vendredi 29 septembre 2017

الأستاذ باسكال جيمبرلي في ورشة تكوينية بورزازات: الوساطة مهنة واعدة في المغرب



نظم النسيج الجمعوي للتنمية والديموقراطية، زاگورة (RAZDED) بشراكة مع المعهد السويسري لتدبير النزاعات وإرساء السلام Center- æ يوما دراسيا مع البرلمانيين والمستشارين، أن يكونوا رجالا ونساء، يمثلون أحد نطاقات جهة درعة تافيلالت، يرجى منه النهوض بالوساطة وتدبير النزاعات والاحتجاجات. غشي آداء النظر في الوساطة معنى ومغزى وممارسة، لدى الماهنين المنقطعين لشأن التنمية، كل صباح يوم السبت 23 من شهر شتنبر من العام 2017. شمل الملتقى ثلاث فقرات: الافتتاح، والكلمات، والورشة. نواصل استفراغ ما قيل في الكلمات، مع الوقوف عند كلمة الأستاذ باسكال جيمبرلي Pascal Gemperli وهي مداخلة المعهد السويسري المذكور.
قدم الأستاذ باسكال جيمبرلي Pascal Gemperli تعريفا للنزاع (conflit) مستأنسا بتعريف الخبير النمساوي فريدريش كلاس (Friedrich Glass): «سأتحدث بدوري باللغة الفرنسية، فيما يخص الوساطة سلكت بعض المسالك. أريد أن أتحدث عن الوساطة. فما هي الوساطة؟ سأقتصر بسرد بعض التجارب العالمية، وأفرد بعض الجمل للبرلمانيين حول الوساطة. وقبل ذلك ما هو الصراع (conflit)؟ إنه شيء سلبي، كما يخيل إلينا، ويحضر في أدهاننا. لما نذكر الصراع نفكر في الحرب والسلاح. والحال أن الصراع (conflit)، في بعض التصورات ليس كذلك... ليس شيئا سلبيا. إنه طاقة تمكننا من تحويل الوضعية الحالية إلى وضعية فضلى. فالصراع انتفاض عنيف ضد شيء ما رجاء في تحسين الوضع. إنه مؤشر لتحسين شيء ما. فالانتفاض يستدعي تخصيص انتباهنا. إنه تعريف الخبير النمساوي فريدريش كلاس (Friedrich Glass)، الذي انقطع لمعالجة مفهوم النزاع». انتقل الأستاذ باسكال جيمبرلي Pascal Gemperli بعد ذلك إلى السبر في المفاهيم وتحليلها «الصراع الاجتماعي... لست أدري هل تستعملون هذه المفاهيم في المغرب؟ هناك صراع ذو صلة بالمقاولة، وصراع في مجال النقابة.. والصراع الاجتماعي ليس بهذه المفاهيم كذلك. إنه تفاعل بين مجموعة من الفاعلين، في جو يحسبه أحدهم يتوجب التقليل من إرادته رجاء في ضمان نوع [نوعا] من الرحمة. لماذا يتوجب تدبير النزاعات بشكل إيجابي؟» للجواب على هذا السؤال، بسط الأستاذ باسكال جيمبرلي Pascal Gemperli، في الشريحة، ترسيمة (شجرة)، تبين وجوب التحليل الإيجابي للنزاعات. فمن ذلك «أنه لما يحدث النزاع تبدأ المعاناة الإنسانية، وتنخفض جودة الحياة، كما يستصحب النزاع حصارا (Blocage) سياسيا وحصارا (Blocage) اجتماعيا وهي أشياء كيفيىة، يصعب تمثيلها في أرقام. وعلى المستوى الكمي يمكن تمثيل كلفة النزاع بالأرقام، كلفة المنفعة (opportunité)، كلفة الوقت الذي يستغرق في تدبير النزاع، أي: ذلك الوقت الذي يحسُن توظيفه فيما هو أحسن. وهناك أرقام مشخصة لدى المقاولات، وفق الدراسات الكثيرة التي أنجزت، وسأسوق لكم أمثلة مفيدة [من الولاية المتحدة]، حيث يناسب خسارة مقاولة تحوي النزاع حوالي 400 ألف دولار في السنة: لفقدان الزبناء، والسريان الضعيف للتواصل، وانصراف العمال واستقالاتهم. وهناك من قدر الخسارة بواقع 650 أورو لكل مستخدم. وتصوروا الحصيلة إن كان بالمقاولة 1000 مستخدم، (650 مضروب في ألف». وانتقل إلى انماط التدخل في النزاع، «يمكن اعتماد سلم درجة المشاركة (Degré de participation). أين تتجلى مشاركة المعني بالنزاع، في البحث عن الحل؟  فإذا تعلق الأمر بنزاع يقضي تدخل الشرطة والجيش، فلا مشاركة للأشخاص المعنيين بالنزاع، لأن القوات تقوم بعملها المعتاد. وإذا تعلق الأمر بحكم قضائي (Verdict)، فإن المحكمة تقوم بدور محدود، ولا معاناة لدى الشخص المعني بالنزاع، ولا دور، مادامت المحكمة هي التي تدعوه للتحاكم. وإنه باختياركم التحكيم  القضائي (Arbitrage)، فلا دخل لكم في إيجاد الحل، لأنكم تعرضون أنفسكم طوعا على التحكيم». عرض الأستاذ باسكال جيمبرلي Pascal Gemperli، شريحة (Slide)، تحوي شجرة  الحلول المفيدة في الجواب على السؤال: أين تتجلى مشاركة المعني بالنزاع، في البحث عن الحل؟:«ولما يجري التفاوض المباشر فذلك أمد مشاركة المعني بالنزاع في البحث عن الحل، مادام التطوع مبدأ الوساطة. ومن بين مشاكل الوسطاء العمل على مساعدة الطرفين على الاتفاق على النتائج، وقبل ذلك الاتفاق على الوساطة، وعلى الوسيط». ما هي إيجابيات الوساطة؟
-        الحفاظ على العلاقات (Préserver les relations).
-        لا مذنب في الوساطة الطوعية، فهي تستقيم وفق المبدأ التفاوضي «اربح وأربح». لكن في التحاكم تدين المحكمة الظالم وتعترف للمظلوم بالحق.
-        الحفاظ على السرية في الوساطة الطوعية، عكس ما هو سائد ريث التحاكم. فالوساطة القضائية وساطة مسطرية.
من إيجابية الوساطة أن أوصى البرلمان الأوروبي بإدراجها في القانون المدني». وانتقل الاستاذ باسكال جيمبرلي Pascal Gemperli إلى سرد تكلفة الوساطة، وفق دراسة الاتحاد الأوروبي، في سنة 2014، التكلفة النقدية والتكلفة العينية، حددها بالأيام. و«يمكن ربح 25 مليار أورو، في حال استصحاب الوساطة للمساطر القضائية، في أوروبا، وربح مليون سنة من الانتظار، في السنة». وسرد حقول التطبيق (Champs d’application) التي تجري فيها الوساطة، وهي كثيرة، كنحو الحقل السوسيو اقتصادي، والحقل العائلي، والحقل التجاري، والحفل الجنائي....

وانتقل إلى الوساطة والإطار القانوني، «تحمل كل وساطة على احترام الإطار القانوني. ولا يمكن فعل أي شيء في الوساطة لا يحترم الإطار القانوني. هناك أنواع من الوساطات: هناك وساطة يقال عنها إنها وساطة حرة، أي: الوساطة غير الخاضعة للقانون (Code)، والوساطة الاتفاقية (conventionnelle)، والوساطة القضائية القائمة على المسطرة القضائية. ويمكن في بعض الدول إجراء وساطة حرة ويوافق عليها القاضي. ويمكن لرجال المحاماة  في سويسرا أن يجروا وساطة... »، وحاول مقارنة فعل الوساطة الاتفاقية في مجموعة من البلدان، سويسرا، وإسبانيا والمغرب. و«تعتمد الوساطة الاتفاقية على النص القانوني. وأما الوساطة القضائية فقائمة في فرنسا وفي المغرب، وفي بلجيكا». علقت القاعة أن مدونة الأسرة تحتم الوساطة القضائية. عقب الأستاذ مولاي أحمد العمراني أن الوساطة التي تحويها مدونة الأسرة تعني التحكيم وليس الوساطة. وقالت الأستاذة غيثة أيت بلمدني «إن بالمحاكم خلايا حماية الطفل والمرأة من العنف وهي خلايا الوساطة، يحددها قانون الأسرة». وعقب الأستاذ باسكال جيمبرلي Pascal Gemperli: «إنكم على صواب، يوجد بالمحاكم خلايا المصالحة. المصالحة الجنائية كائنة بفرنسا، وتخص القاصرين في بلجيكا، وقد تشبه الوساطة العائلية في المغرب. وتخص الوساطة الجنائية القاصرين بإسبانيا». وعن الموافقة (Homologation) تساءل الأستاذ باسكال جيمبرلي Pascal Gemperli  : هل تجري الموافقة على الوساطة من لدن القضاء؟ وتجري الوساطة الحرة في أوساط المجتمع المدني. واسترسل في تفسير المفاهيم المصنفة في الترسيمة بإيقاع سريع. «ما معنى الوسيط؟ إنها وضعية، وأدوات التواصل، والمعرفة القانونية (الإطار القانوني)، وطرح الأسئلة، ويمكن للوسيط أن يقوم بالعمل الذي يقوم به المحامي، وبالتالي: فأن تكون وسيطا يعني أنك تمارس المهنة. وإنها لرسالة أود أن أبلغها لكم. وهل الوساطة مهنة جديدة لدى المغاربة؟ إنكم تتوافرون على الإطار القانوني. وجب التكثيف من التكاوين، وضمان الاعتماد، واكتساب ثقة القضاء، لا بد من التمويل. وأعتقد أن مجال الوساطة، إن يدعم بالتمويل، فهو قابل للتطور. وأعتقد أن الوساطة الاتفاقية ممارسة قائمة بالرباط والدار البيضاء، لوجود مراكز التحكيم، في المجال التجاري حسب فهمي. وهناك تراكم يمكن أن يستغله ماهنو الوساطة. وأريد أن أقف عند بعض التوصيات، طفت على السطح، طيلة المدة التي نشتغل فيها في المغرب، من ذلك توضيح قانون الوسطاء والوسطاء بالمغرب، وإني أرى أنه غير واضح لحد الساعة، وتمكين الوسطاء من التكوين. وتعيين وسطاء مرخصين. والنهوض بالوساطة بتحسيس القضاة وتكوينهم، وإدماج الوساطة في البرامج الدراسية، وتكوين طلاب القانون في الوساطة. وإن معظم البلدان تعاني من وساطة غير متكافئة، قائمة على ثنائية: (هذا رابح وذاك خاسر)، وتلك طبيعة إنسانية. فلما أواجه نزاعا، فإني أنتظر الربح أو الخسارة. لذلك يتوجب إنشاء منطق بديل: «اربح وأربح». وإدراج الوساطة في قانون المجلس الوطني لحقوق الإنسان، لأني فهمت أن ضمن قانون المجلس الوطني لحقوق الإنسان حماية حقوق الإنسان والنهوض بحقوق الإنسان. والوساطة ضمن مجال حماية حقوق الإنسان. وسأتطرق، أخيرا، إلى نقطة مهمة وتخص توثيق التجارب في مجال الوساطة. لذلك حسن تدوين تاريخ الوساطة وثقافتها في المغرب. وإن هناك أشياء مهمة مثل ما يحصل بأكراو [يقصد معتصم منجم إيميضر المسمى أكراو أي: التجمع]، وديوان المظالم [تحولت الآن إلى مؤسسة الوسيط]»

jeudi 28 septembre 2017

مسلسل الوساطة بالمحيط المنجمي بالجنوب الشرقي المغربي بين الوفاق والإخفاق






بتوجيه من السيد عثمان عوي، بصفته مسير المحفل، أقدم الأستاذ مولاي أحمد العمراني على تقديم مداخلته بالعربية والأمازيغية، سؤلا في تيسير الفهم، في الفقرة الثانية من اليوم الدراسي حول الوساطة المنظم لفائدة البرلمانيين، رجالا ونساء، الذين يمثلون جهة درعة تافيلالت بالجنوب الشرقي المغربي. وانتظم اللقاء، الذي صادف يوم السبت 23 من شهر شتنبر من العام 2017، بمدينة ورزازات، في ثلاث فقرات: فقرة الافتتاح، وفقرة المداخلات، وفقرة الورشات. وفي فقرة المداخلات التي غشيت الوساطة مفهوما وتجربة أدرجت مداخلة الأستاذ مولاي أحمد العمراني لخبرته الدقيقة في الوساطة بالمحيطات المنجمية بالجنوب الشرقي المغربي، ولاستفادته في التكوين في الوساطة. وقبل ذلك، ما كان للفعل الجمعوي بالجنوب الشرقي أن يستغني عن خبرة هذا الرجل في الآداء.
«صباح الخير، نزولا عند رغبة السيد عثمان عوي، هل تفهمون الأمازيغية؟ كلنا سمع، في الكلمة الافتتاحية للسيد عثمان تلك القصة التي وقعت لنا في الدار البيضاء»، وهي لقطة مهمة في التواصل، يحسن، إعادة سردها نقلا عن السيد عثمان كلمته الافتتاحية، يومها السبت 23 من شهر شتنبر من العام 2017. قال. «...أريد أن استحضر مذكرا بإحدى وقائع لقاء شاركت في مجرياته بالدار البيضاء حول المسؤولية الاجتماعية للمقاولات، حضر معي الأخ إدريس [يقصد السيد إدريس فخر الدين] والأخ مولاي أحمد العمراني وباسكال [يقصد السيد باسكال جيمبيري Pascal Gemperli، وسيط تابع للمعهد السويسري لتدبير النزاعات وإرساء السلام Center- æ]، ولوحظ في اللقاء أن مدراء ومهندسين ظلوا يتحدثون باللغة الفرنسية، ولما تدخل أحد المواطنين، بما هو يمثلون السكان والجماعات السلالية، قال بالأمازيغية «Hat ur nassin madv ttinim»، أي: إننا لا نعرف ماذا تبسطونه في حديثكم.أجابه أحد المهندسين يعرف الأمازيغية، قائلا:«Je comprend ce que vous voulez»، أي: «إني أفهم ما تريدونه» بالفرنسية. «ودرءا [ودرءً، كلا الرسمين صحيح] لإشكال التواصل، هل تفهمون الأمازيغية؟»، يضيف الأستاذ مولاي أحمد العمراني الذي أعاد قصة الدار البيضاء. تراءى أن كل الحاضرين يفهمون الأمازيغية، وفي جميع الأحوال، ود الأستاذ مولاي أحمد العمراني أن يبسط مداخلته باللغتين كلتيهما، لكن المتن فرنسي. «... إن سكان المحيطات المنجمية، كنحو السكان المنحدرين من موضع بووزار، غير قادرين على تحديد المؤشرات باللغة الفرنسية. حضر، في يومها، بالدار البيضاء، حوالي 17 مقاولة كانوا يعرضون تجاربهم، في المسؤولية الاجتماعية، باللغة الفرنسية.. يعرضون المؤشرات والأهداف. كنا جالسين في الصفوف الأخيرة من القاعة،  بهندامنا اللائق (معطف وربطة العنق) وكانوا يعتقدون أننا من السكان، وبالفعل رشحنا، لحضور لقاء الدار البيضاء، ممثلي المجتمع المدني، لما نشأنا نتدخل وظفنا اللغة الأمازيغية لنريهم أننا لن نتفاهم، مادام ممثلي السكان بالمحيطات المنجمية لا يعرفون اللغة الفرنسية، ولا يحق التعامل مع المواطنين والمواطنات بهذه الطريقة. وتدخل السيد عثمان عوي، يومها، بصفته مواطنا من مواطني إقليم تنغير بالأمازيغية، لينقل لهم أنه لا يعرف ما يقولونه: (Pat ur ssinv may tnnam) »، أي: «إني لا أعرف ما قلتموه» بالأمازيغية»... «إني مواطن عادي لم أفهم شيئا. ولقد تعمدت إعادة سرد الطُّرفة لأفسر أكثر أن إشكال التواصل، هو الذي طبع التفاوض بالمحيط المنجمي سنة 2012»، يريد أن يبين الأستاذ مولاي أحمد العمراني أن الوساطة بالمحيط المنجمي تصادف الأبواب المسدودة، في غياب التواصل. «... ومنذ وقتها شرعنا في إنجاز برنامج المحيط المنجمي، الذي شمل ثلاثة أقاليم: ورزازات، وتنغير، وزاگورة»، بسط في الشريحة (Slide) الثانية خريطة هذه الأقاليم « التي يتركز فيها التوتر، والإشكاليات الكبرى، لتوافر المناجم [الصناعة الاستخراجية]، ويمكن أن نعدها بشكل جماعي: البليدة، وبووزار بإقليم زاگورة (بووزار بين ورزازات وزاگورة)، وهناك بوسكور،..وأريد أن أتحدث فقط عن المناجم التي أنشأنا معها علاقة اتصال ضمن البرنامج المذكور. وهناك بوسكور، وإيميضر، ومجران (بونحاس الكائن بحصية). ففضلا عن توافر المناجم بالمنطقة، هناك أحداث، إن كنتم تتذكرون، وقد سلف للأستاذ عبد الرحيم شهيد أن فصل فيها القول، أحداث سنة 2010، التي تسمى الربيع...والتي صادفت أحداث منجم إيميضر، حيث التوتر عميق. وحصل توتر آخر بموضع بووزار. وفي سنة 2011 نشأت حركة على درب 96، وفي سنة 2012- وبالضبط في الموسم الدراسي 2011- 2012- لم يتردد تلاميذ الموقع المنجمي إيميضر على المدرسة، بل عزف تلاميذ الجماعة الترابية جميعهم عن الدراسة، تعبيرا عن الاحتجاج،... وأقصد كل المستويات الدراسية: الابتدائي والإعدادي والثانوي... وبعبارة أدق، حصلت ستة بيضاء. ولن أطيل عليكم، انعقد لقاء بمدينة ورزازات، جلسنا على هامشه، نحن جمعيات المجتمع المدني، بجميع مناطق الجهة، متى حصل ذلك اللقاء؟ أوجه السؤال للسيد لحسن أيت الفقيه لذاكرته القوية»، حصل اللقاء يوم السبت 18 من شهر فبراير من العام 2012، صادف وفاة الماهن الجمعوي محمد بلكوح. « نعم، في مساء يومها حصل الاجتماع مع السي الشراد، ومع ممثلي مناجم، والذين هم في مواجهة الصورة الغامضة، بعد أن نظموا 16 جولة من المفاوضات مع سكان المحيط المنجمي بإميضر، وخمس (5) جولات بموضع بووزار، بحضور السلطات العمومية، ولم يتوفقوا في بلوغ أي نتيجة. دام التوتر طويلا، واسمر الاعتصام بجبل ألبان (بباء مضعفة)»، تعني ألبان بالأمازيغية المركز، أي: وسط الفقص الصدري، بالضبط. « واعتصم سكان بووزار، وكانوا قضوا ثلاث ليالي معتصمين فوق الحزام الناقل للمادة المنجمية (السمطة). ولا أنكر، أننا نحن المجتمع المدني، في غفلة أيضا، لمواجهتنا العتمة، أو الصورة الغامضة. حصل نقاش معقلن: ماذا يريد المواطنون؟ وماذا تريد مناجم؟ وما هي الأدوار والمسؤوليات التي يقضيها الظرف، ويقتضي الواجب استحضارها؟ وما هي مسؤولية المجتمع المدني؟ هنالك نشأت العتمة تنقشع، وبدأت الرؤية تتضح. وأذكركم بفرض أسلوب الوقاية المدنية في إطفاء الحريق: توفير ميزانية مناسبة إعداد مشاريع، وانتهى الأمر. ولقد رفض المجتمع المدني هذا الأسلوب، وإني من بين الراغبين عن هذا الأسلوب [المشاريع طفيو الصداع]، باللسان الدارج. ولا أحد من الحاضرين عن المجتمع المدني راغب في إعمال هذا الأسلوب. والحال، وجبت مأسسة التدخلات»، بسط الأستاذ مولاي أحمد العمراني هذه العبارة باللسان الفرنسي. قال: «وجبت مأسسة التدخلات بشكل تشاركي بين المواطنين والمواطنات. ولقد تقرر في ذلك الاجتماع الهامشي، عقد لقاء موسع لجميع الفاعلين، والذين لهم علاقة مباشرة وغير مباشرة بالموضوع، موضوع التوتر بالمحيط المنجمي، ولقد جرى تنظيمه من يوم الجمعة 20 من شهر أبريل من العام 2012، إلى غاية 22 منه، بمدينة زاگورة»، ورد في متن المداخلة أن اللقاء شارك فيه فاعلون: الأنسجة الجمعوية، واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، والطرف المشرف على الشأن المنجمي (مناجم)، وممثلو السكان. «وكان الفريق المنظم فائقا لقدرة أعضائه على جمع جل المعنيين، من ذوي الارتباط بالشأن المنجمي، وتنمية المحيط المنجمي. ولم يكن لقاء وقتها طمعا في المصالحة وتبادل الأفكار، فهو لقاء الإنتاج، لبرمجة ورشات التخطيط التي تلت فقرة المداخلات. ولقد حوت الورشات التعدد، أي: إنك تصادف في ورشة واحدة من هم مع الشركة، ومن هم ضدها، سكان بووزار، وسكان إيميضر، وسكان لبليدة، والحركة على درب 96، والجمعيات. هناك تمثيلية متعددة جامعة مانعة في كل الورشات. وحصل إنتاج مخطط جرى تقسيمه من بعد، في لقاء جرى تنظيمه بمراكش [يوم 07 من شهر مايو من العام 2012]، إلى مستويين: مستوى ذو طبيعة استعجالية، وافقت شركة مناجم على تمويل مخطط سنة واحدة صادفت نهاية سنة 2012 وسنة 2013، قدرت ميزانية المخطط 11 مليون درهم. ورام المخطط الاستعجالي بناء الثقة، وتحويل العلاقة من علاقة الزبونية والمحسوبية، يطبع التوتر، إلى علاقة مؤسساتية، علاقة ود وثقة. وسأنتقل مباشرة لسرد تجربة المخطط الاستعجالي»، وتبين أن 37 مشروعا تخظى بالأولوية. «حصل في البدء تشكيل فريق يتكون من السادة، إدريس فخر الدين، وعثمان عوي، والحسين أوسقل، لم بحضر معنا، ومحمد ايت خويا، وعبد الصادق عطار ومحمد أو لحسن، وكنت عضوا في ذلك الفريق. وضمن أعضاء الفريق عناصر نسميهم (الكالات)، أي المتكاءات، ننادي عليهم كلما واجهتنا مهمة عياء، وهم السيد لكبير أوحجو، والسيد أحمد توفيق الزينبي، والسيد عبد اللطيف قاسم، والسيد أحمد شهيد، نناديهم فيساعدوننا في منهج مواجهة المهمة العياء. ولقد تمكن الفريق من عقد لقاءات مع المواطنين، في المعتصم وفي الفضاءات الجمعوية، فدونوا إرب السكان في المخطط الاستعجالي. واجهنا إشكالا كبيرا بإيميضر لانعدام الثقة نهائيا. وقد واجهنا إشكالا مفاده مدى مواصلة العزوف الكلي عن الدراسة، في نهاية الموسم 2013-2014. واجهنا هذا الإشكال لأن مداخلنا حقوقية بامتياز. ولقد توفق الفريق في إقناع سكان إيميضر بالكف عن مقاطعة الدراسة، مع الحفاظ على ماء وجه الحركة على درب 96، لكي لا تشعر بما يفيد الانهزام، في شكلها الاحتجاجي. لذلك اهتدينا إلى تنظيم مخيم، يخصص لدعم التلاميذ ليستدركوا ما ضاع لهم يوم المقاطعة، ويدركوا الركب الذي سبقهم. ويرجى من المخيم العلاج النفسي، أي: التخفيف من الوقع السيء الذي تركه العزوف الاضطراري في نفوسهم. خصصت للمخيم ثلاث مواقع: موقع إيميضر مخصص للأطفال الصغار، الذي لم يتجاوز سنهم تسع سنوات. كانوا ينقلون بناقلة مخصصة للغاية، في ثلاث فترات، وأشرفت عليهم حركة على درب 96 بشكل مباشر. وسافر من تراوحت أعمارهم ما بين تسع سنوات و14 سنة إلى قلعة مگونة، لأشرف عليهم رفقة الزميل عثمان عوي. وأما الذين تجاوز عمرهم 14 سنة فقد سافروا إلى مدينة أگادير، ليشرف على إقامتهم مناجم والتعاون الوطني. وللإشارة فالحركة حاضرة في التدبير في المواضع الثلاث: إيميضر، وقلعة مگونة، وأگادير. ولقد واجهنا عدة مشاهد ونحن نؤطر المخيم...، كأن يتوجس السكان من احتمال تسمم أبنائهم، وطوقت المخيمات بسيارة من ينتمون إلى حركة على درب 96 وسيارات أجهزة الدولة، والصحافة. إنها تجربة خطيرة للغاية. إن ما يفيد في التجربة استرجاع الأطفال لنفس المدرسة، وقد تتبعنا مسارهم الدراسي، وألفينا أنهم يحصلون على نقط جيدة. لن أعطي الأرقام، وسأمكنكم من نص المداخلة، لتطلعوا على التفاصيل الصغيرة. وصرفت ميزانية 11 مليون درهم في مشاريع الماء، وبناء الخطارات، وإعداد مشاريع التمدرس، والدخول المدرسي، وكل النفقات من دعم مناجم. وباختصار، كل ما جرى تخطيطه في لقاء 07 من شهر مايو من العام 2012، أصبح إنجازه على وجهه». وقد خصص لموضع بووزار، (جماعتان ترابيتان يعيش فيهما حوالي 27000نسمة)، 19 مشروعا. وخصص لموضع البليدة (جماعة قروية واحدة تعيش فيها 5000 نسمة)، 8 مشاريع. وخصص لموضع إيميضر (جماعتان ترابيتان تعيش فيها 13000 نسمة) عشر (10) مشاريع.  و«أما المستوى الثاني من المخطط، فهو المخطط الإستراتيجي الذي نظمت حوله الندوة الصحافية بالرباط، حضرته الحركة على درب 96. وطبع يومها ضعف التوتر، إذ تراءت شركة مناجم تعمل بشكل مرتاح، ولم تعد أجهزة السلطة تشدد المراقبة. ومكننا بعض الوقت للاشتغال على المخطط الإستراتيجي، الذي خصص له 105 مليون درهم. وكان مقررا أن نواكب إعداد المخطط، وننسحب بعد الشروع في أجرأته. وفرضنا على الشركة أن تخصص أطرا ينقطعون للعملية التنموية، وقد استجابت لذلك، فعينت وسطاء تنمويون. إن ما بقي في المداخلة تقني: الأهداف، والنتائج المتوقعة. وكم قلت لكم صاحب العملية زخم إعلامي. وأريد أن أذكر، فقط، نشر المقابلة بين الأستاذ باسكال جيمبيري Pascal Gemperli ، وجريدة سويسرية. وأقدم أحدهم على تدوين تعليق يدعي فيه أن لا شيء أنجز بالمحيط المنجمي، واضطر بعض المناضلين التابعين للنسيج الجمعوي للتنمية والديموقراطية للإجابة بالوثائق والأرقام. سقت هذا المثال لأؤكد لكم أن العملية صاحبها زخم إعلامي الذي يحيط بتجارب من نوعها. شكرا لكم أتمنى أن أكون قد بلغت بعض المعطيات حول التجربة».
لحسن ايت الفقيه

mercredi 27 septembre 2017

ألان جاك سيك يخاطب البرلمانيين بجهة درعة تافيلالت في مفهوم الوساطة





نظم النسيج الجمعوي للتنمية والديموقراطية، زاگورة (RAZDED)، بشراكة مع المعهد السويسري لتدبير النزاع وإرساء السلام، المدعو اختصارا (- center æ)، يوما دراسيا مع برلمانيي جهة درعة تافيلالت، فاق أمده الزماني صباح يوم 23 من شهر شتنبر من العام 2017. انتظم  المحفل في ثلاث فقرات: الافتتاح، وبسط المداخلات ومناقشتها، والورشة، واحتضن أشغاله فضاء المحاضرات والمناظرات بفندق أزغور بمدينة ورزازات. كانت فقرة الافتتاح في كلمتين: كملة النسيج الجمعوي للتنمية والديمقراطية، زاگورة، القاها الأستاذ عبد الرحيم شهيد، وكلمة المعهد السويسري لتدبير النزاع وإرساء السلام تقدم لإلقائها الأستاذ ألان جاك سيك (Alain Jacques Sigg)، رئيس المعهد المذكور.  «السلام عليكم، للأسف أجهل الحديث باللغة العربية، وإن كنت متمكنا من الحديث بعدة لغات. سأتحدث باللغة الفرنسية، بما هي واحدة من اللغات الوطنية (في سويسرا). أتمنى لكم يوما مثمرا. أيها السادة برلمانيو الجنوب الشرقي من بلدكم الذي سمح لي الحظ بالعودة إليه ثانية، اسمحوا لي فإني راغب في الحديث عن تنظيمنا الصغير، تنظيمنا الشاب، المعهد السويسري لتدبير النزاع وإرساء السلام، المنتمي بلد صغير، بلد مهتم بالنهوض بالسلام. إن  تنظيمنا منقطع – يبادر في- لتخفيف من حدة التوتر في العالم.... ولما نتحدث عن الوساطة (La mediation)، وجب ألا نحسبها عملا ضخما، أو مركزا للتوتر (anticyclone) إنها شيء زخرفي. واسمحوا لي أن أبدأ بسرد طرفة: لما دعيت لإجراء وساطة بالقارة الأفريقية، مع الاتحاد الأفريقي، صادفت أن رصد لهذه الوساطة الوقائية 2.5 مليون دولار، كلفة سنة واحدة لعمل الوساطة في أحد البلدان [لم يذكر اسمه، ويغلب أنه رواندا] تخت وصية الاتحاد الأفريقي. وكانت الأمم المتحدة قد رصدت لتغطية كلفة فرق عسكرية لإنشاء السلام قدرا يضاهي 850 دولار. فالفرق مهل بين الكلفة المخصصة للوساطة وكلفة إنشاء السلام بالفرق العسكرية. لذا أرجوكم أيها البرلمانيون الأعزاء أن تبثوا هذه الرسالة على زملائكم، وتدبرونها جيدا. ورغم ذلك لا ينبغي أن نقر أن الوساطة متوفقة، دوما في فك النزاع، لكن حسن الانتباه، دواما، إلى فرصة الوساطة إعمالها. استشهدت بالقارة الأفريقية ضمن الطرفة التي سردتها عليكم، لأني تمرنت على المهنة، في القارة الأفريقية، وإني سعيد بالعودة إليها وحضوري معكم.
تقضي هذه الورشة، وما صاحبها من جهود تكوين الأشخاص في الوساطة، وبالمناسبة أود أن أشكر صديقي السيد باسكال جيمبرلي (Pascal Gemperli) وأهنئه على مجهوده الفائق، في مصاحبة حلقات التكوين والنقاش، طيلة المدة المقررة. ولقد تبين من الجدل المفجر في حلقات التكوين تحقيق النجاح في فهم الآخر. ويجب تسجيل المجهودات التي يبذلها البرلمانيون، يوما بعد يوم، والمبادرات التي يقدمون عليها في الوساطة. وإني أحسب البرلمانات ضمن الفاعلين في مجال الوساطة. وأنو بمجهود المجتمع المجني النشيط، لديكم، وأشجع أفراده على مثابرتهم ومجهوداتهم. رأينا البارحة هلالا جديدا، يعلن بداية سنة هجرية جديدة، أتمناها لكم سعيدة».
لحسن ايت الفقيه

dimanche 24 septembre 2017

الأستاذ عبد الرحيم شهيد، يلح على إعطاء انطلاقة التكتل وإعمال الوساطة رجاء في إنقاذ الفعل التنموي بالجنوب الشرقي المغربي؟



الأستاذ عبد الرحيم شهيد، الماهن الجمعوي والمتمرن الماهر، في شأن سكان الجنوب الشرقي، يقرب مفهوم الوساطة، بما هي فلسفة ونهج في الآداء، ويفسر دواعي إعمالها، في الحال، ضمن كلمة مرتجلة دالة معبرة، ود أن يفتتح بها المحفل الذي نظمه النسيج الجمعوي للتنمية والديموقراطية، زاگورة (RAZDED)، بشراكة مع المعهد السويسري لتدبير النزاعات وإرساء السلام Center- æ، مع البرلمانيين والمستشارين، أن يكونوا رجالا ونساء، يمثلون أحد نطاقات جهة درعة تافيلالت، وهو المحفل الذي يرجى منه التمكن من ناصية النهوض بالوساطة وتدبير النزاعات والاحتجاجات، وإعطاء انطلاق لعمل تنسيقي في هذا المجال. وللتذكير، كان للمحفل موعد صباح يوم السبت 23 من شهر شتنبر من العام 2017، بقاعة المناظرات بفندق أزغور بمدينة ورزازات. ومما لا شك فيه، أن تطور التوتر بالمحيطات المنجمية، وقوة رد فعل السكان يقتضي إيجاد آلية تخفف من وقع صدمة رد الفعل، لا سيما وأن المؤسسة الحزبية حصرت دورها في الفترة الانتخابية، ولم يعد للعمل النقابي وقع محسوس. ومن جانب آخر، تراءى أن تمثل السكان والسلطات المحلية حول البرلمانيين بالوسط القروي مجانب للتصور المحدد لوظيفتهم في الدستور. وبين فتور ما هو كائن وقوة المرغوب فيه، أو بمعنى آخر، أقول، إن بين الفعل الوظيفي لرجال البرلمان، وفعلهم الطفيلي الذي ينتظره والسكان، وتحسب السلطة وجاهته، وقف الأستاذ عبد الرحيم شهيد في كلمة مرتجلة وكثيفة، ليسبر الأغوار بالنقد والتحليل، بأسلوب الأستاذ المدرس المربي، كدأبه. ولقد توفق ، في كلمته، ونجح في بسط الإشكال. كان الجسر الرابط بينه وبين مجال الاشتغال، أن خلق الأستاذ عثمان عوي فضولا معرفيا لدى الحاضرين في الورش، لينتقل، انتقالا ذكيا، إلى برنامج أشغال اليوم الدراسي المذكور المخصص كله، حول الوساطة، اليوم الذي نظمه النسيج الجمعوي للتنمية والديموقراطية، زاگورة (RAZDED) بشراكة مع المعهد السويسري لتدبير النزاعات وإرساء السلام Center- æ كما سلفت إليه الإشارة، وحب الأستاذ عثمان عوي، بما هو مكلف بتسيير أعمال الحفل أن يمهد بفقرة الكلمات، وكانت كلمة النسيج المذكور، الذي يمثله الأستاذ عبد الرحيم شهيد، أولاها. ولا غرو، فالأستاذ عبد الرحيم شهيد من الذين راكموا التجربة بجهة درعة تافيلالت، فكان الاستماع له، ولو لبضع دقائق كافيا لفهم المقصود، خصوصا، ونحن غافلين عما يجري في ميدان الوساط. حاولت أن ألتقط من كلمته ما قل ودل. فكان اجتهادي في النقل الحرفي، أن نسبت له ما يلي: «...السادة البرلمانيون، والسيدات البرلمانيات، والسادة رؤساء المجالس الإقليمية، أشكركم على حضوركم، وإني واثق من مستوى تضحياتكم، لأني على دراية تامة بطبيعة انشغالكم. كان بودي أن أشرح شعار اللقاء  الذي حضره فاعلون آخرون، بالتركيز على صدره ومتنه، أي دور لبرلمانيي جهة درعة تافيلالت ومستشاريها، يرجو النهوض بالوساطة وتدبير النزاعات والاحتجاجات بالجنوب الشرقي المغربي؟، وأحب أن أضعكم في السياق، وذلك بالعودة قليلا إلى الوراء، بعجالة، لتتبينوا من الداعي إلى هذه ورشة يومه. ويمكن القول، إن الورشة كانت انطلقت يحدده مسار يعود إلى سنة 2011، أي: في أوان الدينامية التي عرفها المغرب وشمال أفريقيا ودول الشرق الأوسط. ويتصل ذلك المسار في المغرب بحركة 20 فبراير. وبعبارة أخرى، عرف المغرب يومها (حراكا)، حركة اجتماعية قوية، شملت الجنوب الشرقي المغربي، ونشأت على شأن الموارد الطبيعية عامة، والموارد المعدنية خاصة، لغنى المنطقة من المناجم. وقد عرف المحيط المنجمي، في مواقع، إيميضر بتنغير، وبوازار والبليدة، بكل من ورزازات وزاگورة، حراكا متعددا أساسه طرفان، الشركة المعدنية والسكان. ومنذ سنة 2011، نشأت الغمرات تتطور، وأضحى السؤال حول آلية التدخل مفكرا فيه. ذلك أن للشركة لغتها ولسكان المحيط المنجمي لغتهم.... تطور التوتر وأضحى عناوين صدامات بارزة بشتى المواقع، ولا أحد يقدر على توقع آفاقها ومآلها، خصوصا وأن الشرارة التي سطعت في تونس نظن أنها انطلقت من الموقع المنجمي. وباختصار، وجدنا أنفسنا أمام ارتباك. صحيح أن اتفاقا موفقا حصل بين الشركة المنجمية التي طلبت من المجتمع المدني التدخل، وبرزت عدة مبادرات مصاحبة للأحداث. وحسبنا، أنه جرى الاشتغال، بشكل مشترك، في تنسيق جمع المجتمع المدني والشركة المنجمية، انتهى بوضع برنامج لتنمية المحيط المنجمي. وللتذكير، فقد انتظم البرنامج في مرحلتين اثنثين: مرحلة البرنامج الاستعجالي، ومرحلة البرنامج الإستراتيجي ثانية. ولقد حصل تنزيل البرنامج الاستعجالي الذي يعود إلى سنة 2012، على وجهه، وأما البرنامج الاستراتيجي فقد غشيه من الترهل والتوقف والتعثر ما غشيه، وإن جرى بثه والترويج له على الصعيد الوطني والدولي. ولن أخفيَ عليكم أن ساهم إخواننا في إعداد البرنامج: السيد عبد اللطيف قاسم، والسيد إدريس فخر الدين، والسيد مولاي أحمد العمراني، والسيد عثمان عوي وآخرين غائبين، لم يكتب لهم الحضور في هذا المحفل. وكان لنا لقاء مع الأخ باسكال جيمبيرلي Pascal Gemperli، الذي اشتغل مع المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، ومع الحركة الحقوقية في عدة برامج [حضر الأستاذ باسكال جيمبيرلي Pascal Gemperli في المحفل المذكور] ، وبرز أن مشكل تدبير النزاعات في علاقة مع مشكل الثروات الطبيعية، وأن التوتر من نوعه قائم في جل أنحاء العالم، وليس وليد اليوم. إن التوتر غاشٍ وناشرٌ [نعت مرفوع] في تدبير الملك الغابوي، وفي تدبير الملك المعدني، وتدبير الملك المائي، وتدبير الأرضين [جمع أرض]، وتدبير الطاقات المتجددة. وإنها لإشكالات مختلفة عن الإشكالات المعروفة سابقا. كيف ذلك؟ كان الإشكال من قبل محصورا بين طرفين: الشركات المستغلة والعمال المستخدمون لاستخراج المعدن. وإن حصل صراع ما، فهو منحصر بين الطرفين. وأما الصراع اليوم فتخوضه فئات غير منظمة، كأن تكون قبائل منفعلة بشكل كبير، على سبيل الحصر. وبعبارة أخرى، كانت الفئات التي تخوض الصراع يومه فئاتٍ [فئةً] بلغت مستوى كبيرا من الهشاشة، لا لشيء سوى أنها فئات [فئة] غير متعلمة، فوق أنها عاجزة عن تدبير شأنها، ورغم ذلك فهي فئات [فئة] شرسة في الدفاع عن ممتلكاتها، ونتوافر، في الميدان، على عدة نماذج. وحسبنا أن نموذج موقع إيميضر، بإقليم تينغير، معبر للغاية: فالسكان يقولون إن هذه الأرض أرضُنا، والشراكة تواصل الإنتاج وتحصل على الأرباح. وهذه الصورة تبين عدم التكافؤ في العلاقة، وتعكس التوتر، وهي نفس الصورة التي تمثل الموضع المنجمي بوزار، والبلدية، وهي نفسها المجسدة للوضع بخريبكة، وهي الصورة عينها التي تصادفنا في تدبير الملك الغابوي، ولا تختلف عن الصورة نفسها التي يراها السكان بسيدي إفني. ماذا نستفيد من الاستغلال؟ يقول السكان. نستفيد منه التراب والغبار واستنزاف الموارد. إن رد فعل السكان وارد، وهو مصدر التوترات التي نصادفها وسنصادفها مع انطلاق استغلال الطاقة الشمسية. فبعد محطة نور بورزازات ستنطلق محطات أخرى بزاگورة وبومالن دادس، والرشيدية، وميدلت، فالإنتاج قائم والحصول على الأرض بتكلفة بخسة سائد، وردود الأفعال تتصاعد وتتعمق باستمرار. فما الوسيلة الواقية من الصدمة (ضد الصدمة، البارشوك)؟ إنها وسيلة غائبة. فلا دور لمؤسسات نقابية، وأما المؤسسات الحزبية فمهتمة بالشأن الانتخابي في وقته، وبات نشاطها مرحليا. وماذا اكتشفنا في السنوات الخمس الماضية؟.... إذا كانت وظيفة البرلمانية ممارسة التشريع، فإن للمواطن تصورا آخر حول البرلماني.... فالسكان في حاجة إلى الخدمات، حفر بئر، بناء ساقية، ولا يعنيهم تعديل هذا القانون، وإضافة فصل إلى القانون الآخر. فالبرلماني المتصل بالدستور مدعو ليعيش، في الغالب في الحواضر، وقد يجانب البرلمانيون الممثلون لسكان الوسط القروي، في تصور السكان، الصواب ويزيغون، إن هم منقطعون لاختصاصهم الوظيفي. ولا تحمل السلطة، أيضا، تصورا صحيحا حول البرلماني: إنه شخص مرغوب فيه إن تعاون معها لحل المشاكل والنزاعات. ولقد اكتشفتُ هذا التصور، المجانب للوجه المطلوب من البرلماني في محطتين، أولاهما أحداث الريف،... وكان من المفروض أن تنظم هذه الورشة في البرلمان، ولقد لاحظ بعض الإخوان الارتباك الذي صاحب إعدادها، وتبين لنا أن تنظيمها – الورشة- في البرلمان، ستميل إلى التشريع، ونحن نبتغي التساؤل حول أدوار البرلمانيين. وقد تبين اتساع الهوة بين البرلمانيين والمجتمع المدني، وإن ردمها لواجب. وثانيها، الحدث الذي صادف يوم وفاة الطفلة إيديا بالمشكل الصحي في تينغير، يوم 09 من شهر أبريل من العام 2017، وقد حضر أبوها، معنا، السيد إدريس فخر الدين، وهو مناضل حقوقي، كما تعلمون.. تبين من الحدث وقتها أن لدينا دينامية وطنية، حولت القضية إلى قضية وطنية، لكن فعل الوساطة ودور البرلمانيين في الوساطة لم يؤت أكله، إن كان حاضرا. صحيح أن هيئات نشأت تقدم العزاء وتستنكر فعل الإهمال الصحي، لكن الدينامية لم ترق إلى قوة ضاغطة ذات شأن. فالنزاع، كما قال الأستاذ عثمان عوي، في الكلمة الافتتاحية لهذه الورشة قائم، وقد يتفاقم بشكل أكبر، وسيتأسس على إشكال أرض الجموع، وكما قلت حول الشمس، وحول المناجم، فضلا عن المشاكل الأخرى ذات صلة ببعض الحقوق، كنحو الماء والكهرباء. لذا فالحاجة إلى وساطة مؤسسة بات ضروريا. ولقد ركزنا في هذه الورشة على مؤسسة البرلمانيين والمستشارين، وإني لن أتحدث عن البرلمانيين بما هم أشخاص، بل بما هم مؤسسة. ويتوجب تحويلها إلى قوة اعتبارية، تقوم بالوساطة، في غياب الوسطات [جمع وساطة]. فهناك وساطة تقليدية تراجعت وتلاشت، ولم تعد الوساطة المنتظرة من النقابات والأحزاب تؤدى على وجهها. لذلك وجب الانتباه للدور الاعتباري للبرلمانيين، وقد أثرنا هذا الانتباه مع زملائنا في المعهد السويسري لتدبير النزاعات وإرساء السلام Center- æ، وأشكرهم، بالمناسبة، كثيرا على الورشة الأولى، ونحن في نهايتها - الورشة الأولى- ونقر أنه استفاد منها 30 ماهنا جمعويا في مدة 18 شهرا، وكانت خاتمتها تسليم المستفيدين شواهد في تدبير الوساطة،... وحصل في نقاشنا، على هامش حصص التكوين، أن لما لا نربط الجسور مع فئة البرلمانيين والمستشارين.؟ والسبب الثاني، الدور الاعتباري والمؤسساتي داخل المجتمع، وقد ثبت أن البرلمانيين حلقة وصل بين الوطني والمحلي، ويمكن بلورة ما هو محلي بعد الاشتغال عليه، ليحتل مكانه في التشريع. وقد سلف صدور القانون المنجمي،  قبل سنتين على وجه التقدير، وكان أولى بنا، وقد أثرت ذلك  في نقاش مع المستشار الأستاذ لحو المربوح، وقلت بوجوب ترك بصماتنا، بشكل كبير، نحن أبناء الجنوب الشرقي، في القانون لا سيما وأننا منطقة منجمية بامتياز، .... نترك بصماتنا خاصة فيما له علاقة بمصالح السكان. إن الذي حصل اليوم في المناطق المنجمية، أن الشركة تقول، إني أدفع ضرائبي وألتزم بالمطلوب، وتقول الدولة إنها تبيع ما يوجد تحت أرضها، لكن السكان.....[صمت]...صحيح، أن تطورات حصلت على الصعيد العالمي، كأن يحوي مجلس الإدارة تمثيلية عن السكان. وإني أبسط، شذراتٍ، فقط، رجاء أن يكون لقاءنا اليوم انطلاقة، بحضور البرلمانيين، وإن ثلة منهم اعتذروا، وإن خمسة منهم، أو ستة يبسطون أنهم ملزمين بتطوير أي تجربة من نوعها. وينبغي التذكير أننا لما نشأنا نعد الورشة برنامجها، منذ شهر ماي الماضي، أقدم البرلمانيون بالجهة على إنشاء تنسيقية، وإني أخشى أين يظن أحد البرلمانيين أننا ننافسهم، بل العكس، فاهتمامنا بدورهم في الوساطة مضى عليه بعض الوقت. وإن المبادرة لم تتأخر عن وقتها،  فقد حان الوقت الذي يتكتل فيه البرلمانيون، والهيئات الأخرى والمجتمع المدني، وهو تكتل بات أرِبَ الجهة، تكتل يقوي الجهة. وأريد أن أختم بما يلي: إننا نرى، نحن النسيج الجمعوي للتنمية والديموقراطية بزاگورة (RAZDED)، أن المرحلة تتطلب تكثيف جهود المجتمع المدني، والمنتخبين، وإننا نقطن منطقة تمر بمرحلة صعبة، فإن لم نعمل على تكثيف جهودنا، سنخسر الفرصة التي تحزلها المدة الفاصلة بيننا وبين آخر الولاية، فإن لم نكثف جهودنا في ظرف ثلاث سنوات سنزيغ كثيرا عن المسار. وآمل أن يكون لقاءنا نواة فكرية لتنظيم لقاءات أخرى. وإني أنتظر، متمنيا مبادرات أخرى من نوعها، ومن أجناس متعددة، وإني أتمنى أن نستخلص من الورشة أفكارا أخرى ومقترحات».
لحسن ايت الفقيه