سيختفي هذا
المحراب بعد قليل، ولم يعد يؤدي وظيفته التي ظل يؤديها منذ العصر الموحدي. ولنا في
هذا الشكل المعماري نظيران بالأطلس الكبير الشرقي، أحدهما بقرية سعد الله بتولال
التي أضحت تسمى أيت مومو، والثاني بالزاوية الوكيلية – وهو الذي يبدو في الصورة-
وكلاهما يعود إلى العصر الموحدي. ضخامة المحراب في الفلوات يعكس قوة الإمام
الرمزية ودوره في سياق الدعوة الموحدية. وفضلا عن الجانب الإيديولوجي الدعوي دعم
الموحدون النظم العرفية، وأضحت الجماعات السلالية، منذ عهدهم، تتحكم في المجالات
الوظيفية للقبائل، وكان عبد المومن بن علي الكومي، هو من تخلى عن تلك الأرض
الخراجية، لأنها لم تعد كذلك، فأصبحت سلالية. إن قوة الإمام الرمزية تضاهي قوة
الشيخ القبلي، وتشبهها، وفي ذلك التوازن حكمة تتجلى في التمييز بين الأشياء. فلا
خلاف بينهما سوى في كون هذا روحيا أخرويا، وذاك سلطويا دنيويا. ولكلتا القوتان وقع
إيجابي على مسار النظم العرفية وتوازنها.وفي العصر الموحدي نهض ابن رشد ليفصل بين
الحكمة والشريعة، ويفصل بين الصناعات، حيث قال: (ولما كان لكل صناعة مبادئها، وجب
على الناظر في تلك الصناعة أن يتسلم بتلك المبادئ).
إن محراب الزاوية
الوكيلية يرجعني لأستلهم ممارسة الدولة الموحدية. فرغم البطش الذي برعت فيه، فصلت
بين المهام. وبعيدا عن شأن الإمامة والخلافة لدى الموحدين كسب محراب الزاوية
الوكيلية مكانة في الذاكرة. فهناك أمّ
بالناس أجدادي، وعقبهما ثلاثة أعمامي. وقد يختفي ذاك المحراب، لأن كسح المكان آت بلا
شك، وما أكثر الأماكن التي حصل كسحها، بلاشك، ولم تحافظ على ذاكرتها.
لحسن ايت الفقيه
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire