lundi 21 décembre 2015

ورزازات: دور المجتمع المدني في إشاعة ثقافة حقوق الإنسان



في إطار الأنشطة التربوية والتوعوية التي والتحسيسية التي نظمها جمعية غراس للعناية بالأسرة احتفاء باليوم العالمي لحقوق الإنسان، نظمت جمعية غراس للعناية بالأسرة بمدينة ورزازات محاضرة تحت عنوان «دور المجتمع المدني في ترسيخ قيم المواطنة وحقوق الإنسان»، مساء يوم السبت 19 من شهر دجنبر من العام 2015، وترسيخا لمبدأ التشاركية حصلت دعوة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية ورزازازات للمساهمة في الموضوع والمناسبة. ولقد حصل تكليفي للقيام بالدور فألقيت محاضرة تحت عنوان «دور المجتمع المدني في إشاعة ثقافة حقوق الإنسان». 

انطلق النشاط بتقديم الأستاذ محمد أبهاوي عن جمعية غراس للعناية بالأسرة:«نشكركم على حضور هذه الندوة الحقوقية التي تنظمها جمعية غراس للعناية بالأسرة ورزازات بتنسيق مع اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية ورزازات التي تأتي احتفاء وتخليدا لليوم العالمي لحقوق الإنسان، والذي يحتفي به المنتظم الدولي في العاشر من شهر دجنبر من كل سنة، وغير خاف عليكم أن جمعية غراس للعناية بالأسرة، وبعد بذل جهودها لمدة عشر سنوات فتألقت في مجال العناية بالأسرة ورعاية الأيتام والأرامل بصفة خاصة، موضوع هذه الندوة وهو دور المجتمع المدني في إشاعة ثقافة حقوق الإنسان وترسيخها بجهة درعة تافيلالت، وهو موضوع يستحق كل الأهمية لما له من آثار، وأهمية بالنسبة للمجتمع المدني. وسنحاول أن نتعرف من خلاله على الجدلية القائمة بين المجتمع المدني وحقوق الإنسان بصفة عامة، ثم نستعرض تجربة غراس، في الدفاع عن حقوق الأرامل والأيتام بصفة خاصة. يشرفنا أن نستضيف اليوم الأستاذ لحسن ايت الفقيه، وهو من مواليد 1961 بالريش إقليم ميدلت، حصل على الإجازة في التاريخ سنة 1986، له عدة مؤلفات نبين منها:
-        إملشيل: جدلية الانغلاق والانفتاح
-        المرأة المقيدة: دراسة في المرأة والأسرة بالأطلس الكبير الشرقي
-        فصول من الرمز والقيمة في بيئة طيور الأطلس الكبير الشرقي
-        إملشيل: الذاكرة الجماعية مع الأستاذ باسو وجبور
-        الرموز الدفينة بين القبورية والمزارات الطبيعية
وله مؤلفات أخرى تحت الطبع، يشتغل في الحال إطارا إداريا لدى اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية ورزازات، مكلف بحماية حقوق الإنسان، وعضو اتحاد كتاب المغرب، كاتب صحافي مدون، وهو صاحب مدونة الجنوب الشرقي، حصل تمتيعه بلقب أفضل شخصية لسنة 2015، من لدن مؤسسة عرب بلا حدود، وإن هذا اللقب ليمنح للشخصيات المتطوعة المساهمة في دعم الثقافة والمؤسسات. أرجوكم أن ترحبوا بهذا الشخص بالتصفيق والتصدية ولأعطيه الكلمة».
أشير أنه «بعد ملامسة الموضوع (دور المجتمع المدني في إشاعة ثقافة حقوق الإنسان) ثبت أنه موضوع صعب معالجته وذو طابع إشكالي، فكان أن جذذته غلى ثلاث عناصر:
-        المجتمع المدني وحقوق الإنساني كسمة إشكالية.
-        التناقض الخارجي وقعه على بروز الانشغال بالديموقراطية وحقوق الإنسان في المغرب والاشتغال عليها
-        المجتمع المدني وحقوق الإنسان بالجنوب الشرقي المغربي
يعد مفهوم المجتمع المدني من المفاهيم المبثوثة بكثرة في السنوات الأخيرة. ورغم ذلك، صعُب تحديد عناصره وما يميزها تمييزا شاملا، للغموض في خلفياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فوق أنه مفهوم متغير. ويستغرق المفهوم الجمعيات والتعاونيات، والنقابات المهنية، والمنظمات غير الحكومية، والأحزاب السياسية والغرف المهنية. ولأن المجتمع المدني يبطن في تعريفه تعقيدات فما الحال إن اقترن بحقوق الإنسان؟ إن الاقتران بين الصناعتين حسب تعبير القدماء وتركيبهما تركيبا غير مزجي موضوع ذو طابع إشكالي على مستوى المفاهيم والمضامين والمجال، مجال الاشتغال عليهما كسمة، أو الاشتغال بهما كآليات ومقاربات. ولئن كان المجتمع المدني متصلا بكل الأنشطة التي تمارسها جماعة من الأشخاص، بما هم متطوعون، مابرحت التطوعية سمة المجتمع المدني، فهو – المجتمع المدني- يؤدي عملا غير مؤدى عنه. بفضل مواطنين أحرار منسجمين لقدرتهم على العيش بشكل مشترك، وخضوعهم للسلطة التي أنشأوها بما هم متقاعدون في الجمعية والهيئة والمنظمة، بغية تحقيق أهدافا [مفعول به، المصدر يعمل عمل فعله] رسموها.  ولئن كان المجتمع المدني يمارس أنشطة تروم تحقيق أهدافا مشتركة ومصالح وتقديم خدمات داعمة، وممارسة الاقتراح والترافع أملا في التأثير على السياسة (السياسات) العمومية، فإن مراده –المجتمع المدني- لا يستقيم بدون الاستئناس بحقوق الإنسان، لا من حيث هي قيم تخدم الإنسان، بل من حيث هي قيم مفصلة في فصول ومبوبة، أي: إنها منتظمة كقوانين ضمن اتفاقيات وعهود وإعلانات ومبادئ منها ما يلزم مصدقيها ومنها ما له قوة حجية استشهادية. والاستئناس بحقوق الإنسان يجري باعتماد المقاربة الحقوقية في الممارسة الجمعوية والآداء الجمعوي عامة، والتأسيس على حقوق الإنسان لممارسة المرافعة والضغط دعما للديموقراطية التشاركية في أحسن الأحوال والتأثير على القرار تغييره. وقبل ذلك فالممارسة الحقوقية تزداد فعالية إذا تبنتها جمعيات المجتمع المدني، منظمات غير حكومية لا تروم الربح. وبالمقابل نلفى أن الممارسة الحقوقية من اختصاص الحكومة لأن الدولة وحدها هي المسؤولة عن إعمال حقوق الإنسان، والمجتمع المدني لا يحمل مضمونه حتى يستقل عن الحكومة. ووجب الانتباه إلى أن القيم الحقوقية وحدها التي لم تترهل في أحضان الدولة. فالمسيحية مفعمة بقيم التسامح لكنها ترهلت في أحضان الكنيسة، وليس هناك ما تشان به الاشتراكية كأفكار تروم المساواة الحقوق والواجبات، لكنها ترهلت في أحضان الدولة. ومما يميز قيم حقوق الإنسان عن باقي القيم الدينية والثقافية انتظامها في فصول. فالحق في الحياة واضح في تعاليم الإسلام، ودرء الميز بيّن، والحق في العلم ثابث. ومما جعل الممارسة الحقوقية تصمد أمام المتغيرات تضمينها في ممارسة المجتمع المدني، فباتت تتجدد بروح التطوع. وباختصار، إذا كان المجتمع المدني مستقلا عن المجتمع السياسي فإنه يتقاطع مع صناعة حقوق الإنسان  ويلتقي معها في الديموقراطية. فكلما سادت الديموقراطية وعم نظامها حسُن آداء حقوق الإنسان. فالممارسة الديموقراطية هي عينها الممارسة الحقوقية، أو على الأقل، تستصحب إحداهما الأخرى وتستلزمها.
إن المفهومين المجتمع المدني وحقوق الإنسان متداخلان من حيث المضمون ومختلفان أيضا. فقد نلفى المجتمع المدني يمارس الترافع ويمارس في مجال حقوق الإنسان، مادام الانتقال الديموقراطي لم يحصل على وجهه. ولما يحصل الانتقال الديموقراطي ترفع القيود والحواجز فتلفى الالتقائية بين الصناعتين المدنية والحقوقية. ذلك أن الناظر في ممارسة الصناعتين يصادفهما ملتقيتين في الإنسان كجوهر. الإنسان اللصيق بالحقوق الطبيعية كالحق في الحياة والحق في السلامة الشخصية وفي الانتماء، والحق في حرية التفكير والتعبير، والحق في الصحة والتعليم والشغل، وفي بيئة سليمة، والإنسان ذو الحوافز والدوافع المنتظمة في هرم ارتقاء القيم للمفكر النمساوي ماسلو. والتقاطع بين الصناعتين المدنية والحقوقية تطرح إشكالية التحديد والأسبقية، فهل يستقيم النظر إلى المجتمع المدني آدائه من خلال الممارسة الحقوقية؟ وهل تستقيم الممارسة الحقوقية آداؤها على وجهها بالنظر إليها من زاوية المجتمع المدن؟ وهل المسألة، التعقيد في العلاقة بين الصناعتين، تبرز في التفاعل بين الصناعتين، درءا للاحتكام بالبعد الواحد؟ فمن زاوية النظر الحقوقية لا تستقيم ممارسة المجتمع المدني، مادامت الممارسة الحقوقية فاعلها الدولة لزاما، والدولة نقيض المجتمع المدني، والنظر إلى الممارسة الحقوقية من زاوية المجتمع المدني تقضي حث الحكومة على احترام التزاماتها الحقوقية وفق ما صدقته من اتفاقيات. فالحل المرحلي يقضي العمل بالالتقائية.
وللتناقض الخارجي وقعه على تقدم أداء المجتمع المدني. لقد تطور المجتمع المدني في أوروبا الشرقية ثم مافتئ يبرز كقوة تداني المجتمع السياسي وتؤثر عليه بالاقتراح. هنالك ظهرت مفاهيم أخرى، في حقل الديموقراطية كالديموقراطية التشاركية التي تكاد توازي الديموقراطية التمثيلية، تزامن ذلك وتراجع الأنظمة الاشتراكية في أوروبا الشرقية، وقد تأثر المغرب بهذا السياق لينخرط في مسيرة الانفتاح على الديموقراطية. وبموازاة ذلك تبلور مفهوم العدالة الانتقالية بعد الحرب العالمية الثانية ورسا كصناعة بتعبير القدماء إثر انهيار الأنظمة الشمولية في كل من البرتغال وإسبانيا لتحوس الصناعة الأرجنتين والشيلي ويوغوسلافيا ورواندا وجنوب أفريقيا. والعدالة الانتقالية تمهد دواما لمجتمع ديموقراطي تسود فيه الثقة بين الدولة والمواطن، وتفتح مجالا للنشاط المدني، ولقد انتقلت هذه المفاهيم إلى المغرب وتجسدت في عمل هيئة الإنصاف والمصالحة. وفي تلك الأثناء، وريث انتشار مساعدة الدول التي تتخبط في أهوال التخلف ظهرت مقاربات تنموية والاليات الجديدة للتنمية التي يجب اعتمادها من طرف المجالس والجمعيات كلها ترتكز على مقاربات تشاركية من التشخيص التشاركي، والتخطيط الإستراتيجي التشاركي، والتخطيط بالأهداف، والتدبير المبني على النتائج، وبناء المشاريع الإجتماعية و تدبيرها. وأما المقاربة  التشاركية فقد ثبت بأنها ليست حديثة إذ ترجع بدايتها بأوروبا  إلى سنة 1970، وتشهد في الوقت الحالي اهتماما كبيرا ونجاحا فائقاـ بما هي رافعة لتقوية الديمقراطية والحكامة الجيدة واللامركزية. وإلى جانب تطور المجتمع المدني، وتبلور العدالة الانتقالية، وانتشار المقاربات التنموية شهدت حقوق الإنسان تطورا فائقا قبيل انعقاد مؤتمر فيينا وبعيده وحسبنا أنالمغرب وقع أربع اتفاقيات في سنة واحدة؟ ويبتغي من ذلك الاستعداد لقمة عالمية ما بين الحكومات والمجتمع المدني، لإعداد خطة وبرنامج عمل. وليبين نيته الحسنة وحُسن انخراطه في المؤتمر الدولي (فيينا) لحقوق الإنسان. فكان أن الاتفاقيات الموضوعاتية التالية:
-      اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز [الميز] ضد المرأة:  يطلق عليها (سيداو) واعتمدت وعرضت للتصديق والتوقيع بموجب قرار جمعية الأمم المتحدة رقم 34/180 المؤرخ يوم 18 من شهر دجنبر من العام 1979 وبدئ تنفيذها يوم 03 من شهر دجنبر من العام 1981، وصدقها المغرب يوم 21 من شهر يونيو من العام 1993.
-      اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة: اعتمد وعرض للتصديق والتوقيع بموجب قرار جمعية الأمم المتحدة رقم 39/46  المؤرخ في 10 من شهر دجنبر من العام 1984، وبدئ تنفيذها يوم 26 من شهر يونيو من العام 1987، وصدقها المغرب يوم 21 من شهر يوليوز من العام 1993.
-      اتفاقية حقوق الطفل: اعتمد وعرض للتصديق والتوقيع بموجب قرار جمعية الأمم المتحدة رقم 44/25 المؤرخ في يوم 20 من شهر نونبر من العام 1989، وبدئ في تنفيذها يوم 02 من شهر شتنبر من العام  1990 وصدقها المغرب يوم 21 من شهر يونيو من العام 1993.
-      الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأعضاء أسرهم: اعتمد بموجب قرار جمعية الأمم المتحدة رقم45/158 المؤرخ في يوم 18 من شهر دجنبر من العام 1990، وشرع في إجراء تنفيذها في شهر يوليوز من العام 2003، وصدقها المغرب يوم 21 من شهر يونيو من العام 1993.
ولم يقتصر المغرب عند توقيع الاتفاقيات الموضوعاتية بل التزم بتوصيات المؤتمر في اعتماد خطة العمل الوطنية في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان، وتبني مبادئ باريس في إحداث مؤسسة وطنية تعنى بحقوق الإنسان. بيان التوصية حول الخطة (يوصي المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان بأن تنظر كل دولة في صياغة خطة عمل وطنية تبين الخطوات التي ستحسن بها الدولة تعزيز حقوق الإنسان وحمايتهاـ وكانت أستراليا هي التي اقترحت إعداد خطط عملية حول حقوق الإنسان واعتمد المؤتمر المقترح فكان إحدى توصياته، وتروم الخطة تحقيق عدة أهداف من ذلك رسم السياسة على الحق بدل الحاجة، وضمان الانسجام بين مختلف البرامج ابتغاء تحقيق الانسجام، والتماسك الاجتماعي، وتحسين ظروف عيش الأفراد، وتحقيق التنمية وضمان الحكامة الجيدة.
وساهمت العدالة الانتقالية، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في المغرب وفي الجنوب الشرقي المغربي عامة في إنشاء دينامية مدنية استفادت من كل المقاربات التنموية والحقوقية التي شهدتها دول الشمال خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وحصل بموازاة ذلك نزول مشاريع تحملها المنظمات الأجنبية فتطورت الشراكات بين جمعيات المجتمع المدني والقطاعات الحكومية.
وتكاد الالتقائية كمنهج ترتبط بمبادئ باريس الخمسة، إن لم نقل إن التأسيس لها لا يستقيم بدون استحضار هذه المبادئ وقياس مدى تفعيلها إن على المستوى المؤسساتي الحكومي أو على المستوى الجمعوي والنقابي أيضا.ذلك أن مبادئ باريس عي التي تحدد نجاعة التنمية وفعاليتها.
أتى إعلان باريس نتيجة بعض التحولات الدولية في التسعينات من القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة
كان المستوى الأول من النقاش قبل صدور إعلان باريس سياسيا طرحت فيه مصالح الدول،أي أن النقاش بدأ  حول التنمية في العالم وقضايا الفقر، في بداية 2000.وقبل ذلك كان النقاش ينصب على المساعدات التي تقدمها الدول الغنية للدول الفقيرة.وقد تغير الوضع بفعل ضغط من المنظمات الإنسانية التي ترى أن للشعوب الضعيفة الحق في التنمية. ولتوضيح علاقة الفقر ببعض الممارسات الشاذة  من ذلك الإرهاب والمخدرات وطبيعة النظام القضائي والسياسي على سبيل المثال. وقبل ذلك فإن كل قضايا التنمية هي قضايا ذات طابع دولي.  نقول تغير الوضع وتغيرت معه  الرؤية  حول المساعدة الإنسانية بعد عولمة الاقتصاد الذي أثر على الدول الفقير.
ولقد وضعت معايير للاستفادة من المساعدات،بيانها أن كل دولة لم تحقق ثمانية أهداف (موجودة في وثائق جيكا ووكالة التنمية الاجتماعيةADS) لن تستفيد من المساعدة  الدولية. و في السياق ذاته كان على كل دولة أن تقدم تقريرا حول مدى تحقيق تلك الأهداف وإلا ستكون خارج الإجماع الدولي. وهذا بيان تلك الأهداف:
- التقليص من الفقر والجوع بنسبة 50 في المئة في حدود 2015.
- تحقيق المساواة للجميع خصوصا في تعميم التعليم الأساسي في حدود2015(تعليم أساسي جيد).
- النهوض والمساواة بين الجنسين وتحقيق استقلال النساء.
- التقليص من وفيات الأطفال (نسبة الوفيات مرتفعة للأطفال)
- تحسين صحة الأم- محاربة السيدا وكل الأمراض المتنقلة جنسيا
- تحقيق بيئة مستدامة.
- وضع شراكة دولية في مجال التنمية.
- التزام أخلاقي وسياسي وتنموي لدعم التنمية.
وبعد وضع الإطار شرعت الدول في الاشتغال على تحقيق الأهداف المذكورة. ودون تفصيل القول في  الأشواط التي قطعتها تلك المساعدات الدولية من الانتقال من المساعدة الإنسانية على شكل إعانات إلى المساعدة التنموية مرورا بالملتقيات والندوات في هذا الشأن(الندوة الدولية حول تنمية التمويل 2002،في سنة2003 انعقد الملتقى الرفيع المستوى حول ملاءمة الإطار المالي)، نقول إنه في سنة 2005 نظمت اجتماعات استثنائية عمومية للجمعية العامة للأمم المتحدة لتناقش إعادة هيكلة الأمم المتحدة،لما تبين من خلال التقارير فساد موظفيها أثناء التدخل لتقديم المساعدات في العراق وسيراليون وأنغولا ولتناقش ثانيا خمس سنوات من العمل على الأهداف المذكورة. ونضيف أنه أثناء هذه الاجتماعات عرضت كل هذه الدول تقارير حول إنجازها، إلا المغرب حيث وجد نفسه لم يقم بأي شيء في هذا المجال. وبعد أخذ ورد استقر الرأي على إعلان المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في الجمعيات الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة. وبعد ذلك مضت سنة ونصف لم ينجز فيها أي شيء، بفعل الانشغال في التكوين والإعداد. فالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية قرار سياسي أتى للإجابة لمشكل تقني وهو إنجاز ضخم في مجال الالتقائية حيث حملت معها بعض آليات الاشتغال.
أتى إعلان المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعد إعلان باريس الذي صدر سنة 2005 ما بين 141 بلدا و 26 هيئة14و14 منظمة غير حكومية.يحوي إعلان باريس خمس مبادئ:
- التبنيAppropriation
- الانحياز-الملاءمة- المحاذاة(Alignement)
- المواءمة.Harmonisation
- التدبير المتمركز على النتائجGestion axée sur les résultats .
- المسؤولية المتبادلة Responsabilité mutuelle
ومن المفيد قياس مبادئ إعلان باريس على مستوى جهة درعة تافيلالت. وإذا أردنا ذلك نلمس ما يلي:
- ضعف التنسيق بين الإدارات المحلية فيما بينها وبينها وبين الجمعيات.
- ضعف التتبع ومراقبة المشاريع (مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مثلا).
- ضعف أنظمة محاسباتية لدى الجمعيات أو انعدامها.
- قلة المتابعة البعدية للمشاريع المنجزة لمعرفة وقعها على السكان.
- ضعف تشخيص المحيط من قبل المانحين.
- غياب المخططات والبرامج المحلية التنموية.
- عدم ملاءمة المشاريع الممولة من طرف الممولين مع أولوية المنطقة.
-خلل بين الدراسة التقنية للمشروع والصيغة التنفيذية.
انعدام الملاءمة بين المساطر المتبعة في إنجاز الصفقات بالنسبة للمولين الخارجيين وشروط التنافسية.
- مركزية القرارات.
- خلل على مستوى التتبع والتقييم للمشاريع والبرامج.
- عدم الاهتمام بمرحلة تتبع النتائج
-غياب آلية لتتبع وتنسيق المجهودات على مستوى تقييم النتائج.
- غياب مؤشرات واضحة.
- تعقد المساطر الإدارية وثقل الوصاية.
- تضارب الأهداف والرهانات بين مختلف المتدخلين.
- غياب التنسيق والتواصل بين الجمعيات التي تشتغل على نفس الأهداف.

حصل الإعلان عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يوم 18 من شهر مايو من عام 2005، ووفرت لها مبالغ مهمة تكاد تضاهي 10 ملايير درهم على مدى خمسة أعوام ولرامت المبادرة تحقيق تغير إستراتيجي باعتمادها الحكامة الجيدة في التنفيذ، واعتماد التخطيط، ومراعاة حاجات السكان الأساسية، واعتماد المقاربة النوعية، ونزلت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مشاريعها 403 جماعة قروية، و264 حيا حضريا وشبه حضري.
ولا غرو، فالمغرب لا يعتمد على المساعدات الأجنبية حيث تشكل هذه الأخيرة نسبة 1.8 في المئة من الدخل الخام. وعلى الرغم من عدم اعتماده على المساعدات الأجنية فهو يحتل المرتبة 136 في التنمية البشرية. فالمشكل يكمن في توزيع الثروات.
وبموازاة ذلك وُضع للفقر إستراتيجية لمحاربته، فكان على المستوى المؤسساتي، إنشاء وزارة التنمية الاجتماعية بناء على الظهير رقم 207.99.1 المؤرخ ب 25 غشت 1999. ولقد عملت الوكالة المذكورة على تمويل مشاريع التنمية الاجتماعية في مياه الشرب ومحو الأمية والكهرباء والخدمات الصحية والتعليم الأساسي. وباختصار، كان العقد الأول من الألفية الثالثة بما عرفه من إصلاحات ذات أهمية.

وعلى المستوى الداخلي أدت مؤشرات التنمية البشرية المتدنية، في المعرب، والبارزة في العجز الاجتماعي الذي سجله المغرب على مستوى   الدخل الفردي، ومعدل الحياة، وانتشار الفقر المدقع، واستفحال الأمية، وتطور نسبة البطالة، وكثرة الأطفال المهملين، وطغيان ظاهرة التسول، وارتفاع وقع التهميش، وعدم الرضا عن وضعية المرأة، إلى الاهتداء إلى برامج تندرج في إطار التنمية البشرية. ولقد انجر عن وقع مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعض الإكراهات الإيجابية، من ذلك الإكراهات الاجتـماعية والاقـتصاديـة والـضغـوطات الداخلية والخارجية، مما دفع بالدولة إلى إرساء انفتاح سياسي واجتماعي لترطيب الأزمة، وذلك من خلال الانفتاح على المؤسسات غير الحكومية وأخذ العمل مع النسيج الجمعوي كمبدأ أساسي. ويسجل اعتراف الدولة بدور الجمعيات واعتبارها شريكا إستراتيجيا في العملية التنموية. وما على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مشاريعها إلا أن تثمن بدورها عمل المجتمع المدني وترسي الالتقائية في أطراف ثلاثية : السلطات المحلية، والمنتخبون والجمعيات.
وتقوم الالتقائية على التنسيق بين المصالح المركزية على مستوى المركز أولا ثم على مستوى المديريات الجهوية ثم على مستوى المندوبيات في الأقاليم، وجمعيات المجتمع المدني. ولقد تبين أن ليس هناك تنسيق في المستوى المطلوب إن على مستوى المركز أو على مستوى الجهة.وأما على المستوى الإقليمي فيحدث الأسوأ ذلك أن مندوبي المصالح الحكومية الخارجية في أقاليم جهة درعة تافيلالت يجهلون كيف ينجزون المطلوب لأنهم لم يشاركوا في إعداد المشاريع من جهة ومن جهة ثانية فأغلبهم مبتدئون متدربون أو عينوا في الهامش بناء على قرار تأديبي. ولم ترق العمالات، وإن كانت كان بعض عمال الأقاليم ينظمون سابقا وكل أسبوع ما يسمى اجتماع اللجنة التقنية، إلى مستوى خلق التقائية ذات بعد استراتيجي تنموي. ذلك أن العمالات، وإن كانت واحدة من آليات خلق الالتقائية،لا تزال تعمل تحت وقع الهاجس الأمني. وأما الجمعيات المحلية فلا تزال عاجزة عن خلق شبكات وأقطاب للتنسيق والتشاور، ما دام التنسيق مقدمة للالتقائية، ولم تنجح بعض المشاريع الكبرى (مثل برنامج فيدا بجبال الأطلس الكبير الشرقي) في خلق أنسجة جمعوية، كما حدث لما ساهم برنامج (سابان) في ميلاد شبكة الجمعيات التنموية لواحات الجنوب الشرقي بالرشيدية.
 وحصل بفضل الالتقائية أن برز  أن بعض الجمعيات تتمتع بمصداقية بعملها الجاد وتجربتها الهامة التي مكنتها من استقطاب التمويل الأجنبي وجلبه، والتمكن من التأطير وتحريك همم المواطنين وطاقاتهم، وخلق مشاريع مدرة للدخل، وخلق فرص للشغل، والتدخل في ميادين شتى إلى جانب الدولة التي لم تعد قادرة على فعل كل شيء نظرا لمحدودية مواردها المالية والبشرية ولا تملك المعرفة وحدها ولا تعرف خصوصيات المجال.
ولقد ساهمت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي قامت على مؤشرات متدنية، إن على مستوى الدخل الفردي، أو على مستوى الفقر والأمية والبطالة وانتشار أطفال الشارع والتسول والتهميش على انتشار الجمعيات وتطورها. ذلك أن الإكراهات الاقتصادية والاجتماعية والضغوطات الداخلية والخارجية دفعت الدولة إلى إرساء انفتاح سياسي واجتماعي من مظاهره الانفتاح على المؤسسات غير الحكومي، وأخذ العمل مع الأنسجة الجمعوية كشركاء إستراتجيين في العملية التنموية، وكمساهمين في إرساء الالتقائية.
وبموازاة ذلك تنوعت متطلبات السكان وتطورت، ونما وعيهم بحقوقهم الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، فحصل أن انخرطوا هم أنفسهم في عدد من الجمعيات الاجتماعية والثقافية والرياضية وجمعيات الأحياء. ولوحظ نمو وعي بعض السكان بأن التنمية المحلية لا تهم المؤسسات فقط،  بل تهم  كذلك مسؤولية المواطنين بدون استثناء. وشهدت الدينامية التي صنعتها التنمية البشرية تفريخ جمعيات عشائرية بالجنوب الشرقي المغربي، جمعيات تضم مكاتبها الزوج والزوجة والعم وابن العم، أملا في الاستفادة من التنمية البشرية بشكل عشائري.
ولم تنزل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية قبل إعداد بعض العدة فقد
حصل انتشار التعاون والشراكة وفق ما نص عليه الميثاق الجماعي، من قبل، في المادة 42 منه التي تفيدنا بأن الشراكة لن تكون سوى إحدى الاختصاصات الذاتية للجماعات. وهي مختلف أشكال التعاون والمبادرات والتحالف الإستراتيجي بين الجماعات والإدارات المحلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص من أجل تحسين وتدبير التنمية المحلية. وتصور الميثاق مشاركة السكان والمجتمع المدني متجلية في الحق في الإخبار ومتابعة دورات المجلس والإطلاع على مقرراته، والتشجيع على إحداث التعاونيات السكنية وجمعيات الأحياء المادة 38، ونص على إمكانية مشاركة السكان والمجتمع المدني عبر ممارسة المجالس لاختصاصاتها الإستشارية.
وصدر، من بعد، منشور الوزير الأول رقم  2003/7 بتاريخ 27/06/ 2003 ليدعو إلى إشراك الجمعيات في تدبير الشأن المحلي والشراكة الاجتماعية، وشكل المنشور وثيقة هامة لتنظيم الشراكة بـيـن الـدولـة والجماعات المحلية والجمعيات وباقي الشركاء العموميين والخواص. ذلك أن ملامسة إشكالية التنمية والوعي بالفرص التي يتيحها هذان الفاعلان انجرت عنها وجاهة الدخول في الشراكة وتحمل المسؤولية المشتركة التي نصت عليها المقتضيات ذات الصلة.
وحصل عقب عمل هيئة التحكيم المستقلة، ابتداء من 16 غشت 1999، جرى إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة في شهر يناير 2004 لتتكلف بالبحث والتحري وإصدار توصيات حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي شهدها المغرب في الفترة الممتدة ما بين 1956 و1999. ولما شرعت في تمحيص شأن انتهاك حقوق الإنسان، في سنوات الرصاص، تبين ريث التحريات ضرورة التعاطي بالميز الإيجابي مع ملفات النساء، لأن معانتهن مضاعفة.  ولما فرغت من تمحيص الملفات، تبين من شعور سكان مجموعة من المناطق تعرضها المباشر، أو غير المباشر، لأضرار مرتبطة بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. لذلك أسست الهيئة موقفها، وأوصت بجبر الضرر الجماعي، بناء على تحريات قام بها الاتحاد الأوروبي في بعض المناطق (تازمامارت على سبيل الذكر)، أو تحريات قامت بها بعض الجمعيات في مختلف مواضع الانتهاك. واعتمدت الهيئة كذلك خلاصات المنتدى الجمعوي الذي نظمته بالرباط، في يوم 30 من شهر شتنبر من العام 2005 والفاتح من شهر أكتوبر و02 منه حول الموضوع.
يعد برنامج جبر الضرر الجماعي، فوق ذلك، مكسبا من مكاسب المجتمع المدني، إذ لا يمكن الحديث عنه أو عن إعماله، بما هو حق معلوم لبعض المناطق، كما كان جبر الضرر الفردي حقا معلوما لبعض الأفراد المتضررين من انتهاكات السنوات الماضية، دون استحضار الجمعيات المحلية والإقليمية. ولما كانت الجمعيات تنظم السكان، ولا تمثلهم فإنه من الضروري، ولكي يتخذ البرنامج بعدا تشاركيا شفافا، مشاركة المجالس الجماعية المحلية، لأنها تمثل السكان. والبرنامج، شأنه شأن الحقوق الأخرى، تقوم الدولة بإعمالها، مما يستدعي انخراط المصالح الحكومية فيه. ومن هذا المنطلق بدأ التفكير في تأسيس التنسيقيات المحلية لجبر الضرر الجماعي، لتضم ثلاث تقاطعات فضلا عن تمثيلية المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والسلطات الإقليمية: التقاطع العمودي الذي تمثله المصالح الحكومية، والتقاطع الأفقي الذي تضمنها والجماعات المحلية التي تدعى في الحال جماعات ترابية ، وظل دور المجتمع المدني آليا ارتداديا يحقق الالتقائية مع المصالح الإقليمية، ومع الجماعات المحلية باعتبار المجتمع المدني يتجلى في الضغط والمرافعة، وضمان تنفيذ بعض المقارباتن إذ المجتمع المدني لا يمثل السكان وإنما ينظمهم ضمانا للمشاركة. وتعد التقاطعات التي حملتها التنسيقيات المحلية لجبر الضرر الجماعي متقدمة عن تلك التي حوتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وإن حازت المبادرة تفضيلا بالسبق، وكان لها أن طورت آداء جمعيات المجتمع المدني التي نشأت منذ وقتها تهتم بالممارسة الحقوقية الصرفة. وبدت أهداف جبر الضرر الجماعي مختزلة في جبر الأضرار وتحقيق الإنصاف والمصالحة بين الدولة والسكان، فكان أن اتضحت من بعد محاور البرنامج في تقوية الحكامة والحفظ الإيجابي للذاكرة، وفك العزلة، وتحسين الخدمات والنهوض بأوضاع النساء والأطفال. وشرع في تنفيذ البرنامج ابتداء من شهر دجنبر من العام 2005 بإعداد هياكله بالتدريج، ثم انتقل المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى تأسيس التنسيقيات المحلية لجبر الضرر الجماعي، وفق إفريز كرونولوجي، لا يفيدنا بيانه.
ومما يعاب على هيئة الإنصاف والمصالحة أنها لم تتعامل مع برنامج جبر الضرر الجماعي بالمعايير التي تعاملت بها مع برنامج جبر الضرر الفردي الذي لا يستقيم بدون  معالجة ملفاته بشكل يحايث شكلا ومضمونا الملفات القضائية. فلا تعويض بدون قرار يعلل ذلك بحيثيات مقنعة تبرر أن الضحية الفرد يملك حق التعويض، أو أن مزاعم المطالب بالتعويض لا تقوم على أساس صلب. ولأن برنامج جبر الضرر الجماعي ليس قضية يحق البت فيها بناء على الحيثيات والتعليل، فالفرد لا يشبه الجماعة. لذا كان على الهيئة أن تقوم بمسح كامل للمجال المراد جبر ضرره  الجماعي وتحديده تحديدا يصح تمثيله كارتوغرافيا على الورق، ويسهل ملامسة تجانسه السوسيوإقتصادي والسوسيوثقافي.
وباختصار، هناك ما ينتقد في تحديد خريطة جبر الضرر الجماعي، من حيث اعتمادها على التقطيع الإداري، وعدم مراعاتها للوحدات السوسيومجالية المتجانسة ثقافيا وإثنوغرافيا واقتصاديا. وعن أسباب الاختيار تأكد للهيئة أنه لا يمكن أن يعد مكانا ما موطنا لجبر الضرر الجماعي، ولا يحق تمثيله ما لم يعرف حدثا نتج عنه الانتهاك، ونتج عنه الإقصاء والتهميش أو يحتضن معتقلا سريا انجرت عنه عزلة المكان ونسيانه أو إزاحته جانبا. ولقد حمل إقليم الرشيدية، قبل تقسيمه بإحداث إقليم ميدلت، خمس مواضع: إملشيل، وتازمامارت، وكرامة، وأملاكو، وكلميمة، وأنجرت ضمن البرنامج، بعض المشاريع التي انصبت على الممارسة الحقوقية الصرفة، وحسبنا أنه في يوم 15 من شهر دجنبر من العام 2007 نظم النسيج الجمعوي للتنمية والديموقراطية بمدينة زاكورة ورشة عمل حول إدماج مقاربة النوع الاجتماعي والحقوق الإنسانية للنساء في برنامج جبر الضرر الجماعي، بشراكة مع صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ونظمت جمعية أصدقاء التلميذ القروي بشراكة مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وبدعم من الاتحاد الأوروبي، وبتنفيذ من مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير مائدة مستديرة يوم 21 من شهر يناير من العام 2011، حول تحسين وضعية المرأة.
واتضح من البرنامج ضرورة الاهتمام بمحاور الذاكرة والنوع الاجتماعي والبنية التحتية. وحسبنا أن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان اجتهد في تفسير مواقف البرنامج وقدم توضيحات كثيرة بناء على خلاصات أوراش فتحت لدراسة الموضوع وتفسير أهدافه. ويعد برنامج جبر الضرر الجماعي فلسفة اجتماعية رمزية مجالية تنظر إلى الإنسان في علاقته بالمجال علاقة ذات بعد تاريخي وثقافي يكمن في الذاكرة. والإنسان في برنامج جبر الضرر الجماعي لا تستقيم كينونته بدون تصحيح تلك العلاقة التي تعرضت لبعض الاهتزاز والتشويش في سنوات الانتهاكات الماضية. إن تصحيح علاقة الإنسان بالمجال وتقويمها مدخل للمصالحة بين المجال في بعديه الاجتماعي والثقافي ومع الدولة بمكوناتها وإعادة الثقة بينهما. ويعد الإعمال السليم لبرنامج جبر الضرر الجماعي مدخلا لتسوية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للرجال والنساء على السواء.
وتنبغي الإشارة إلى أن برنامج جبر الضرر الجماعي، بما هو مشروع فلسفي أيضا لم يرق بعد إلى نسق جامع شامل. فكل تجربة في البرنامج تعطينا أفكارا وقيما جديدة لم يحصل الانتباه إليها، أفكارا وقيما تدور حول العلاقة بين الإنسان والمجال وبينه وبين الدولة. والمستفاد من تفصيل القول في فلسفة البرنامج ربط المجال بالإنسان وبالذاكرة، واستحضار مقاربة النوع الاجتماعي.
وأتى التنسيق مع برنامج جبر الضرر الجماعي في إطار تنفيذ اتفاقية الشراكة المبرمة مع وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي التي تهم إعمال برامج محو الأمية وتهم إدماج مفاهيم تتعلق بالعدالة الانتقالية وجبر الضرر الجماعي وحفظ الذاكرة في برامج محو الأمية. وأتى ذلك في إطار دعم العمل المشترك بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومديرية محاربة الأمية، هذا العمل الذي ترسخ على أرضية الواقع من خلال تنفيذ بنود اتفاقية الشراكة المذكورة والتي حصل توقيعها في إطار تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة  المتعلقة بجبر الضرر الجماعي من جهة، وتطوير برامج مشتركة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان من جهة أخرى. وذلك طمعا في توطيد العمل المشترك والتشاركي مع المجلس، وعلى سهرها على تفعيل التزامات الوزارة في ما يخص توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بجبر الضرر الجماعي وجعل ذلك من ضمن أولويات الوزارة. ومن حسنات البرنامج أنه يستهدف النساء بشكل مباشر لإخراجهن من براثن الأمية لغاية إدماجهن في عجلة التنمية وتحسين أوضاعهن وهن من كانت معاناتهن مزدوجة خلال سنوات الرصاص، بما هن أمهات أو أخوات، أو زوجات الضحايا أو بناتهن. ولقد ثبت أن البرنامج عرف تجربة أولية على الصعيد الوطني بحوالي 15 ألف امرأة لموسمين متتاليين بشراكة مع العديد من الجمعيات المحلية التي تستهدف البرنامج أيضا تقوية قدراتها لتلعب دورها بشكل فعال في عجلة التنمية المحلية. وبناء على الاتفاقية المذكورة جرى الاشتغال على تنفيذ برامج مكثفة لفائدة حوالي 14000 مستفيد على الصعيد الوطني.
ومع تأسيس المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان برزت مشاريع ذات مضمون حقوقي صرف تحملها جمعيات المجتمع المدني. وعقب تأسيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية ورزازات يوم الإثنين 23 من شهر يناير من العام 2012، نشأ الأمل على دعم الالتقائية. وبالفعل وقعت اللجنة الجهوية اتفاقيات شراكة مع كل من النيابات الاقليمية لوزارة التربية والتكوين بكل من تنغير بتاريخ 29 ماي 2013 وزاكورة بتاريخ 06 يونيو 2013 و الرشيدية بتاريخ 9 دجنبر 2013 وبورزازات بتاريخ 23 دجنبر 2013. ذلك أن طموح المجموعة الموضوعاتية المكلفة بالنهوض بثقافة حقوق الإنسان لدى الجنة الجهوية المذكورة  كان ريث رسم مخططها كبيرا إذ ركزت على أهمية عقد شركات مع المصالح العمومية وخاصة مع نيابات وزارة التربية الوطنية لما له من أهمية واعدة في مجال التربية وارتباطها بناشئة يجب الاشتغال عليها لاعتبارها المشتل  الذي يحتاج لكل عناية خاصة من أجل زرع ثقافة حقوق الإنسان  في صفوفها ورعاية تأصيلها وتعزيزها وترسيخ قيم المواطنة والسلوك المدني  في صفوف هذه الفئة العمرية التي تحتاج إلى التربية والتحسيس والحماية (أطفال وشباب). وفي إطار هذه الشراكات نظمت اللجنة ورشة تكوينية حول المساواة بين الجنسين لفائدة الأستاذات منسقات الأندية التربوية  بإقليم الرشيدية يومي 24 و25 دجنبر 2014، وجرى تأطير مجموعة من الورشات بعدة مؤسسات تعليمية بالجهة وكذا مشاركة تلاميذ أندية التربية  على المواطنة وحقوق الإنسان في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان  من 27 دجنبر إلى غاية 30 منه بمدينة مراكش. ولا شك أن إعمال النهوض بثقافة حقوق الإنسان وتعزيزها لن يستقيم دون انفتاح اللجنة على محيطها والاعتماد على الشركاء وفق ما تقتضيه الالتقائية. ونشير أن اللجنة كانت نظمت لقاءا تواصليا مع رؤساء الجماعات والمصالح بورزازات يوم الجمعة 30 نونبر 2012 وكان المأمول البحث عن الالتقائية للعمل التشاركي كل من موقعه واختصاصه».
لحسن ايت الفقيه


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire