samedi 26 août 2017

على هامش كسح مسجد الزاوية الوكيلية: هل تساعدنا الآثار الباقية من المعمارعلى فهم توسع الطرقية بحوض زيز؟






تعرض مسجد الزاوية الوكيلية للكسح، بعد توقفه عن الوظيفة بفعل التلاشي، رجاء في إعادة بناء مسجد آخر. وتجب الإشارة إلى أن الفعل كان منتظرا لوقع الوطر إلى ممارسة العبادة، لا سيما وأن للمسجد رمزية أخرى لمجاورته ضريح ميمون أبي وكيل بالضفة اليسرى لواد زيز. ولئن كانت مجموعة من المساجد قد لحقها الكسح، أو على الأقل،  إعادة النظر في أمرها، بعد توقفها عن الوظيفة، بعيد شهر فبراير من العام 2010 الذي شهد حدث سقوط صومعة مسجد «باب البردعاين» بالمدينة العتيقة بمكناس، فإن عملية استبدال المساجد القديمة طالها الخلل. فالمسجد، وباقي المؤسسات ذات الصلة بالتقديس والتقدير، كنحو الأضرحة والزوايا، طالما تحمل تراثا معماريا مغربيا، وجب الانتباه له، بكل تمعن، مما يتوجب تكليف ذوي الاختصاص لمراقبة العمل، خصوصا إن كان الهدم ضروريا. ومرد السهر على الآداء يكمن في ضمان الحفاظ على الهوية الثقافية الكامنة في المعمار.  إن استبدال المساجد القديمة ببنايات إسمنتية ذات مآذن شامخة تؤثر سلبا على معمار القصر بالجنوب المغربي، إلا أن واقع الحال يجري دواما في اتجاه طمس الهويات الثقافية، والمعالم التاريخية، في أسوأ الأحوال.
يقع مسجد الزاوية الوكيلية خلف ضريح ميمون أبي وكيل، دفين واد زيز بإقليم ميدلت. يحتوي المسجد على قاعة الصلاة، وفضاء الوضوء وقاعة التعلم، وقاعة التيجانيين، باعتبار الزاوية الوكيلية تيجانية منذ سنة 1757 ميلادية، وفق ما تؤكده بعض الوثائق، التي عملنا على تحقيق بعضها. ولئن نسبت الزاوية إلى ميمومن أبي وكيل، فذاك تشريفا له، فقد وصل ميمون أبي وكيل واد زيز ضمن الحملة التي شنها عبد المومن بن علي الكومي ضد قبائل صنهاجة، سنة 537 هجرية، وفي تلك الأثناء أقدم الموحدين على تدمير مدينة گرس لوين على الطريق التجارية سجلماسة فاس. وتشير إحدى الوثائق أن ميمون أبي وكيل عمل على إصلاح ذات البين بين فيدرالية أيت إدراسن الصنهاجية [لا نعلم شيئا عما إذا كانت فيدرالية أم كونفدرالية]، والوزير الموحدي، كما تسميه الوثيقة، عبد المومن بن علي الكومي، فكان أن استقر بين ظهرانها، لما منحته أرضا صالحة للزراعة. سكن ميمون أبي وكيل في كهف، وأوصى أن يدفن فيه، وكلنا يعلم ما للكهف من تقدير بجبال الأطلس الكبير. ويعنينا أنه في عصر ميمون أبي وكيل، وحتى بعد وفاته سنة 592 هجرية،  1196ميلادية، لم يرق التصوف إلى مستوى الطرقية، أي: التصوف الجمعي على شاكلة الزوايا بصريح العبارة.  وانطلاقا من هذا المعطى الزماني، فإن ظهور الزوايا انطلق بعد وفاة ميمون أبي وكيل بستين سنة.
ويعود أول ذكر للزاوية الوكيلية، بما هي مؤسسة دينية على الطريقة التيجانية، إلى سنة (1171هجرية)  1758 ميلادية. ولم تفيد الوثيقة ما إذا تأسست زاوية أخرى قبل نزول الطريقة التيجانية مع حاملها مجمد بن محمد بن الحسن الوكيلي. وتفيد تفيد إحدى الوثائق انتشار الطريقة الزروقية هناك، مع العلم أن ليس للزروقية زاوية، وإن كانت نهجا إصلاحيا ضمن التصوف الطرقي.
وثبت صباح يوم السبت 26 من شهر غشت من العام 2017، أي بعد الانتهاء من كسح بناية المسجد كلية وجود بئر قديمة، حصل تغطيتها بلوح حجري من الأردواز، شمال شرق البئر الحالية. كانت البئر القديمة واسعة، فوهتها مبنية بالحجر والجير على الطريقة القديمة. وبجوار البئر رماد، وبقايا تسخين الماء. ويفيد ذلك كله أن المسجد تعرض للتوسع إثر ظهور الزاوية كمؤسسة دينية. فالمسجد مدعو ليحتضن وظيفيا قاعة العلم، إلى جانب بيت التيجانيين. ولا شك أن قاعة الدراسة توسعت على حساب فضاء الوضوء مما حتم إحداث فضاء آخر جديد، تتوسطه بئر. ولقد حتم استقبال الوفود البشرية الجديدة طمعا في تعلم العلم الشرعي توسيع قاعة الصلاة.
ويغلب على الظن أن الآثار الباقية تثبت أن توسعا حصل سنة 1758 ميلادية، مع  الدعم الذي نشأت الزاوية تتلقاه ابتداء من عهد السلطان عبد الله بن إسماعيل. ولم يساعدنا ما توافر من الوثائق لفهم ما حدث بعد وفاة محمد بن محمد بن الحسن الوكيلي سنة 1792 على وجه التقدير حسب ما ذكر في كتاب إتحاف أعلام الناس.

لحسن ايت الفقيه

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire