماعات المحلية والجمعيات»
-
ب- ثبات «الإرادة القوية للسلطات
الإقليمية والفاعلين المحليين للدفع تدريجيا نحو تلبية هذه الحاجيات ومواجهة الإشكالية خاصة في إطار هيكل مصرح منظم بقرار عاملي (اللجنة الإقليمية للإعاقة) وترسانة
قانونية مهمة حول الولوجيات والتمدرس والصحة والتكوين والشغل قابلة للتطبيق على
مستوى الإقليم لكن تعارضها خصوصيات الإقليم
كمنطقة واحاتية ببنايات قديمة وهندسة في
نفس الشاكلة، وأزقة ضيقة وتشتت التجمعات السكنية».
-
ج- توافر «إمكانيات
للتدخل بأنشطة جماعية قصد تحديد المسالك الممكن اعتمادها فى مجالات متعددة، وإمكانيات
التمويل على مستوى المجالس الجماعية، وبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وممولين آخرين، ورغم ذلك لكن غاب
إطار تنظيمي والذي يمكن من تحديد الأولويات على المستوى الآنى والمتوسط، ونقص
فى الإخبار للأشخاص فى وضعية إعاقة مما يؤدى إلى إحالة المسؤوليات على المؤسسات
العمومية»
-
هـ-
«أهمية المساعدات
التقنية والمالية والمقدمة من طرف مختلف الفاعلين فى المجال لكن أمام غياب
إحصائيات دقيقة حول عدد الأشخاص فى وضعية إعاقة على مستوى كل تجمعات سكنية ونقص في تقييم القيمة المضافة
لهذه التدخلات»
-
هـ توافر«مركز سوسيو اقتصادي لتكوين الأشخاص في وضعية إعاقة ومراكز محلية
للإخبار والتوجيه لكن أمام نقص في المقاربة
الملائمة محليا لتفعيلهم
-
و- «احتمال ظهور نزاعات أثناء الاشتغال بأولويات خاصة وتشجيع المقاربة الإدماجية
مقابل التخلي عن المقاربة الإحسانية»
-
ز- توافر «أطر كفأة وذات إرادة قوية للمساهمة في
تحسين وضعية الفئات المعنية عبر أنشطة جماعية وذلك على مستوى المصالح الخارجية
للدولة والجماعات المحلية والجمعيات لكن
أمام نقص في مناهج التخطيط والحكامة المحلية ومفاهيم
الإعاقة وتدبير المجموعات ونقل المعرفة والتنشيط المجالي»
وأما النتائج المستخلصة من هذه الأنشطة فقد
بينت أن خمس حاجيات كانت ذات الأولوية جرى تحديدها هي كالتالي:
أ- خصاص ذى أهمية يمكن التقليل منه فى ولوجيات
الأشخاص فى وضعية إعاقة على مستوى الأماكن العمومية والمساكن.
ب - حصول فجوة مخيفة فى مجال تمدرس الأطفال
فى وضعية إعاقة والتى تؤكدها نسب التمدرس الملاحظة على المستوى المحلى والجهوي.
-
ج- تطور حاجيات فى مجال التغطية الصحية تفوق
بكثير طاقات المؤسسات الصحية
-
د - انتظارات بأوجه متعددة والتى تهم التكوين
المهنى والتكوين على ممارسة الحرف زيادة على إشكالية التكييف بين التكوين والشغل.
هـ - وسط سوسيو اقتصادي صعب لمواجهة الحاجيات
المتزايدة فى مجال المساعدات التقنية والمالية بالموازاة مع متطلبات المعنيين
ومن « من خلال النتائج المستخلصة وبناء على نتائج التشخيص، يمكن اعتماد إستراتيجية للتدخل ترمى
فى غاياتها إلى دعم مسلسل مواكبة
الأشخاص في وضعية إعاقة عبر خمس محاور
إستراتيجية مستقلة يصعب تحقيقها بمعية شريك وحيد».
1 - المحور الاستراتيجي الأول : «دعم عملي مشترك من
اجل تمكين الاشخاص فى وضعية اعاقة من ولوجيات افضل ملائمة لخصوصيات المنطقة"
وهي مقاربة بنيوية تهدف إلى التخفيف من المعاناة التى تعترض سبيل الأشخاص فى وضعية
إعاقة وتحد من حركاتهم أثناء الولوج إلى المؤسسات العمومية او حتى داخل
مساكنهم.
2 المحور الاستراتيجي الثاني : «تقوية العوامل المشجعة للرفع من نسب
تمدرس الأطفال فى وضعية إعاقة " وهى
مقاربة تربوية اجتماعية تعتمد على تأهيل العنصر البشري والرفع من مشاركته وذلك
بهدف تمكينهم من تحسين مستوياتهم المعرفية
3 - المحور الاستراتيجي الثالث : «الرفع من مستوى الولوج إلى الخدمات الصحية وهى مقاربة اجتماعية تهدف إلى التخفيف
من الهشاشة الصحية للأشخاص فى وضعية إعاقة والحيلولة دون تعرضهم لمظاهر الإهمال
والدفع بهم للإحساس بحس المواطنة»
4 - المحور الاستراتيجي الرابع : «تقوية
فرص الولوج إلى تحسين الدخل الفردي والأسري" وهي مقاربة سوسيو
اقتصادية تهدف إلى الدفع» بالشريحة المعنية إلى الانخراط و المساهمة في تحريك
الاقتصاد المحلي وذلك عبر مواكبتهم لتحسين دخلهم الأسري والفردي»
5 -المحور الاستراتيجي الخامس : ««دعم التواصل المؤسساتي والأنشطة
الاجتماعية» وهى مقاربة اجتماعية تهدف إلى تقوية القدرة على التدبير والتقييم».
لحسن ايت الفقيه
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire