بعث الصديق امحمد حرفي من مكناس كلمة ودّ أن يساهم بها
في المحفل الذي خصصته جمعية الاتحاد الرياضي تحت يافظة «تنظم جمعية الاتحاد
الرياضي الريش حفلا تكريميا للأستاذ لحسن ايت الفقيه، يوم السبت 9 من شهر يونيو من
العام 2018». تلاها في المحفل نيابة عنه الصديق رشيد عزير. ولأهميتها وجب بثها
كاملة.
«لن تسعفني لغتي الركيكة للتعبير عن كل ما أحس به تجاهه،
ولن يسعفني مستواي الثقافي أن أفهم كنه العلاقة التي تربطني بالأستاذ الكبير، بل
الهرم الأكبر، كما أراه (كي لا أكون ناطقا رسميا باسم أحد)، إنه الصديق والرفيق
والأخ والأب الروحي. قرأت من خلاله جميع ما أنتجته الثقافة العالمية في جميع
المجالات، قرأت من خلاله كتبا منها التي عرفت عنوانها، فقط، ومنها التي لم أسمع
عنها شيئا، بالمرة.
حين يحدثك عن التصوف تحسبه ابن عربي أو الحلاج، وحين
يحدثك عن الماركسية تحيبه ماديا محضا، وحين يحدثك عن هيجل يبدو لك أكثر مثالية من
هيجل نفسه، وحين يكلمك في الشعوذة تخاله دجالا وكبيرهم الذي علمهم السحر، مما يعطي
انطباعا أنه دون موقف، إلى أن يتبين أنه إنسان ذو مواقف عالمية. إنه عصارة
المواقف، وعصارة، حتى الأديان. يحدثك عن بودا وتحسبه يعبد البقر، يحدثك عن عيسى
ويعطيك انطباعا أنه إذا تجرأت وصفعته في خده الأيسر سيمد لك خده الأيمن. وحين
يكلمك عن اليهود يعرف كيف يفرق بين اليهودي، بما هو إنسان وبين اليهودية، بما هي
عقيدة. إنه المتدين بجميع الأديان، يختزل كل ما أنتجه الفكر الإنساني والحضارة
الإنسانية.
يقدر أساتذته من المفكرين الكبار حد العشق أمثال دكتور
حسن حنفي ومحمود إسماعيل وغيرهم.
عاشرته لسنوات، السنوات الجميلة رغم قساوة الفقر وقساوة
الرصاص، لا يبخل في مساعدتك مهما كان الثمن، له الفضل أيضا في مساعدتي ماديا، في
أحلك الظروف رغم قصر يده. يقترح عليك المساعدة، أحيانا، دون أن تطلبها، وله الفضل
في نسج جل خيوط شخصيتي، إن لم أقل كل
خيوطها. يدعمك نفسيا ويرفع من معنوياتك. لكن حين تتدنى معنوياته أذكره بموقف
المتنبي مع غلامه حين تراجع في معركته مع العدو من قوم بني ضبة. قال له غلامه: أين
قولك:
الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس تعرفني
ثم ترتفع معنوياته.
عاشرته في سنوات الطفولة والجوع، سنوات الدراسة
والتحصيل. يفضل تغذية عقله على بدنه. كان مولعا بدكان المرحوم الحاج الحسين، يشتري
المجلة، ونشتري الإسفنج. مولع بالرحلات ويعشق صعود الجبال، وكأنه يرفع التحدي.
يعشق كؤو الشاي فوق قمة جبل بوحميد، يحتسيها كما يحتسي السكير كؤوس الويسكي،
فيترنح بين شجيراته. حين تغضبه يتحول إلى كوميدي يستحيل معه كبح «مركز القهقهة»
داخل دماغك.
فتحية له ولجميع من بادر إلى تكريمه. إنه يستحق أكثر من
ذلك. يستحق أن يبنى عليه الضريح، قبل مماته، وبعد مماته. رمز الإنسانية والتواضع
ونكران الذات، ورمز التضحية والمبادة.
وتحية نضالية لجميع محبيه والمعترفين بعطاءاته وسخائه في
كل شيء متمنيا لذلك الجمع التوفيق خدمة للصالح العام. وشكرا لكم جميعا».
امحمد حرفي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire