vendredi 13 octobre 2017

وثيقة تدعم بقوة أن أيت مجيلد كانوا ينتجعون مراعي جبال الأطلس الكبير الشرقي





توصلت من الصديق محماد لطيف، مشكورا، وهو أستاذ التاريخ بجامعة ابن زهر بأكادير بوثيقة وسمها كاتبها في السياق أنها ميثاق الوقار والحماية لأبناء أبي يعقوب بن عبد الله أمغار. والوثيقة غير تامة في الغالب لخلوها من تاريخ التدوين، ومن اسم كاتبها، فوق أن الجملة الأخيرة، «...والشيخ العربي بن حمّ على الصباح»، أي: عرب الصبّاح، توحي أن هناك كلاما آخر يتوجب إضافته، وربطه بما سبق بواو العطف. ولما يغيب الزمان في الوثيقة ويتغافل كاتبها عن ذكر المكان، فإنه من المتعذر استفراغ مضمونها واستثماره. ورغم ذلك، يمكن الولوج إلى الوثيقة ببذل مجهود كبير في استنطاق الرواية الشفوية، والاستثمار الجيد للشذرات المتوافرة المضمنة في إشارات تنقل القبائل، من جنوب المغرب إلى شماله.
       ذكرت الوثيقة شيوخ قبيلة بني امجيلد الصنهاجية المتلزمين بالميثاق، ومنهم:  محمد أشريف ممثل أيت مسعود، ومحمد بن عمر نايت حمد أحقي، والشيخ محمد أحمد على أيت حمو وسعيد.... والشيخ سعيد بن بوزيان على أيت الياس، والشيخ علي أعمر على أيت واحي، والطالب بن عمر أشعير على أيت مولي، وغيرهم.
وأما الملتزمون من قبيلة أيت عياش فهو الطالب محمد نايت أمحلي، وعن قبيلة أيت حديدو الشيخ أديش أعتو وعمر. وأما الملتزمون من أيت مرغاد الشيخ اسو أوميمون، والشيخ عبي أعلي أيت امحمد. وعن قبيلة أيت عطا الشيخ أزلي، والشيح الحاج أكناو. والتزم من قبيلة العرب لكراير [وهم عرب بني معقل] الشيخ حمان بن الغازي، وعن عرب الصباح الشيخ العربي بن حمّ.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه القبائل مجاورة لموضع استقرار أبي يعقوب بن عبد الله أمغار، والمعروف حاليا بسيدي بويعقوب؟
دفن سيدي بويعقوب قرب موضع صخر أسول [صخر لكرانيت بالأمازيغية] بأعالي غريس، والذي تحول إلى مركز حضري بإقليم تنغير. ومادام أبناؤه يشكلون أقلية عرقية فهم مدعوون، في الغالب، لالتزام الاستقرار، كدأب جميع الأقليات العرقية المستقرة بجبال الأطلس الكبير الشرقي.
تؤكد الوثيقة التي حصل عليها الفرنسي گوفرور من الزاوية الوكيلية، بحوض زيز، أن أيت إدراسن كانت تستوطن أعالي زيز في حدود القرن السادس الهجري. ومعلوم أن عياش تنتمي لفيدرالية أيت إدراسن. وثبت من خلال وثائق الزاوية العياشية، الإحياء والانتعاش، أن أيت عياش استقر بها المطاف بمركز أيت يعقوب قبيل تأسيس الزاوية العياشية سنة 1635 ميلادية. ولما استقرت بمركز أيت يعقوب بعض الوقت، وكانت ذات عصبية ضمن تحالف أيت إدراسن فقد تكون خدمت أبناء أبي يعقوب بن عبد الله أمغار يوم ظهورهم بالمنطقة في القرن السادس عشر.
وعن أيت حديدو التي قدمت الحماية المذكورة في شخص الشيخ أديش أعتو وعمر (أيت عتو وعمر من أيت إبراهيم الحديديوية)، نفصخ أن القبيلة لم تظهر بجبال الأطلس الكبير الشرقي قبل مجاعة سنة 1522 ميلادية. ويمكن لهذه القبيلة أن تقدم الحماية في حدود أواسط القرن السادس عشر، أو بداية القرن السابع عشر. والقبيلة مجاورة لموضع أسول من جهة الشمال والشمال الغربي. وأما قبيلة أيت مرعاد فلا تزال تجاور موضع.
وأما قبيلة بني امجيلد الصنهاجية فأخذت اسمها في موضع أمجيلد بين أيت هاني، وأكدال، وأتربات. ولا نعرف ما إذا ظل الموضع يحمل نفس الاسم. وحسب الرواية الشفوية فالقبيلة كانت تعمر الموضع لمجاور لأسول في حدود القرن السادس عشر.
وورد الشيخ أوصاف اليزدگي الذي ينحدر من قبيلة أيت موسى وعلي المشهور في القرن السادس عشر. ولا يزال حفدته بقرية إوصافن بواحة تيعلالين.
والغالب على الظن أن الحماية المذكورة حصلت قبل تأسيس فيدرالية أيت ياف المان، أي: قبل منتصف القرن السابع عشر. وللتذكير فإجراء تأسيس الفيدرالية المذكورة احتضنته زاوية سيدي أبي يعقوب.
لحسن ايت الفقيه

jeudi 12 octobre 2017

جميعا من أجل محاربة التحرش الجنسي ضد المرأة والطفل بجهة درعة تافيلالت






نظمت اللجنة الجهوية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، اجتماعا دوريا ثانيا برسم 2017، في قاعة الاجتماعات والمناظرات بمحكمة الاستئناف بمدينة ورزازات يوم الثلاثاء 03 من شهر أكتوبر من العام 2017، لتقييم حصيلة الخطة الإستراتيجية لحماية المرأة والطفل التي جرى تقريرها في الدورة الأولى من سنة 2017. وتأسيا لذلك اليوم، على أرضية صلبة، أدرج التقييم، الذي استقر الرأي على أن يكون في النقطة الأخيرة من جدول الأعمال. وما كان للاجتماع أن يبلغ مراميه لو لم يهتد الأستاذ سعد القاسيمي نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بورزازات إلى إلقاء مداخلة حول موضوع «الحماية القانونية للمرأة والطفل من التحرش الجنسي»، والتي عقبها نقاش مستفيض بفعل مداخلات الهيئات المشاركة. ويعد هذا الاجتماع متمما للاجتماع الأول، لذلك حصل نعته باجتماع الدورة الثانية. وللتذكير،كانت قاعة الاجتماعات بذات المحكمة قد احتضنت الدورة الأولى للجنة الجهوية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف برسم سنة 2017 يوم 07 من شهر مارس الماضي،  الدورة التي انعقدت تحت شعار:«جميعا من أجل التربية على المواطنة وحماية حقوق الطفل». واستمرارا في النبش في موضوع الحماية كان شعار الاجتماع الدوري الثاني: «جميعا من أجل محاربة التحرش الجنسي ضذ المرأة والطفل».
والناظر في آداء اللجنة الجهوية للتكفل القضائي بالنساء والأطفال ضحايا العنف بورزازات يلفى أن لها بعدين، البعد الجهوي، وبعد الالتقائية. إن إقدام النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف، بورزازات، على تعبئة كل المصالح ذات الصلة بشأن المرأة والطفل في الأقاليم الثلاث: ورزازات، وزاگورة، وتنغير، والرشيدية، والمجتمع المدني، واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة درعة تافيلالت، يعكس البعد الجهوي لدى السيد الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بورزازات. وإن اجتماع هؤلاء لتبادل الرأي في موضوع التحرش الجنس، بما هو جريمة في القانون، ليعد عين الالتقائية للتقاطع بين الاتجاه العمودي الذي تسلكه المصالح الإقليمية، ومسلك الاتجاه الأفقي الذي تمثله الجماعات الترابية، والمسار الآلي الارتدادي للجمعيات واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان. فلا خلاف بين المصالح  والهيئات في شأن المرأة والطفل، ولا اختلاف بينها إلا في الحيز الذي يغشاه مجال ممارسة كل طرف، أن يكون واسعا أو ضيقا. وتقضي الالتقائية كذلك تركيز الجهود والخبرات رجاء في تخفيف الكلفة من حيث الكم والكيف، ودعم آليات التنسيق الجهوية، وتوحيد آليات عمل المصالح، وبث التجارب وإشاعتها ونشرها على نطاق واسع. ومن مواصفات اللجنة الجهوية للتكفل القضائي بالنساء والأطفال ضحايا العنف اعتمادها على التخطيط وانفتاحها على حقوق الإنسان. وللإشارة فقد أقدمت على إنشاء خطة إستراتيجية لسنة 2017 بشكل تشاركي. لذلك أدرجت الخطة تقييمها ضمن جدول أعمال الاجتماع الدوري الثاني، بعد الافتتاح، كما ذكر، وإلقاء المداخلة للتعريف بالتحرش الجنسي، ومناقشتها.
        كان افتتاح أشغال الاجتماع الدوري الثاني من لدن السيد الأستاذ سعد القاسيمي نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بورزازات، الذي شكر الحاضرين على تلبية دعوة  حضور الاجتماع الدوري الثاني، وانتقل إلى سرد برنامج اللقاء في أربع نقط: الافتتاح، والعرض حول الحماية القانونية للتحرش الجنسي، وقراء تقييميه لخطة العمل التي حصل الاتفاق عليها بشكل تشاركي في الاجتماع الدوري الأول الذي عقد يوم 07 من شهر مارس من العام 2017. وانتقل مباشرة إلى إلقاء مداخلة حول الحماية القانونية للتحرش الجنسي، مفضلا أن يتناوله من خلال تصميم بسطه أمام الحاضرين في إحدى الشرائح (Slide) «مقدمة، وتدور حول تعريف التحرش الجنسي، تعريف التحرش الجنسي، والمحور الأول حول الإطار القانوني، وفق القانون المغربي والمحور الثاني حول آليات الحماية، وخصصت الخاتمة لمجموعة من التوصيات».
إن موضوع التحرش الجنسي، يقول الأستاذ سعد القاسمي، ظاهرة قائمة في المغرب تجسدها بعض الإحصائيات: «امرأة من خمس نساء تتعرض للتحرش الجنسي، وأن نسبة 10 في المئة، فقط، من هذه العينة هي التي تقوم بتقديم الشكايات». إنها ظاهرة ذات الصلة بالأخلاق، إذ لوحظ تناميها بشكل سريع، مما يقضي التصدي لها ومعالجتها. ولا غرو، «فبعض التشريعات المقارنة بعضها أفرد تعريفا للتحرش الجنسي، والبعض الآخر اقتصر على تحليل الأفعال والتصرفات وكل ما يمكن اعتباره تحرشا جنسيا كنحو الإيحاءات وغيرها». ونجد المشرع الفرنسي قد عرف جريمة التحرش الجنسي، واصفا إياها أنها «تلك الأفعال والتصرفات ذات الطبيعة الجنسية التي تمس بالغير نظرا لطابعها غير الأخلاقي المهين». وعرف المشرع الأمريكي كذلك التحرش الجنسي أنه «أي شكل من أشكال السلوك الجنسي غير المرغوب فيه ، والتي يمكن أن تشمل السلوك اللفظي (مثلا ، تعليقات مهينة ، قصص استغلال الجنسي) أو المضايقة الجسدية، (على سبيل المثال، الشبق، واللمس غير الملائم، وطلب خدمات جنسية)، أو التحرش المرئي وعرض ملصقات مهينة أو الفن، أو السلوك غير المناسب، ويجب أن يكون سلوك غير مرغوب فيه ويجب أن يكون الهجوم على الضحية«. وورد في المجلة الجنائية لقانون 73 لعام 2004، أن القانون التونسي، يرى أن «التحرش الجنسي هو كل إمعان في مضايقة الغير بتكرار أفعال أو أقوال او إشارات من شأنها أن تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغية حمله للاستجابة على رغباته أو رغبة غيره الجنسية».  وانتقل الأستاذ سعد القاسمي إلى المادة 503-1 من القانون المغربي التي تنص على العقوبة الحبسية من سنة إلى سنتين والغرامة 5000 إلى 50000 درهم، وأن «جريمة التحرش الجنسي كل من استعمل ضد الغير أوامر أو تهديدات، أو وسائل للإكراه، أو غيره من الوسائل الأخرى، مستغلا السلطة التي تخولها له مهامه لأغراض ذات طبيعة جنسية». والملاحظ أن المشرع المغربي، يضيف الأستاذ سعد القاسمي، لم يضع تعريفا للتحرش الجنسي، بل انتقل مباشرة إلى تحديد أركانها. ونلاحظ كذلك أنه اقترن الجريمة بوجود سلطة بين الفاعل والضحية، دون تحديد ماهية هذه السلطة، هل هي سلطة وظيفية أو سلطة عامة تشمل جميع التابعين والمتبوعين، إن صح التعبير. ومن جانب آخر، نجده قد وسع نطاق الجريمة التي تنص عليها المادة 503-1 من جانب الضحية لأنه لم يحصرها، في العنصر النسوي، فقط، إذ يمكن إدخال كافة العناصر الأخرى، ولا سيما الأطفال». وانتقل الأستاذ سعد تفصيل القول في الركن المادي لجريمة التحرش الجنسي، كنحو الفعل الذي يقترحه المتحرش، من الملامسة المادية بشكل غير مقبول أخلاقيا، أو تهديدات، أو وسائل للإكراه، أو أي وسيلة لأغراض جنسية. وأما الركن المعنوي، فيتمثل في نية الفاعل»، كان تخلق أضرارا بينة. وتتوقف جريمة التحرش الجنسي على رد فعل. واسترسل الأستاذ سعد القاسمي في بسط الركن المعنوي في التحرش الجنسي، مستشهدا بالتشريع الأمريكي الذي ابتدع المشرع جريمة أخرى تسمى المطاردة التي تمزج بين التحرش الجنسي والملاحقة والتهديد، وخصها عقوبة ثلاث سنوات، وغرامة تتراوح ما بين 6 لآلاف وعشرة الآف دولار»، ومستشهدا بالتشريع الفرنسي الذي ميز بين التحرش الجنسي لما يكون فعلا متكررا، وبين التحرش الجنسي لما يكون فعلا معزولا. وشدد العقوبة، بمقتضيات المادة 33-222 عندما تقترن الجريمة ببعض ظروف التشديد كما في حال استعمال السلطة بين الفاعل والفاعلة. نفس المسار خلقه المشرع المصري، مبينا الظروف التي تقتضي تشديد العقوبة، شأنه شأن المشرع الفرنسي.
        المحور الثاني من مداخلة الأستاذ سعد القاسمي يتعلق بآليات الحماية مشيرا إلى أنها متعددة، لكن حسن التركيز على دور الاستقبال بما هي تقدم الدعم النفسي، والاستماع والتوجيه والمواكبة فضلا عن تقديم المساعدة القضائية حتى يتمكن من الدفاع عن حقوقه أمام القضاء. وانتقل إلى ذكر أهم إشكالية تصاحب جريمة التحرش الجنسي والتي بدت مستعصية على جميع التشريعات، مما جعلها ظاهرة مقلقة، والسبب في ذلك أن هذه الجريمة تقترف في الغالب في الكواليس. والإثبات بالطريقة التقليدية صعب للغاية، خصوصا وأن التحرش لا يترك آثارا جسدية. وقام المشرع المغربي، بطريقة غير مباشرة، بسد هذه الثغرة، وهذا النقص، إذ حرص إلى تعديل  يوم 17 أكتوبر 2011 المسطرة الجنائية المغربية، حرص على وضع مقتضيات حماية الضحايا، والشهود، والخبراء، وذلك بتشجيعهم على التبليغ بهذه الجرائم والإدلاء بشهاداتهم، او التبيلغ على الجرائم. وحث المنشور الوزاري بتاريخ 23 من شهر غشت من 2017 على أهمية التبليغ عن الجرائم، وضرورة تفعيل المقتضيات الزجرية المتعلقة بهذا التبليغ.
وخلاصة القول، لقد تبين أن جريمة التحرش الجنسي بوابة جميع الجرائم المنصوص عليها، والتي تسمى جرائم العرض. لذلك يتوجب على المشرع المغرب مسايرة جميع التطورات التي عرفتها التشريعات المقارنة، كنحو التشريع الفرنسي في التعديل الذي عرفه في شهر 06 غشت من العام 2012، والتشريع التونسي، ولو أنه صدر سنة 2004 فقد تبنى نظريات حديثة في هذه الجريمة. وانتقد الأستاذ سعد القاسم المشرع المغرب في التعريف الذي وضعه للتحرش الجنسي. ذلك أن المصطلح الوارد في المادة 503-01 أتى عاما وفضفاضا، حيث اشترط وجود السلطة، بصفة عامة. وإن هذا الاشتراط، وهذه السلطة تحد من نطاق تطبيق النص. ويتعين توسيع نطاق الجريمة بالنسبة للتحرش الجنسي لفائدة الغير، كنحو ما نص عليه المشرع الفرنسي، والمشرع التونسي، والمشرع التونسي. ويتعين على المشرع التدخل لتجريم التحرش الجنسي معنويا، ووضع نص يحدد ظروف تشديد العقوية، وكما سلفت إليه الإشارة، فإن اشتراط وجود السلطة، بات في التشريعات المقارنة ظرفا من ظروف التشديد. ذلك ما تمكنت من التقاطه، ومعذرة مني للأستاذ سعد القاسمي، إن حصل نقص، أو القصور في تبليغ المعنى.
حصلت مناقشة عرض الأستاذ سعد القاسمي وجرى إغناؤه، إن بذكر المنجزات المحققة في هذا المجال، وهي تصريحات إخبارية، أفصح عنها رؤساء المصالح الحاضرون. واريد للمناقشة، أن تكون، أيضا، ذكرا مفصلا يصف تطورا في الآداء وتحسينه، أو وصفا لبعض الإكراهات، إثر تمييز الإجراءات الزجرية عقب التحرش. فمن ذلك التقدير السلبي لإقرار المتابعة القضائية، في التحرش الجنسي، رغم تعذر الإثبات. وقد حسبت إحدى المشاركات أن هذه المتابعات غير نزيهة لغياب الإثبات القوي. ومن المداخلات ما ذهب أصحابها لملامسة القيم، إذ التحرش ناتج عن انفلات الحفاظ عن الحد، واحترام الحد بالمفهوم الإسلامي. في حين أنه بجهة درعة تافيلالت عشائر لا تزال،  تعيش تحت وقع التعود القديم، متسامحة مع نوع من التحرش. ولئن كانت «تقرفيت» الأمازيغية، وهي قيمة إنسانية قديمة، تفيد الحب البارد ممارسة مباحة عرفا، ومن الصعب قياسها على التشريع الوضعي. ذلك أن التشريع المقارن يميل إلى تجريمها، وإدراجها ضمن الركن المعنوي للتحرش، لأن للفظ وقعه. ويتضح التقدير السلبي لعادة «تقرفيت» الأمازيغية، أن هناك نساء يغازلن الرجال بالكلام الفاحش (بمفهوم ديانات التوحيد). ومعنى ذلك، أن للنص القانوني إكراها يتضايق منه الحق في التعبير الثقافي، لدى بعض العشائر. ويمارس النص القانوني إكراهه في بعض الوضعيات. وطالما يغيب حقل التطبيق، والفريضة المنتظرة، في مجال التحرش، أن تكون سلبية أو إيجابية. إذ لا يمكن بالمرة محاسبة مفتش الشرطة إن أقدم على منع مواطنة عازمة على إضرام النار في مقر الشرطة، وهو يواجه طارئا استعجاليا، لا يمكنه بعض الوقت من تعيين شرطية لذات الغاية، ونفس الإجراء ينطبق على حارس السجن الذي قد يُتهم بالتحرش، لا لشيء سوى أنه أزعج امرأة، ريث تدخله لمنعها من إدخال مادة محظورة إلى السجن. إن التحرش ورقة طالما يتخذها البعض، بالباطل، سلاحا لقضاء مآرب أخرى. وفوق ذلك، يحصل التحرش غير المباشر، وهو التحرش الذي نلامسه في الإدارات المغربية، أن يقدِم الرئيس على مضايقة مرؤوسيه إناثا وإزعاجهم، وفي ذلك رسالة، غير مباشرة في التحرش الجنسي. ويظل التحرش، في نهاية المطاف، ممارسة قبيحة سائدة في كل المجتمعات، كما رأى أحد المتدخلين. لذلك، رأى الأستاذ سعد القاسمي وجب الاستفادة من التجارب للتصدي لهذه الظاهرة، ذلك أن المشرع المغربي اقتبس المادة 503 من التشريع الفرنسي. واستحسن في فقرة المناقشة التدخل الذي ركز على الجانب الأخلاقي، والتدخل الذي أوصى بالاهتمام، بالجانب التربوي، وإن كان ممثل المديرية الإقليمية للتربية الوطنية بورزازات غائبا. وللمستوى الثقافي وقعه في التقليل من ظاهرة التحرش.
المحور الأخير من الدورة الثانية للجنة الجهوية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، تحت شعار: «جميعا من أجل محاربة التحرش الجنسي ضذ المرأة والطفل»، ركز خطة عمل اللجنة المذكورة برسم سنة 2007. وللإشارة فقد أدرجت الخطة في متن مجلة محكمة الاستئناف بورزازات، العدد الأول، مارس 2007 صفحة 44، وصفحة 55.  والخطة في 12 هدفا خاصا:
-        إعداد اتفاقية شراكة خول حماية الأطفال في وضعية الشارع والأطفال المعنفين وتوقيعها.
-        إعاد برنامج للتربية على المواطنة وحقوق الإنسان
-        إعداد برنامج لتمدرس الأطفال ومحاربة الهدر المدرسي.
-        وضع خطة عمل حول تظلم الأطفال ضحايا انتهاكات حقوقهم وتعزيز آليات رصد وتتبع تلك الانتهاكات بمشاركة الأطفال أنفسهم.
-        تكوين مختلف المتدخلين في مجال التربية على المواطنة وحقوق الإنسان.
-        التسجيلات بسجلات الحالة المدنية.
-        إعداد برنامج لمحاربة تعاطي الأطفال للمخدرات.
-        تحقيق النجاعة القضائية في قضايا خلية العنف ضد النساء عن طريق الرفع من سرعة دراسة القضايا وإنجاز البحوث التمهيدية وتقليص الأمد الزماني للمحاكمة.
-        تفعيل مركز اليقظة الإجتماعية للاستماع والتوجيه، وذلك بهدف الإيواء المؤقت للنساء والأطفال الضحايا والاستماع إليهم.
-        تفعيل مركز حماية الطفولة الذي يتولى الاحتفاظ بالأحداث في وضعية مخالفة للقانون وفي وضعية صعبة.
-        القيام بحملات تحسيسية وتوعوية لمحاربة ظاهرة العنف ضد النساء والأطفال.
-        تكوين مختلف المتدخلين في مجال محاربة العنف ضد النساء والأطفال حول تقنيات ومهارات الاستماع والتوجه والتواصل.
خصص لكل هدف إجراءات يتوجب القيام بها، ومؤشرات التقييم. ولا يستقيم تحقيق كل هدف بدون انخراط شركاء ومسؤولين في الأجرأة. وما كان لهذه الخطة أن تنجز لو لم تتوافر الأرضية التالية، حصلنا على بيانها ضمن مجلة محكمة الاستئناف بورزازات:
-        إحداث مركز اليقظة الاجتماعية للاستماع والتوجيه وذلك بهدف بهدف الإيواء المؤقت للنساء والأطفال الضحايا والاستماع إليهم. سلف أن وضعت دراسة للمشروع وحصل عرضه على الجهات المختصة قصد البت فيه. والحال ان بمقر النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بورزازات  فضاء خاص مجهز بالمعدات اللازمة وملائمة لاستقبال النساء والأطفال ضحايا العنف.
-        إحداث مركز لحماية الطفولة الطفولة يتولى الاحتفاظ بالأحداث في وضعية مخالفة للقانون أو في وضعية صعبة.
-        القيام بحملات تحسيسية وتوعوية لمحاربة ظاهرة العنف ضد النساء والأطفال. وجرى التحسيس بخطورة الظاهرة من خلال التوعية داخل المساجد. وفوق ذلك أنجزت حوالي 48 دورة تحسيسية من لدن المديرية الإقليمية للتربية والتكوين المهني.                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                     
واستفادت عناصر الضابطة القضائية، من الدورات التكوينية، كما جاء على لسان السيد رئيس المصلحة الجهوية للشرطة القضائية بورزازات، في اجتماع 03 من شهر أكتوبر من العام 2017. لذلك لا تفتأ تبذل جهودا «لتحقيق الأهداف الإستراتيجية الوطنية لحماية الأحداث والنساء على أرض الواقع، وأن المديرية للأمن الوطني انخرطت في ذلك منذ سنة 2005» (المجلة المذكورة، صفحة24).
 وحضرت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في موضوع التكفل بالنساء والأطفال في وضعية صعبة. فقد أشار السيد محمد موهوب عن قسم العمل الاجتماعي بعمالة ورزازات، أن «هذه الفئة واحد من الفئات الهشة التي استهدفتها البرامج الخمسة للمبادرة...، وبرنامج محاربة الهشاشة بشكل خاص» (المجلة المذكورة، صفحة91).
وحب الأستاذ سعد القاسمي المنقطع لتسيير الاجتماع أن تنصب مناقشة الخطة المذكورة من حيث المنجز، كأن تتخل كل مصلحة من المصالح الحاضرة، أو قطاع حكومي، لبيان ما فعلته في إنجاز الخطة. وأعطيت الكلمة للسيد محمد موهوب عن قسم العمل الاجتماعي بعمالة ورزازات، فتحدث عن فضاء الإيواء الجاري إنجازه، أو بالأحرى الهدف التاسع: «إحداث مركز اليقظة الاجتماعية للاستماع والتوجيه وذلك بهدف بهدف الإيواء المؤقت للنساء والأطفال الضحايا والاستماع إليهم». وقد فصل القول في ذلك المركز الذي سيجري تفعيله مع مندوبية التعاون الوطني. وتساءل السيد رئيس المجلس العلمي بورزازات عن مصير «تكوين مختلف المتدخلين في مجال التربية على المواطنة وحقوق الإنسان»، الهدف الخامس من الخطة.
         وختاما، دأبت محكمة الاستئناف بمدينة ورزازات على العمل بمنهج الالتقائية. والناظر في اللائحة بأسماء الحاضرين في الاجتماع الدوري الثاني ليوم الثلاثاء 03 من شهر أكتوبر من العام 2017، يلفى أنهم يمثلون مصالح تحقق كلها تقاطعات. فهناك تقاطع عمودي الذي تمثله المصالح الإقليمية بالأقاليم الثلاث المذكورة، والتقاطع الأفقي الذي تمثله المجالس المنتخبة، والتقاطع الآلي الارتدادي الذي يعتمده المجتمع المدني المنقطع لشأن المرأة والطفل. ويعد الهدف الخامس «تكوين مختلف المتدخلين في مجال التربية على المواطنة وحقوق الإنسان» منصبا فيما تقضيه الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان، وخاصة في محور «تكوين المكونين»، الذي يتناسب وتكوين المهنيين أحد أركان الأرضية. ولم يغفل في الاجتماع المذكور الوقوف عند أهمية التحسيس والتربية.  والأرضية، للتذكير، تعكس دينامية انطلقت بمبادرة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بتنظيم ورشات موسعة انبثقت عنها لجنة الإشراف على إعداد المشروع في منتصف سنة 2005، وقد استغرق عملها ثمانية عشر شهرا. وفي 26 فبراير 2007 أعلن رسميا عن الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان، وعن تبنيها من لدن الحكومة المغربية بحضور السيد الوزير الأول. ولقد استحسن الأستاذ سعد الدين القاسمي التوصية المفيدة للعمل بالالتقائية، وإعمال الأرضية الموطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان، وجعلها مجالا للممارسة، أو على الأقل اتخذها توصية تعوض الهدف الخامس.
لحسن ايت الفقيه

mardi 10 octobre 2017

نص تاريخي يكشف النزاع القديم القائم بموضع تلمي بأسيف ملول






يتوافر الأستاذ عبد الوحيد بن الطالب إمام مسجد بدر وعضو المجلس العلمي بميدلت، على وثيقة قيمة مفيدة، كتبت باللسان الدارج، حافظ عليها الزمان. ولقد منحني الأستاذ المذكور نسخة منها، وسمح لي بحرية التصرف. وبعد صرف بعض المجهود توفقت في قراءتها عدا كلمة واحدة، لن يعيق حذفها فهم النص.
تدور الوثيقة حول موضع تلمي، الذي يفصله عن بحيرة إزلي جبل مصطريد. ولم تكن مؤرخها لأن كاتبها ضمن فيها رواية شفوية نقلها عن كبار تلمي وخاصة المدعو حمي الحسين، في وقت متأخر، قد يوافق ازدهار فرع الزاوية الدرقاوية هناك، الفرع الذي جعل الموضع يحمل اسم «تلمي نايت سيدي». ولا غرو، فاللقب سيدي يستحقه هؤلاء المتصوفة لانخراطهم في الدفاع عن سيادة المغرب، وسيادة جبال الأطلس الكبير الشرقي. كلنا يتذكر «سيدي بن أحماد» الذي شارك في معركة موضع تازكارت، والمشهورة باسم معركة بوذنيب سنة 1908، ومعركة الطيارة، قرب موضع الريش سنة 1922، ومعركة بلقاسم قرب موضع زاوية سيدي بوكيل، تحدث عنها سبيلمان، ومعرة أيت يعقوب سنة 1929، ومعركة جبل مصطريد، التي قضي فيها على الفيلق المشارك في المعركة، في فاتح مايو سنة 1933، واستمرت التعبئة بعد مقتل سيدي بن أخماد، فكانت معركة بادو في شهر غشت سنة 1933.
كُتبت الوثيقة، في وقت متأخر، لكن ذلك لا ينقص من قيمتها في شيء، فمضمونها يعود، في الغالب، إلى ما قبل تأسيس فيدرالية أيت ياف المان، أي قبل النصف الأول من القرن السادس عشر (16) الميلادي. فلا يمكن لأي عاقل مميز [اسم الفاعل] أن يصدق الصراع بين أيت إبراهيم وأيت يعزا المكونين الرئيسسين لقبيلة أيت حديدو في الحال، بعد تأسيس فيدرالية أيت ياف المان. ولا يمكن تصور هذا الصراع في وقت تحالفت فيه أيت حديدو: أيت يعزا وأيت إبراهيم، وأنشأتا وحدتين سوسيومجاليتين متجانستين بأعالي أسيف ملول، أحد فروع واد العبيد، وأعالي زيز. وإنه بعد تأسيس فيدرالية أيت ياف المان برزت ايت مرغاد زعيمة ضمن هذا التحالف العرفي، الذي حتمت الضرورة تأسيسه للصمود أمام اندفاع أيت عطا للمرور نحو شمال جبال الأطلس الكبير. وإذا استحضرنا أن بقايا الصراع جلي بمرعى إزلان، بين بحيرتي إزلي وتيزليت تبين أن النزوع نحو السيطرة على منابع الماء، ومواطن الكلأ بسيف ملول وأوسلاتن (أحد روافد زيز) وتلمي مراد قائم لدى كل القبائل التي عبرت جبال الأطلس الكبير الشرقي من الجنوب نحو الشمال. وتثبت الوثيقة أن نزاعا قائما بين أيت إبراهيم والقبائل الأخرى دار حول موضع تلمي، وأنه نزاع ساخن قديم تخللته أشواط من إطلاق النار. وتضيف الوثيقة أن أيت يعزا كانت تناصر أيت مرغاد، وتعدها بنصيبها من تلمي. توفق التحالف بين أيت يعزا وأيت مرغاد في إبعاد أيت إبراهيم من تلمي، والبقاء هناك 27 سنة. ولئن تمكنت أيت إبراهيم من استرجاع تلمي وإتخراج أيت مرغاد من ديارهم  بقلعتهم بموضع بوعفير، فإن الوثيقة لم تذكر شيئا عن أيت يعزا. ويغلب أنهم لا يزالون يحافظون على نصيبهم بتاغيغاشت، إلى حين تسوية النزاع بين أيت يعزا وأيت إبراهيم، ذلك النزاع الذي نشأت تنسج حوله أساطير الخطوبة في وقتنا الحالي بإقليم ميدلت.
ينتظم واد تلمي، وقته في وحدتين قرويتتن: وحدة تلمي من علُ، وتضم قبيلة أيت إبراهيم الذين يقطنون بكل من أيت يكو وتابانست، وأيت عمرو، علما أن عشيرة أيت عمرو موزعة في أربع مجالات بالأطلس الكبير الشرقي، ووحدة تاغيغاشت وتقطنها عشيرتين من أيت يعزا، إزناكن وإحوطين.
يستشف من النص التاريخي المذكور أن أيت حديدو تنزع دواما نحو تحرير الأرض بالدم، وغنشاء علاقة قرابة دموية بين الإنسان والأرض. وتؤكد الوثيقة أن الصراع بين أيت إبراهيم وأيت يعزا حقيقة منزهة عن كل إرجاف. وتؤكد الوثيقة كذلك أن اللباس الإثنوغرافي يكاد يغشى المجال الجغرافي.
نص الوثيقة: «الحمد لله وحده هذا زمام ما وجدنا عند كبراء آل تلمي ايت براهيم [إبراهيم] على ما....بينهم وبينا [وبين] القبائل على بلد تلمي خبرونا [أخبروننا] بأنها قديمة لأيت براهيم [إبراهيم]، وهي أصليا [أصلا] عندهم، حتى قدر الله رفع البرود [البارود] بينهم، وبين ايت عزا [يعزا]، وحتى غلبهم آيت براهيم [إبراهيم]. وتقول ايت عزا [يعزا] لآيت مرغاد: كل ما تردّ السد مع إمشط نمكماك [بكاف معقوفة] للفوق ويشدوه ويقبضوه ايت عزا [يعزا] ما ترد للسفل. ويتعاونوا البرود حتى كسروا بها ايت براهيم [إبراهيم] وكل واحد فيهم قبض ما ذكرنا ويستغلون بها سبعة وعشرون عاما وبعدى [وبعد] ذلك حيث أمروا الله بخرجهم [بخروجهم] كان وحد [واحد] من ايت مرغاد اسمه علي أخي [علي أخيي] وكان يرعى فرسه با بقعة [ببقعة] يسمى [تسمى] ألمو متع اعلي أخي [أخيي]. وقدم رجول [رجل] من ايت براهيم [إبراهيم] يسمى ازكيط وخلع فرسه حتى قطع الرباط وهرب له وأفاقه في النعاس وهو بطريق ازكيط جرحه أكثر الجروح، وكانوا ايت براهيم [إبراهيم] سكنوا بأخيمهم [بخيامهم] ومالهم في إزلان، ولم  يفوت بوزكيط حتى وصالهم [دركهم] يلعبون بالكورى [الكرة] واطلا الطرين لوجهيه [لوجهه] وحوائجه، وهو يبكي عليهم وجمعوا بالحركاتي وضربوا عليهم حتى قتل بعضهم بعض [بعد] إكثار القتال هاك [هناك] وحتى كسروا ايت مرغاد في قصيرة موضع يسمى بوعفير تحت تبنست [تابانست] وقصيرة أخي [أخيي] بن [بنى] في موضيع [موضع] تحت تلبوست وبقي قصر كبير يسمى متع ايت محمد فوق ايت إكوا وجمعوا بها ايت مرغاد، ويضربوه مع ايت براهيم [إبراهيم] حتى وصلوا كلهم وقبضوا ايت مرغاد فيحتى لقصيرة وخرجوا لبلد ورجع إليه ايت براهيم [إبراهيم] هذا ما وجدناه في كلام رجل كبير يسمى حمي الحسين».
لحسن أيت الفقيه