الأستاذ عبد الرحيم شهيد، الماهن الجمعوي والمتمرن
الماهر، في شأن سكان الجنوب الشرقي، يقرب مفهوم الوساطة، بما هي فلسفة ونهج في
الآداء، ويفسر دواعي إعمالها، في الحال، ضمن كلمة مرتجلة دالة معبرة، ود أن يفتتح بها
المحفل الذي نظمه النسيج الجمعوي للتنمية والديموقراطية، زاگورة (RAZDED)، بشراكة مع المعهد
السويسري لتدبير النزاعات وإرساء السلام Center- æ، مع البرلمانيين والمستشارين، أن يكونوا رجالا
ونساء، يمثلون أحد نطاقات جهة درعة تافيلالت، وهو المحفل الذي يرجى منه التمكن من
ناصية النهوض بالوساطة وتدبير النزاعات والاحتجاجات، وإعطاء انطلاق لعمل تنسيقي في
هذا المجال. وللتذكير، كان للمحفل موعد صباح يوم السبت 23 من شهر شتنبر من العام
2017، بقاعة المناظرات بفندق أزغور بمدينة ورزازات. ومما لا شك فيه، أن تطور التوتر بالمحيطات المنجمية، وقوة رد فعل السكان يقتضي إيجاد آلية
تخفف من وقع صدمة رد الفعل، لا سيما وأن المؤسسة الحزبية حصرت دورها في الفترة
الانتخابية، ولم يعد للعمل النقابي وقع محسوس. ومن جانب آخر، تراءى أن تمثل السكان
والسلطات المحلية حول البرلمانيين بالوسط القروي مجانب للتصور المحدد لوظيفتهم في
الدستور. وبين فتور ما هو كائن وقوة المرغوب فيه، أو بمعنى آخر، أقول، إن بين
الفعل الوظيفي لرجال البرلمان، وفعلهم الطفيلي الذي ينتظره والسكان، وتحسب السلطة
وجاهته، وقف الأستاذ عبد الرحيم شهيد في كلمة مرتجلة وكثيفة، ليسبر الأغوار بالنقد
والتحليل، بأسلوب الأستاذ المدرس المربي، كدأبه. ولقد توفق ، في كلمته، ونجح في بسط
الإشكال. كان الجسر الرابط بينه وبين مجال الاشتغال، أن خلق الأستاذ عثمان عوي
فضولا معرفيا لدى الحاضرين في الورش، لينتقل، انتقالا ذكيا، إلى برنامج أشغال
اليوم الدراسي المذكور المخصص كله، حول الوساطة، اليوم الذي نظمه النسيج الجمعوي للتنمية والديموقراطية، زاگورة (RAZDED) بشراكة مع المعهد
السويسري لتدبير النزاعات وإرساء السلام Center- æ كما سلفت إليه الإشارة، وحب الأستاذ عثمان عوي،
بما هو مكلف بتسيير أعمال الحفل أن يمهد بفقرة الكلمات، وكانت كلمة النسيج
المذكور، الذي يمثله الأستاذ عبد الرحيم شهيد، أولاها. ولا غرو، فالأستاذ عبد
الرحيم شهيد من الذين راكموا التجربة بجهة درعة تافيلالت، فكان الاستماع له، ولو
لبضع دقائق كافيا لفهم المقصود، خصوصا، ونحن غافلين عما يجري في ميدان الوساط. حاولت
أن ألتقط من كلمته ما قل ودل. فكان اجتهادي في النقل الحرفي، أن نسبت له ما يلي: «...السادة
البرلمانيون، والسيدات البرلمانيات، والسادة رؤساء المجالس الإقليمية، أشكركم على
حضوركم، وإني واثق من مستوى تضحياتكم، لأني على دراية تامة بطبيعة انشغالكم. كان
بودي أن أشرح شعار اللقاء الذي حضره
فاعلون آخرون، بالتركيز على صدره ومتنه، أي دور لبرلمانيي جهة درعة تافيلالت
ومستشاريها، يرجو النهوض بالوساطة وتدبير النزاعات والاحتجاجات بالجنوب الشرقي
المغربي؟، وأحب أن أضعكم في السياق، وذلك بالعودة قليلا إلى الوراء، بعجالة،
لتتبينوا من الداعي إلى هذه ورشة يومه. ويمكن القول، إن الورشة كانت انطلقت يحدده
مسار يعود إلى سنة 2011، أي: في أوان الدينامية التي عرفها المغرب وشمال أفريقيا
ودول الشرق الأوسط. ويتصل ذلك المسار في المغرب بحركة 20 فبراير. وبعبارة أخرى،
عرف المغرب يومها (حراكا)، حركة اجتماعية قوية، شملت الجنوب الشرقي المغربي، ونشأت
على شأن الموارد الطبيعية عامة، والموارد المعدنية خاصة، لغنى المنطقة من المناجم.
وقد عرف المحيط المنجمي، في مواقع، إيميضر بتنغير، وبوازار والبليدة، بكل من
ورزازات وزاگورة، حراكا
متعددا أساسه طرفان، الشركة المعدنية والسكان. ومنذ سنة 2011، نشأت الغمرات تتطور،
وأضحى السؤال حول آلية التدخل مفكرا فيه. ذلك أن للشركة لغتها ولسكان المحيط
المنجمي لغتهم.... تطور التوتر وأضحى عناوين صدامات بارزة بشتى المواقع، ولا أحد يقدر
على توقع آفاقها ومآلها، خصوصا وأن الشرارة التي سطعت في تونس نظن أنها انطلقت من
الموقع المنجمي. وباختصار، وجدنا أنفسنا أمام ارتباك. صحيح أن اتفاقا موفقا حصل
بين الشركة المنجمية التي طلبت من المجتمع المدني التدخل، وبرزت عدة مبادرات
مصاحبة للأحداث. وحسبنا، أنه جرى الاشتغال، بشكل مشترك، في تنسيق جمع المجتمع
المدني والشركة المنجمية، انتهى بوضع برنامج لتنمية المحيط المنجمي. وللتذكير، فقد
انتظم البرنامج في مرحلتين اثنثين: مرحلة البرنامج الاستعجالي، ومرحلة البرنامج
الإستراتيجي ثانية. ولقد حصل تنزيل البرنامج الاستعجالي الذي يعود إلى سنة 2012،
على وجهه، وأما البرنامج الاستراتيجي فقد غشيه من الترهل والتوقف والتعثر ما غشيه،
وإن جرى بثه والترويج له على الصعيد الوطني والدولي. ولن أخفيَ عليكم أن ساهم
إخواننا في إعداد البرنامج: السيد عبد اللطيف قاسم، والسيد إدريس فخر الدين،
والسيد مولاي أحمد العمراني، والسيد عثمان عوي وآخرين غائبين، لم يكتب لهم الحضور
في هذا المحفل. وكان لنا لقاء مع الأخ باسكال جيمبيرلي Pascal Gemperli،
الذي اشتغل مع المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، ومع الحركة الحقوقية في
عدة برامج [حضر الأستاذ باسكال جيمبيرلي Pascal Gemperli
في المحفل المذكور] ، وبرز أن مشكل تدبير النزاعات في علاقة مع مشكل الثروات
الطبيعية، وأن التوتر من نوعه قائم في جل أنحاء العالم، وليس وليد اليوم. إن التوتر
غاشٍ وناشرٌ [نعت مرفوع] في تدبير الملك الغابوي، وفي تدبير الملك المعدني، وتدبير
الملك المائي، وتدبير الأرضين [جمع أرض]، وتدبير الطاقات المتجددة. وإنها لإشكالات
مختلفة عن الإشكالات المعروفة سابقا. كيف ذلك؟ كان الإشكال من قبل محصورا بين
طرفين: الشركات المستغلة والعمال المستخدمون لاستخراج المعدن. وإن حصل صراع ما،
فهو منحصر بين الطرفين. وأما الصراع اليوم فتخوضه فئات غير منظمة، كأن تكون قبائل
منفعلة بشكل كبير، على سبيل الحصر. وبعبارة أخرى، كانت الفئات التي تخوض الصراع
يومه فئاتٍ [فئةً] بلغت مستوى كبيرا من الهشاشة، لا لشيء سوى أنها فئات [فئة] غير
متعلمة، فوق أنها عاجزة عن تدبير شأنها، ورغم ذلك فهي فئات [فئة] شرسة في الدفاع
عن ممتلكاتها، ونتوافر، في الميدان، على عدة نماذج. وحسبنا أن نموذج موقع إيميضر،
بإقليم تينغير، معبر للغاية: فالسكان يقولون إن هذه الأرض أرضُنا، والشراكة تواصل
الإنتاج وتحصل على الأرباح. وهذه الصورة تبين عدم التكافؤ في العلاقة، وتعكس
التوتر، وهي نفس الصورة التي تمثل الموضع المنجمي بوزار، والبلدية، وهي نفسها
المجسدة للوضع بخريبكة، وهي الصورة عينها التي تصادفنا في تدبير الملك الغابوي،
ولا تختلف عن الصورة نفسها التي يراها السكان بسيدي إفني. ماذا نستفيد من
الاستغلال؟ يقول السكان. نستفيد منه التراب والغبار واستنزاف الموارد. إن رد فعل
السكان وارد، وهو مصدر التوترات التي نصادفها وسنصادفها مع انطلاق استغلال الطاقة
الشمسية. فبعد محطة نور بورزازات ستنطلق محطات أخرى بزاگورة وبومالن
دادس، والرشيدية، وميدلت، فالإنتاج قائم والحصول على الأرض بتكلفة بخسة سائد،
وردود الأفعال تتصاعد وتتعمق باستمرار. فما الوسيلة الواقية من الصدمة (ضد الصدمة،
البارشوك)؟ إنها وسيلة غائبة. فلا دور لمؤسسات نقابية، وأما المؤسسات الحزبية
فمهتمة بالشأن الانتخابي في وقته، وبات نشاطها مرحليا. وماذا اكتشفنا في السنوات
الخمس الماضية؟.... إذا كانت وظيفة البرلمانية ممارسة التشريع، فإن للمواطن تصورا
آخر حول البرلماني.... فالسكان في حاجة إلى الخدمات، حفر بئر، بناء ساقية، ولا
يعنيهم تعديل هذا القانون، وإضافة فصل إلى القانون الآخر. فالبرلماني المتصل
بالدستور مدعو ليعيش، في الغالب في الحواضر، وقد يجانب البرلمانيون الممثلون لسكان
الوسط القروي، في تصور السكان، الصواب ويزيغون، إن هم منقطعون لاختصاصهم الوظيفي.
ولا تحمل السلطة، أيضا، تصورا صحيحا حول البرلماني: إنه شخص مرغوب فيه إن تعاون معها
لحل المشاكل والنزاعات. ولقد اكتشفتُ هذا التصور، المجانب للوجه المطلوب من
البرلماني في محطتين، أولاهما أحداث الريف،... وكان من المفروض أن تنظم هذه الورشة
في البرلمان، ولقد لاحظ بعض الإخوان الارتباك الذي صاحب إعدادها، وتبين لنا أن
تنظيمها – الورشة- في البرلمان، ستميل إلى التشريع، ونحن نبتغي التساؤل حول أدوار
البرلمانيين. وقد تبين اتساع الهوة بين البرلمانيين والمجتمع
المدني، وإن ردمها لواجب. وثانيها، الحدث الذي صادف يوم وفاة الطفلة إيديا بالمشكل
الصحي في تينغير، يوم 09 من شهر أبريل من العام 2017، وقد حضر أبوها، معنا، السيد
إدريس فخر الدين، وهو مناضل حقوقي، كما تعلمون.. تبين من الحدث وقتها أن لدينا
دينامية وطنية، حولت القضية إلى قضية وطنية، لكن فعل الوساطة ودور البرلمانيين في
الوساطة لم يؤت أكله، إن كان حاضرا. صحيح أن هيئات نشأت تقدم العزاء وتستنكر فعل
الإهمال الصحي، لكن الدينامية لم ترق إلى قوة ضاغطة ذات شأن. فالنزاع، كما قال
الأستاذ عثمان عوي، في الكلمة الافتتاحية لهذه الورشة قائم، وقد يتفاقم بشكل أكبر،
وسيتأسس على إشكال أرض الجموع، وكما قلت حول الشمس، وحول المناجم، فضلا عن المشاكل
الأخرى ذات صلة ببعض الحقوق، كنحو الماء والكهرباء. لذا فالحاجة إلى وساطة مؤسسة
بات ضروريا. ولقد ركزنا في هذه الورشة على مؤسسة البرلمانيين والمستشارين، وإني لن
أتحدث عن البرلمانيين بما هم أشخاص، بل بما هم مؤسسة. ويتوجب تحويلها إلى قوة
اعتبارية، تقوم بالوساطة، في غياب الوسطات [جمع وساطة]. فهناك وساطة تقليدية
تراجعت وتلاشت، ولم تعد الوساطة المنتظرة من النقابات والأحزاب تؤدى على وجهها.
لذلك وجب الانتباه للدور الاعتباري للبرلمانيين، وقد أثرنا هذا الانتباه مع
زملائنا في المعهد السويسري لتدبير النزاعات وإرساء السلام Center- æ، وأشكرهم، بالمناسبة، كثيرا على الورشة الأولى، ونحن
في نهايتها - الورشة الأولى- ونقر أنه استفاد منها 30 ماهنا جمعويا في مدة 18
شهرا، وكانت خاتمتها تسليم المستفيدين شواهد في تدبير الوساطة،... وحصل في نقاشنا،
على هامش حصص التكوين، أن لما لا نربط الجسور مع فئة البرلمانيين والمستشارين.؟
والسبب الثاني، الدور الاعتباري والمؤسساتي داخل المجتمع، وقد ثبت أن البرلمانيين
حلقة وصل بين الوطني والمحلي، ويمكن بلورة ما هو محلي بعد الاشتغال عليه، ليحتل
مكانه في التشريع. وقد سلف صدور القانون المنجمي، قبل سنتين على وجه التقدير، وكان أولى بنا، وقد
أثرت ذلك في نقاش مع المستشار الأستاذ لحو
المربوح، وقلت بوجوب ترك بصماتنا، بشكل كبير، نحن أبناء الجنوب الشرقي، في القانون
لا سيما وأننا منطقة منجمية بامتياز، .... نترك بصماتنا خاصة فيما له علاقة بمصالح
السكان. إن الذي حصل اليوم في المناطق المنجمية، أن الشركة تقول، إني أدفع ضرائبي
وألتزم بالمطلوب، وتقول الدولة إنها تبيع ما يوجد تحت أرضها، لكن
السكان.....[صمت]...صحيح، أن تطورات حصلت على الصعيد العالمي، كأن يحوي مجلس
الإدارة تمثيلية عن السكان. وإني أبسط، شذراتٍ، فقط، رجاء أن يكون لقاءنا اليوم
انطلاقة، بحضور البرلمانيين، وإن ثلة منهم اعتذروا، وإن خمسة منهم، أو ستة يبسطون
أنهم ملزمين بتطوير أي تجربة من نوعها. وينبغي التذكير أننا لما نشأنا نعد الورشة
برنامجها، منذ شهر ماي الماضي، أقدم البرلمانيون بالجهة على إنشاء تنسيقية، وإني
أخشى أين يظن أحد البرلمانيين أننا ننافسهم، بل العكس، فاهتمامنا بدورهم في
الوساطة مضى عليه بعض الوقت. وإن المبادرة لم تتأخر عن وقتها، فقد حان الوقت الذي يتكتل فيه البرلمانيون،
والهيئات الأخرى والمجتمع المدني، وهو تكتل بات أرِبَ الجهة، تكتل يقوي الجهة.
وأريد أن أختم بما يلي: إننا نرى، نحن النسيج الجمعوي للتنمية والديموقراطية بزاگورة (RAZDED)، أن المرحلة تتطلب تكثيف
جهود المجتمع المدني، والمنتخبين، وإننا نقطن منطقة تمر بمرحلة صعبة، فإن لم نعمل
على تكثيف جهودنا، سنخسر الفرصة التي تحزلها المدة الفاصلة بيننا وبين آخر
الولاية، فإن لم نكثف جهودنا في ظرف ثلاث سنوات سنزيغ كثيرا عن المسار. وآمل أن
يكون لقاءنا نواة فكرية لتنظيم لقاءات أخرى. وإني أنتظر، متمنيا مبادرات أخرى من
نوعها، ومن أجناس متعددة، وإني أتمنى أن نستخلص من الورشة أفكارا أخرى ومقترحات».
لحسن ايت الفقيه
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire